ما هو المُلك الألفى؟ وما هو معناه الحقيقى؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الأختلافات مع الطوائف, البروتستانت, الحكم الألفي, اللاهوت المقارن, عقيدة
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ7 – الأخرويات والحياة بعد الموت – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هو المُلك الألفى؟ وما هو معناه الحقيقى؟

أشار سفر الرؤيا بأن ربنا يسوع سيحكم على الأرض لمدة ألف سنة (رؤ 20: 1 – 15)، خلال هذه الفترة يُقيد الشيطان الذى دخل قبل ذلك فى معركة ضد الكنيسة، وأنه هو وملائكته وأتباعه سيُهزمون فى معركة هرمجدون. وقد سقط البعض فى هذا الفكر إذ لم يميزوا بين ما ورد فى سفر الرؤيا رمزياً وبين تفسيره بطريقة مادية حرفية. قاوم هذا الفكر الخاطئ أوريجينوس[59] والقديس ديونيسيوس السكندرى[60] وميثوديوس من أولمبيا[61] والقديس غريغوريوس النزينزى[62] القديس أبيفانيوس أسقف سلاميس[63]، والقديس جيروم[64] والقديس أغسطينوس[65].

هذا الاعتقاد يتبناه يهوه إذ يعتقدون أن المسيح سيحكم مادياً لمدة ألف سنة ويقيم مملكة أرضية. وهم يجحدون التعليم الخاص بالثالوث القدوس والأسرار الكنسية وتكريم القديسين.

يليق بنا ونحن ندرك أن سفر الرؤيا يحجب الأسرار الإلهية بالرموز، هذا يدعونا إلى الآتى:

أولاً: واضح أن مدة الألف سنة رمزية. يقول القديس بطرس: “ولكن لا يخف عليكم هذا الشئ الواحد أيها الأحباء أن يوماً واحداً عند الرب كألف سنة وألف سنة كيوم واحد” (2 بط 3: 8). الألفية الكتابية تشير إلى نُصرة الكنيسة وتحقيق الرسالة الإنجيلية على كل الأرض، وهى نبوة عن تحقيق مُلك الله على القلوب حيث يُقيد إبليس ويضعف للغاية أمام قبول الإيمان الحقيقى، واستنارة كل الأمم بالإنجيل فى آخر الأزمنة.

هل تبحث عن  الذين شاهدوه وسمعوه في إقامة لعازر

ثانياً: هذه الألفية سيحطمها إبليس إذ تُفك قيوده إلى حين فى زمن ضد المسيح، غير أن السيد المسيح فى مجيئه الثانى سيدين إبليس وملائكته الأشرار وخدامه. بعد الدينونة الأخيرة سيتمتع المؤمنون بملكوت الله الكلى التطويب، بينما يُطرد غير المؤمنين الذين أصروا على عدم التوبة.

ثالثاً: حين اتهم الوالى بيلاطس السيد المسيح أنه أقام نفسه ملكاً، لم ينكر السيد أنه ملك، ولكنه قال له: “مملكتى ليست من هذا العالم” (يو 8: 26)، فهل سيتراجع ملك الملوك ورب الأرباب (رؤ 19: 16) ليقيم نفسه ملكاً فى مملكة أرضية؟

رابعاً: يحذرنا سفر الرؤيا من الانحراف عما ورد فيه. “لأنى أشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب: إن كان أحد يزيد على هذا، يزيد الله الضربات المكتوبة فى هذا الكتاب. وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة، يحذف الله نصيبه من سفر الحياة، ومن المدينة المقدسة، ومن المكتوب فى هذا الكتاب. يقول الشاهد بهذا:” نعم! أنا آتى سريعاً “. آمين. تعال أيها الرب يسوع. نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم. آمين” (رؤ 22: 18 – 21).

كان مجئ السيد المسيح القادم والأخير يشغل ذهن الكنيسة الأولى فى تمتعها بكلمة الله وفى عبادتها وفى إرشاداتها. بكون هذا الحدث القادم هو بلوغ بالتاريخ البشرى إلى قمته، حيث يظهر السيد المسيح على السحاب، ويحمل كنيسته التى تضم جميع المؤمنين من آدم إلى آخر الدهور إلى حضن الآب، للتمتع بشركة الأمجاد الأبدية. إنه يوم الرب العظيم كما يدعوه الكتاب المقدس حيث تنفتح عيون السمائيين والأرضيين لاكتشاف قمة الحب الإلهى الفائق المُقدم للبشرية المقدسة، والتى تدخل فى شركة مع السمائيين على مستوى فائق أبدى، ويتهلل السمائيون والأرضيون بهذا الحب الإلهى الذى يوحد الجميع معاً[66].

هل تبحث عن  تأمل فى المزمور السابع عشر " أما أنا فبالبر انظر وجهك "

لسنا نكرز بمجئ واحد للسيد المسيح بل بمجيئين، المجئ الأول إذ جاء كلمة الله متجسداً ليقدم لنا الخلاص المجانى بالصليب، والمجئ الثانى والأخير فيه يكون السيد المسيح بمجد أعظم من الأول. المجئ الأول أظهر حبه وصبره وطول أناته على البشرية كلها. والثانى يُحضر معه إكليل مملكته الإلهية.


[59] De Principiis 11: 2: 2 PG 24: 11: ½.

[60] Eusubius: c. pis 24: 7: 4 PG 693: 20.

[61] Epist. 102 tp Cledonius. PG197: 37.

[62] Epist. 4: 263 PG 980: 32.

[63] Against Heresies 36: 77 – 39 PG 697: 42.

[64] Comm. Isaiah 26: 30′ 2: 54.

[65] City of God 7: 20.

[66] – للكاتب: الحب الإلهى، 2010، ص1157 – 1158.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي