أَنْتَ أَبْرَعُ جَمَالاً مِنْ بَنِي الْبَشَرِ،
انْسَكَبَتِ النِّعْمَةُ عَلَى شَفَتيْكَ
( مزمور 45: 2 )
سيدي وربي ما كان لك أن تُحسَب بين البشر وأنت خالق البشر، صورة الله غير المنظور، بهاء مجد اللاهوت وذات جوهره مرسومًا محددًا منظورًا مُدركًا. أنت الذى لم تَحسِب خلسةً أن تكون مُعادلاً لله. أنت السرمدي وسنوك لن تفنى. الخالق العظيم مَن به وله الكل قد خُلق. أنت مَن نخشع أمام لاهوتك، ما أجملك سيدي داخلاً ساحة البشرية من بوابة التجسد والبنوة الإلهية. نسجد أمام أصلك يا ابن الله ونخشع أمام الأبواب الدهريات للحَبَل العذراوي لدخولك بين بني البشر سيدي!
ما أجملك سيدي في اتضاعك وأنت غير مُكتفِ بنزولك إلى بيدر المسكونة؛ خالعًا بهاء المجد مُخليًا ذاتك، لابسًا جسم بشريتنا الضعيف مشاركًا إيانا في اللحم والدم، لكنك أيضًا أخذت صورة العبد إذ لم تأتِ لتُخدَم بل لتَخدِم. ما أجمله اتضاعًا! وما أجملك وأنت في أعماق الاتضاع والسيد الرب يحفر لك أُذنًا لتسمع كالمتعلِّمين، بل نتابعك كل صباح سيدي؛ كعبد يهوه الكامل الجالس مع إلهه في هدوءٍ تام سامعًا لصوت سيده صانعًا مشيئته بالتمام! ما أجملك أيها المتضع الوحيد وسط البشر، وأما البشر أجمعون فمِن التراب مخلوقون. وطوبانا لو لم ننسَ أصلنا!
بمَن نقارن جمالك سيدي؟ بآدم الإنسان الأول الوحيد صناعة الله، مَنْ عصى الله في جنة غنَّاء وسمع لامرأته، لكنك أنت الوحيد سيدي الذي لم تسمع إلا لصوت أبيك، ومجَّدته تمامًا في أرضٍ ملعونة. بمَن تُقَارن سيدي: بموسى أحلم البشر يوم فَرَطَ بشفتيه دون محاكمة أو سيوف أو عصي، وأنت النعجة الصامتة أمام جازيها في أشرس محاكمة ضبطت شفتيك تمامًا؟ مَنْ يُدانيك سيدي: إيليا أبو النبوة وأشجع البشر، مَنْ قتل 400 من أنبياء البعل، ولكنه خاف من امرأة ساقطة شريرة، وأما أنت فنراك متقدمًا سائلاً: «من تطلبون؟» «إني أنا هو» .. حقًا «أنت أبرع جمالاً من كل بني البشر»!
وأما عن نعمتك المنسكبة على شفتيك إذ سمعك المُعلِّمون في مجمع كفرناحوم بُهتوا من سلطانها. ولما سمعك الأُميون فى مجمع الناصره تعجبوا من طبيعة نعمتك المتدفقة من فمك. ولمَّا أتى رُسل الكتبة والفريسيين ليقبضوا عليك (يو7) قبضت عليهم بكلمات نعمتك، وملأت قلوبهم نعمة، ففاضت لرؤسائهم قائلة: «لم يتكلم قط إنسانٌ هكذا مثل هذا الإنسان». جاءوا يطلبون نفسك ورجعوا ساجدين لشخصك. فيا لها من نعمة تفيض بالاحسان!