admin
نشر منذ سنتين
6
القديس مرقس الرسول

مارمرقس الرسول وكيف أدخل المسيحية لمصر؟

القديس مارمرقس الرسول مؤسس الكرازة المرقسية فى مصر، ونحن مدينون له بأنه أول من كرز بالإيمان فى مصر، وهو أول من كتب لنا إنجيلا يسجل فيه حياة السيد المسيح ومعجزاته.

حول نشأة مارمرقس


القديس مارمرقس الرسول هو يهودى من سبط لاوى، نشأ فى أسرة متدينة، أبوه يدعى أرسطوبولس ابن عم “أو عمة القديس بطرس الرسول ” ولد مرقس فى مدينة القيروان أحد الخمس مدن الغربية من أسرة ميسورة الحال، تعلم اللغات اليونانية واللاتينية والعبرية، فأتقنها جميعا، وتذكر بعض المصادر التاريخية أن القبائل الهمجية المتبربرة هجمت على أملاك أسرته فى القيروان ونهبتها، وكان ذلك فى عهد أغسطس قيصر، فهاجرت الأسرة إلى فلسطين، وتروى بعض كتب التاريخ أنهما كانوا سائرين فى الطريق تقابلا مع أسد، فقال له والده أهرب يا أبنى لتنجو بنفسك، وأتركنى أنا ليلتهمنى الوحش، فقال مرقس لأبيه إن المسيح الذى بيده نسمة كل واحد فينا هو ينجينا، ثم صلى قائلا “أيها السيد المسيح أبن الله اكفف عنا شر هذين الوحشين” فاستجاب الله لصلاته وانشق الوحشان وهناك تقابل الأسرة مع السيد المسيح، فصار بيته هو أول كنيسة فى العالم، ففيه تم العشاء السرى، وفيه حل الروح القدس على التلاميذ فى يوم الخمسين، ويذكر التقليد الكنسى أن الرجل الحامل جرة الماء الذى أشار أليه الانجيل هو مارمرقس الرسول نفسه “مر14 :13-15، لو 22 :10-12”. ويعتبر الأسد هو رمز مارمرقس لعدة أسباب يرصدها ماجد قائلا:
1- قصة المعجزة التى حدثت مع الأسدين.
2- الآية التى وردت بإنجيله “صوت صارخ فى البرية”.
3- لأن إنجيله يمثل السيد المسيح فى جلاله وملكه على اعتبار أنه يمثل “الأسد الخارج من سبط يهوذا “رؤ 5 :5”



حول دور مارمرقس الرسول فى دخول المسيحية ارض مصر

عندما وصل مارمرقس الرسول إلى الإسكندرية كانت تعتبر العاصمة الثقافية للعالم كله، ففيها مدرسة الإسكندرية بمكتبتها العالمية الشهيرة، وفيها الديانة الفرعونية بكل آلهتها إيزيس وأوزيريس وحورس وآمون وإبيس وحتحور تحت زعامة رع كبير الآلهة.

وفيها أيضا العبادة اليونانية تحت زعامة “زيوس “كبير آلهة الأغريق، وحدث نوع من التقارب بين العبادتين كانت من نتائجها عبادة الإله الوثنى العظيم “سيرابيس” وفيها أيضا العبادة الرومانية تحت زعامة “جوبيتر “كبير آلهة الرومان، وفيها أيضا العبادة اليهودية، وتمت فيها الترجمة السبعينية للكتاب المقدس فى عهد بطليموس فلادلفيوس.

وتعددت الآراء التى تذكر تاريخ مجىء مارمرقس الرسول إلى مدينة الإسكندرية، ولكن الأغلب الأعم أن مارمرقس الرسول قد جاء إلى الإسكندرية بين عامى 60، 61 م تقريبا.

والقصة المعروفة لنا جميعا أنه بينما كان يتجول على البحر مفكرا ومتأملا من أين يبدأ فى هذه المنطقة، تمزق حذاءة فذهب إلى إسكافى يدعى “انيانوس ” وفيما هو يصلح حذاءه فجاة دخل المخراز فى يده فصرخ قائلا: “ايس ثيئوس “اى”يا الله الواحد، فتفل مارمرقس على الطين وطلى به يد انيانوس فشفى فى الحال، فطلب انيانوس من مارمرقس أن يزوره فى المنزل، فزاره هو وأسرته وكلمهم عن السيد المسيح حتى آمن أنيانوس هو وأهل بيته أجمعين .

هل تبحث عن  أبو سالم الملطي

وبعدها قام مامرقس بتأسيس مدرسة لاهوتية لمواجهة المدرسة الوثنية، وعهد بإدارة المدرسة إلى القديس يسطس الذى صار الأسقف السادس لمدينة الإسكندرية، كما قام بوضع القداس الإلهى، ثم سام انيانوس أسقفا حوالى عام 62م تقريبا، كما سام معه ثلاثة من الكهنة وسبعة من الشمامسة وحول تأسيس مدرسة الإسكندرية اللاهوتية جاء بالدراسة عندما حضر مارمرقس الرسول إلى الإسكندرية، كانت الإسكندرية مركزا هاما للثقافة الوثنية، فمن مدرستها الشهيرة تخرج العديد من الفلاسفة والعلماء، كما خرجت منها الترجمة السبعينية للكتاب المقدس Septuagint، فكان لزاما على القديس مرقس الرسول مواجهة هذه المدرسة فأسس مدرسة لا هوتية كان التعليم فيها يقوم على طريقة السؤال والجواب Catechism وكان يدرس فيها إلى جانب اللاهوت الفلسفة والمنطق والطب والهندسة والموسيقى، وأول مدير لهذه المدرسة هو العلامة يسطس “وهو البطريرك السادس “ثم أومانيوس “البطريرك السابع “ثم مركيانوس” البطريرك الثامن ” وياروكلاس “البطريرك الثالث عشر ” وديونيسيوس “البطريرك الرابع عشر”.

ومن أشهر علماء هذه المدرسة العلامة أثيناغورس، والقديس بنتينوس، والقديس كليمندس السكندرى، والعلامة أوريجانوس، والقديس ديديموس الضرير.

وحقد الوثنيون كثيرا على مارمرقس بسبب نجاحه الشديد فى جذب النفوس إلى الإيمان المسيحى، وفى ليلة 29 برمودة 68م، كان المسيحيون يعيدون بعيد القيامة، وتصادف فى نفس الليلة كان الاحتفال الوثنى بعيد الإله سيرابيس، فهجم الوثنيون على الكنيسة، وسحلوه فى شوارع الإسكندرية كلها حتى تخضبت الأرض بالدماء الطاهرة التى لمارمرقس، ثم سجنوه فى سجن مظلم حتى الصباح.

فقضى مارمرقس الليلة فى السجن وهو مهشم الجسد، ولكن روحه كانت متعلقة بالرب، فظهر له ملاك الرب ليقويه ولمسه وقال له “يا مرقس أيها الخادم الصالح: قد أتت ساعتك، وستنال مكافأتك حالا، تشجع فقد كتب أسمك فى سفر الحياة”.

وبمجرد أن اختفى الملاك ظهر له السيد المسيح وقال له “يا مرقس، ياتلميذى، يا إنجيلى، ليكن السلام لك” وفى صباح الغد 30 برمودة رجع الوثنيون مرة أخرى، وأخذوه من السجن وربطوا عنقه بحبل غليظ، وكرروا ما فعلوه فى الليلة السابقة، وهو فى كل ذلك كان يصلى طالبا لهم المغفرة، وأخيرا قطعوا رأسه ونال أكليل الشهادة ونال معه ثلاثة أكاليل هم: إكليل الشهادة، إكليل الرسولية، اكليل البتولية، على أن موته لم يهدىء ثائرة الوثنيين وحقدهم، ففكروا فى حرق الجسد الطاهر فجمعوا حطبا كثيرا، وأعدوا نارا لحرقه، ولكن فى تلك اللحظة هبت عاصفة شديدة مصحوبة بمطر غزير، فتفرق الشعب وأنطفأت النيران .فأتى مجموعة من المؤمنين ووحملوا جسد، وصلى عليه خليفته القديس انيانوس مع الأكليروس والشعب كله، ودفنوه فى قبر نحتوه له داخل الكنيسة، وفى نفس مكان دفنه استشهد القديس بطرس خاتم الشهداء “البطريرك السابع عشر”.

هل تبحث عن  تسبحة زكريا الكاهن

فى سنة 310 م رأس القديس مارمرقس الرسول

ظل جسد مارمرقس ورأسه معا فى تابوت واحد حتى عام 644م، وكان هذا التابوت محفوظا فى كنيسة بوكاليا “دار البقر” وكانت تطل على الميناء الشرقى للإسكندرية، ولما حدث الانشقاق المسكونى عام 451م، ونفى البابا ديسقوروس من كرسيه، تعرضت الكنيسة لاضطهاد مريع من أصحاب الطبيعتين، فاستولى الملكانيون على كنائسنا ومنها كنيسة بوكاليا، ويذكر سنكسار 8 طوبة أن رئيس المراكبية دخل الى الكنيسة ووجد رأس القديس مارمرقس فأخذها وخبأها فى مركبه، وعندما عزمت المركب على المسير، تقدمت المراكب كلها وخرجت من الميناء ما عدا المركب التى يوجد بها الرأس المقدس، فأمر عمرو بن العاص بتفتيش المركب، فوجدوا الرأس مخبأ، فلما أخرجوه حالا سارت المركب، فاستحضر عمرو بن العاص من كان سببا فى سرقة الرأس ووبخه توبيخا شديدا، ثم سأل عن بابا الأقباط ولما علم أنه هارب من الاضطهاد البيزنطى أمر بعودته فورا وأعطاه الأمان، ثم سلمه الرأس المقدسة وأعطاه 10 آلاف دينار لبناء كنيسة عظيمة على اسم صاحب الرأس.

وهكذا أصبح الرأس مع الأقباط والجسد مع الروم، إلى أن جاءت حادثة سرقة الجسد عام 828 أو 829 م تقريبا أن أتصل أحد البنادقة بالكهنة اليونانيين حراس الكنيسة، وعندما طلب حراس المركب تفتيش السفينة غطوها بمجموعة كبيرة من الخنازير، ولما كان البحارة يعتبرون الخنزير حيوان نجس، تركوا السفينة وبذلك تم تهريب الجسد إلى فينيسيا، وبنوا له كنيسة كبرى تعتبر من أفخم كنائس العالم، وتبارى فى بنائها كبار فنانين العالم وزينوها بلوحات فنية رائعة.

فى عام 1968 تمت اتصالات بين البابا كيرلس السادس والبابا بولس السادس لإرجاع جزء من رفات مامرقس، وفى البداية رفض بطريرك فينسيا العرض جدا وقال أن جسد مارمرقس هو مجد فينسيا، فتوسط البابا بولس السادس فى الأمر وطلب اقتسام الجسد بين الكنيستين، فوافق بطريرك فينسيا على منح جزء من الرفات للكنيسة القبطية، وسافر وفد من الكنيسة القبطية إلى روما لتسلم الرفات يوم السبت الموافق 22 يونيه 1968، وتسلموا الرفات من البابا بولس السادس حتى عادوا بالجسد إلى القاهرة يوم الإثنين، وفى يوم الأربعاء الموافق 26 يونية تمت إقامة أول قداس فى الكاتدرائية المرقسية بالأنبا رويس وبعدها تم إيداع الجسد أسفل المذبح ومازال محفوظا هناك حتى الآن.



رحلة كرسى مارمرقس من الإسكنرية إلى العباسية

بدأ الكرسى المرقسى من الإسكندرية أولا، ومنذ القرن الحادى عشر وفى عهد البابا خريستوذولوس البطريرك 66 “1047- 1077” تم نقل الكرسى المرقسى إلى كنيسة المعلقة، ومن المعلقة نقل إلى كنيسة أبو سيفين بمصر القديمة.

ومن القرن الرابع عشر وحتى القرن السادس عشر نقل إلى كنيسة العذراء حارة زويلة . ثم نقل بعدها إلى كنيسة العذراء حارة الروم .

هل تبحث عن  الخدمة فى فكر الآباء الأولين الأنبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة

ومنذ عام 1799 وحتى عام 1971 نقل إلى الكنيسةالمرقسية بكلوت بك ومدفون بها الآباء البطاركة “البابا مرقس الثامن – البابا بطرس السابع “الجاولي” – البابا كيرلس الرابع “أبو الإصلاح ” – البابا ديمتريوس الثانى – البابا كيرلس الخامس – البابا يوأنس التاسع عشر – البابا مكاريوس الثالث – البابا يوساب الثانى”.

وفى عهد قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث “نيح الله نفسه فى فردوس النعيم” نقل الكرسى المرقسى إلى أرض الأنبا رويس بالعباسية ومازال بها حتى الآن.

إنجيل مرقس


أجمع معظم علماء الكتاب المقدس أن أنجيل القديس مرقس هو أقدم الأناجيل، ولقد ذكر ابن كبر انه كتب فى سنة 45م، والقديس ايريناوس أسقف ليون يذكر أنه كتب بعد استشهاد بطرس وبولس الرسولين أى بعد سنة 67م، كما ذكر القديس يوحنا ذهبى الفم أن الانجيل كتب فى مصر، ولقد كتب القديس مرقس انجيله للأمم، والأدلة على ذلك هى:

أ‌- ترجمته للكلمات الأرامية التى كان يستخدمها مثل :- بوانرجس “ابنى الرعد” “3 : 17” وطليثا “صبية “5 :14” وأن كلمة “أفثا “معناها “أنفتح ” والوى الوى لما شبقتنى ومعناها “إلهى إلهى لماذا تركتنى ” “15 :34” و”جلجثة “معناها “جمجمة”


ب‌- شرح عادات اليهود وأماكنهم وطوائفهم: مثل أيدى نجسة معناها “غير مغسولة ” وعندما تكلم عن الصدوقيون قدمهم للقاريء الرومانى بمعنى “الذين يقولون ليس قيامة”

ج- قلة اقتباسه من العهد القديم

د- عندما علم أن الرومان أهل عمل لا فكر، قدم لهم المسيح فى عمله وقوته، واهتم بتسجيل أعماله أكثر من أقواله فسجل “سلطانه على الشياطين – سلطانه على الأمراض – سلطانه على الطبيعة .. الخ”.

ومن أحدث الكتب التى صدرت أخيرا عن القديس مارمرقس الرسول، كتاب “مارمرقس كاروز الديار المصرية” والصادر عن “مؤسسة القديس مرقس لدراسات التاريخ القبطى” وهو مجلد ضخم يقع فى حوالى 259 صفحة تقريبا من الحجم الكبير.



ويضم العديد من الأبحاث والدراسات القيمة مثل “سيرة مامرقس وكرازته فى العالم للدكتور أشرف إسكندر صادق – مارمرقس والهوية القبطية للدكتور صموئيل قزمان معوض – النسخة القبطية فى إنجيل مرقس الرسول للأستاذ هانى تكلا – العلم اللاهوتى فى إنجيل مرقس الرسول – للأب باسيليوس المقارى – القديس مرقس فى الليتورجية القبطية للدكتور يوحنا نسيم يوسف – القديس مرقس الإنجيلى فى التقلييد الأثيوبى الأريترى للأب تادرس أبرها – القديس مرقس فى التراث العربى المسيحى للأب وديع عوض – مارمرقس فى الفن القبطى للدكتور جودت جبرة – مارمرقس الرسول والخمس مدن الغربية للدكتور إسحاق إبراهيم عجبان: وتتصدر الكتاب مقدمة لقداسة البابا تواضروس الثانى – أطال الله حياته وثبته على كرسيه سنين عديدة وأزمنة سالمة مديدة.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي