كارت التعريف بالسؤال
البيانات | التفاصيل |
---|---|
التصنيفات | أسئلة وأجوبة, الكنيسة و الدولة, قسم التاريخ |
آخر تحديث | 11 أكتوبر 2021 |
تقييم السؤال | من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية |
ما هو موقف الكنيسة من السلطات المدنية والقضائية والعسكرية؟
نادت المسيحية بالطاعة للسلطات والخضوع للدولة كما ركزت على السلام الداخلى والغفران للمخطئين، وعدم استخدام السيف ضد المقاومين، فإن المؤمن يلزمه أن يُطبق هذه الوصايا، مشتهياً أن يُقدم الحب حتى للأعداء المقاومين وذلك بعمل روح الله القدوس فيه. يقول الرسول بولس: “لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة، لأنه ليس سلطان إلا من الله والسلاطين الكائنة هى مُرتبة من الله. حتى أن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله، والمقاومون سيأخذون لأنفسهم دينونة. فإن الحكام ليسوا خوفاً للأعمال الصالحة بل للشريرة. أفتريد أن لا تخاف السلطان؟ افعل الصلاح فيكون لك مدح منه” (رو13: 1 – 3). “فأطلب أول كل شئ أن تُقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لأجل جميع الناس. لأجل الملوك وجميع الذين هم فى منصب، لكى نقضى حياة مطمئنة هادئة فى كل تقوى ووقار. لأن هذا حسن ومقبول لدى مخلصنا الله” (1تى2: 1 – 3). هذا وقد اختلف تطبيق هذه الوصايا حسب الظروف التى يعيش فيها المؤمنون وقامتهم الروحية.
كانت الكنيسة فى الشرق والغرب تحمل فكراً انقضائياً حياً، فالكل يترقب مجئ السيد المسيح الأخير بفرح وبهجة قلب، مما دفع المؤمنين إلى تنازلات كثيرة بفرح من أجل المجد المنتظر، ولفتت انتباه الوثنيين بالحب واللطف إلى الحياة الإيمانية الحية، مهما كانت التكلفة.
اتسم المسيحيون بحُبهم للبشرية كلها، حتى للمقاومين والمُضطهدين لهم. غير أن كثيراً من القادة والشعب كانوا يرفضون أو على الأقل لا يستريحون للالتحاق بالجيش الرومانى، ليس بدافع الكراهية للجيش، ولا عن عصيان للسلطات، وإنما لأجل سمات الجيش فى تلك الأوقات، وهى:
أ. لم تكن الجيوش الرومانية فى فترات كثيرة منشغلة بالدفاع عن الإمبراطورية الرومانية قدر ما كانت تُكرس أغلب طاقاتها لتحطيم الإيمان المسيحى وإبادة المسيحيين أو إلزامهم بالعبادة الوثنية. وضع العلامة أوريجينوس العبادة الوثنية مع اللصوصية كخطايا عامة كانت فى الجيش[136]].
توجد حقيقة هامة وهى أنه منذ عصر نيرون (54 – 68) إلى عصر قسطنطين (306 – 337) كانت ممارسة الحياة المسيحية غالباً ما تُعتبر جريمة عقوبتها الموت. بالنسبة للمسيحى يستطيع الإنسان المدنى الهروب بطريقة أسهل من الجندى المسيحى. إذ لم يكن ممكناً للجندى أن يرفض ممارسة العبادة الوثنية. لهذا فإن نسبة الشهداء الجند والقادة تُعتبر مرتفعة عنها بين المدنيين وإن كانت نسبة تعداد العسكريين المسيحيين قليلة.
ب. اتسم الجيش الرومانى بالعنف واغتصاب الغير والتهور. هذا ولم يكن يُسمح للجنود أن يمارسوا حياتهم الزوجية أو أن يتزوجوا، لهذا كان أمامهم أحد اختيارين: إما العفة الإلزامية أو الزنا[137].
ج. كانت الكنيسة الأولى ترفض الدخول فى الحياة السياسية[138]. فى رد العلامة أوريجينوس بن لاونديوس الشهيد على صلسس كتب: [مجلس الشيوخ الرومانى، والأباطرة المتعاقبون، والجيش، والشعب، وأقرباء المؤمنين من الدرجات الأولى، الكل يتآمرون لتدير الكنيسة[139]]. كما كتب مُعلّمه القديس إكليمنضس السكندرى عن اضطهاد الدولة الرومانية للمسيحيين لا لجريمة ارتكبوها وإنما لأجل إيمانهم[140].
تؤكد الرسالة إلى ديوغنيتس أن الاستشهاد لم يُحطم المسيحية، بل به زاد عدد المسيحيين[141].
ويقول العلامة ترتليان إن دم الشهداء هو بذرة المسيحيين[142].
[136] Everett Ferguson, Scholer and Finney: Studies in Early Christianity, vol. 16, Christian Life: Ethics, Morality, and Discipline in the Early Church, p. 200 – 201.
[137] Everett. P. 227.
[138] Everett. P. 200.
[139] Contra Celsus 3: 1.
[140] Strom. 11: 4.
[141] Ad Diogn. , 7.
[142] Tertullion: Apology 13: 1.