مار توما الرسول

مار توما الرسول

الخوراسقف فيليكس الشابي

الاسم: توما اسم ارامي يعني التوأم، وباليونانية يقال له “ديدمس” ويذكر هكذا عدة مرات في انجيل يوحنا. حسب التقليد الكنسي هناك تفسيرين لمعنى الاسم: الاول انه كان يشبه الرب يسوع كثيرا فسمي بالتوأم، اي شبيه الرب. والثاني ان كان له اخا توأما فعلا وهو مار ادي الرسول احد التلاميذ الاثني والسبعين.
مار توما والرسل الاثني عشر: مار توما هو احد الرسل الاثني عشر لا يعرف الكثير عن تاريخه. ويعتبر من اول مبشري بلاد المشرق (تركيا والعراق وايران وسوريا) وبلاد الهند. يأتي ذكره في سلسلة الرسل الاثني عشر عند: متى (10: 1-4) ومرقس (3: 16- 19) ولوقا (6: 14- 16) ويحوز فيها على الترتيب (7 او 8). اذ ياتي ذكره الى جانب مار متى الرسول، وفي اعمال الرسل (1: 13) ياتي الى جانب فيليب. أما في انجيل يوحنا فيأتي ذكره في المرتبة الثانية بعد مار بطرس مباشرة (يو 21: 2) دلالة على اكتسابه اهمية ومكانة في الكنيسة الاولى.
مار توما في العهد الجديد: مذكور في عدة حوادث قبل قيامة ربنا يسوع المسيح ولكن خاصة بعدها.
1- قصة اقامة لعازر من الاموات (يوحنا 11). قبلها قرر يسوع العودة الى بيث عنيا لاقامة لعازر، رغم ان اليهود كانوا قد تاججوا على قتله للمرة الثانية (يو 10: 39). في هذا المشهد ينصحه التلاميذ بعدم الذهاب الى اليهودية بسبب الوضع، فقال توما لهم: “فلنمض نحن ايضا لنموت معه” (يو 11: 16)، وهي تعني ان توما كان حاضرا ان يطيع يسوع في كل شيء ولا يهتم لما سيحدث بعد ذلك.
2- في العشاء الاخير (يو 13- 17): في قصة العشاء الاخير الطويلة عند يوحنا يتكلم يسوع مع تلاميذه ويخبرهم انه ذاهب ليعد لهم منازل في بيت ابيه، ويقول “انتم تعرفون الطريق الى حيث انا ذاهب” فيقول توما: “يارب اننا لا نعرف الى اين تذهب، فكيف نعرف الطريق؟” (14: 5). فيجعل يسوع ينطق بهذه الكلمات الرائعة التي صارت منهاج حياة لملايين البشر: “انا هو الطريق والحق والحياة” (4: 6).
3- ظهور يسوع للتلاميذ بعد القيامة في العلية (يو 20: 19 – 29): يلقب توما بعد هذه الحادثة بتوما الشكاك، اذ يقول للتلاميذ انه لن يؤمن بكلامهم مالم يرى يسوع بنفسه. وهكذا ياتي يسوع في الاحد الثان ي المسمى في عموم الكنائس “بالجديد” واذ يقول له يسوع “هات اصبعك وهات يدك ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً” يصرخ توما باعلانه الايماني الفريد: “ربي والهي”. وهنا يصبح توما مرة اخرى رمزا لنا وينال الطوبى لنا من فم الرب: “لأنك رأيتني يا توما آمنت، طوبى للذين لم يرونني وآمنوا”. بعد القيامة كانت الجروح هي العلامة المميزة ليسوع، ولكن توما بموقفه يعكس لنا مدى محبة وتضحية يسوع من اجنا.
لولا إنجيل يوحنَّا لما كنَّا عرفنا شيئًا عن توما الرسول. ولكنَّ التقليد اللاَّحق عوَّض الكثير. تحدَّث عنه الوعَّاظ، وأنشده الشعراء. كُتبت سيرته في “أعمال توما”، ودُوِّن إنجيل ارتبط به فانتقل من العالم الاراميّ إلى اليونانيّ والقبطيّ، بانتظار أن يصل إلى العالم كلّه، فيقدّم نظرةً معرفيَّة ما زالت آثارها حاضرة في القرن الحادي والعشرين.
مار توما الرسول
مار توما في تقليد كنيسة المشرق الكلدانية، الاثورية، الهندية: ان اغلب مؤرخي الكنيسة يعتبرون مار توما مؤسس المسيحية وواعظها الاول في بلاد النهرين وما يحيطها! من المؤكد بأن مار توما بشر في بلاد لهند وانه استشهد هناك ايضا، ويقول اوسابيوس اسقف قيصرية (ق 4) يقول: “ان توما بشر في بلاد فارس وهو في طريقه الى الهند”. فطريقه يكون اذن من اورشليم الى دمشق ثم بين النهرين العليا وبلاد فارس ومنها طريق البحر الى الهند.
كتاب اعمال توما القرنين 3-4: نظرا لمكانة واهمية توما التي تتبين في العهد الجديد الى جانب مار بطرس الرسولن ظهرت باسمه عدة مؤلفات هي غير رسمية في الكنيسة منها (اعمال توما) و(انجيل توما). يروي لنا كتاب اعمال توما قصة مار توما في بلاد فارس وفي الهند حتى استشهاده. لقد كان مار توما مثله كمثل الرسل الاثني عشر بأنتظار الوجهة التي سينطلق اليها للبشارة. يروي الكتاب بأن قرعة اجريت بين التلاميذ فكانت بلاد الهند من نصيب مار توما وروما من نصيب مار بطرس. وإذ يحاول توما التنصل من الذهاب الى الهند مثلما حاول يونان النبي التنصل من الذهاب الى نينوى. قال للرسل بأنه سينتظر مدة يومين ويبتهل للروح ليعرف مشيئة الرب في رسالته. هكذا بعد انقضاء هذين اليومين وصل تاجر هندي الى اورشليم ليأخذ مار توما معه ليبشر في بلاده.
توما هو نجار ومهندس معماري يتكلم مع التاجر في الطريق عن نفسه وبراعاته، فيأخذه التاجر حال وصوله الى الملك، فيفرح به الملك جدا ويطلب منه ان يبني له قصرا فخما. يستلم توما مالا كثيرا من الملك ويوعده بان قصره سيكون جاهزا مع نهاية الشتاء! في هذه الاثناء يستهل توما التبشير بسكان القصر وصولا الى الفقراء والمعدمين ويبدأ يصرف المال للمحتاجين. حل شهر نيسان وطلب الملك رؤية قصره فذهب مع اخيه ومع توما لمعاينة المكان فلم يجدا شيئا. وغضب الملك وارسل توما الى السجن وأمر بقتله. ويذكر الكتاب اعاجيب كثيرة اجراها توما في الهند قبل مقتله حتى ان قسماً من الجنود الذين أخذوه الى القتل اهتدوا للمسيحية. تقدم احد الجنود وضرب قلبه بالرمح فأرداه قتيلا. بعدئذ اخذ جسد توما ودفن في المقبرة الملكية. وبعد فترة تمرض احد ابناء الملك فنصح اهل البلاط ان ياخذ الملك ابنه الى قبر توما ليتبارك بعظامه فيشفى من دائه. وأذ وصل الملك بأبنه الى قبر توما مع حاشيته ورفع الحجر عنه لم يجدوا اثراً له. هنا يذكر الكتاب بان “احد الاخوة قد حمل رفاته الى الشرق”. هذا يؤكد لنا العلاقة القوية ما بين مار توما وبين كنيسة المشرق. ولما أخذ الملك قليلا من التراب الذي في القبر ووضعه على ابنه شُفي في الحال فأمن الملك هو ايضا بالمسيحية. عبر نتعلمها من مار توما: – توما يعلمنا الامان وسط القلق. وبان كل شك او سؤال من اجل الفهم يقودنا الى حقائق اكثر نورا من الظلام الاول.
– وايضا ان كلمات يسوع الموجهة له تذكرنا بالمعنى الصحيح للايمان الناضج، ويعلمنا على الاصرار رغم كل الصعاب التي ترافق مسيرتنا في السير وراء يسوع.
– ويوصينا بان لا نفترق ابدا عن يسوع، ونظل في رفقته على الدوام.

هل تبحث عن  من وصايا المسيح لنا

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي