ما هي أهم العطايا والمواهب التى يهبها الروح القدس؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الحياة الروحية المسيحية – اللاهوت الروحي, ثمار الروح القدس
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ2 – العقائد المسيحية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هي أهم العطايا والمواهب التى يهبها الروح القدس؟

يمكن تقسيم مواهب الروح إلى مواهب خلاصية، ومواهب تقوية، ومواهب للكرازة والشهادة. أما فى الواقع العملي فيصعب الفصل بين هذه المواهب وبعضها البعض، فإن حياة المؤمن وحدة واحدة لا تتجزأ، وخلاصنا فى جوهره تمتع بالاتحاد مع الآب كأبناء له بالمسيح يسوع فى الروح القدس. حياتنا الكنيسة، وسلوكنا الشخصى وشهادتنا لإنجيل المسيح وحبنا للبشرية كلها وخدمتنا لهم بكل وسيلة مقدسة لا تتجزأ. يصعب بل ويستحيل علينا أن نضع حداً فاصلاً بين المواهب الخلاصية والمواهب التقوية ومواهب الكرازة والشهادة. يقول القديس أغسطينوس: [بدون روح الإيمان لا يؤمن أحد بحقٍ، وبدون روح الصلاة لا يصلي أحد بطريقةٍ نافعةٍ. لا يعني هذا أنه يوجد أرواح كثيرة، بل فى كل الأشياء الروح الواحد بعينه يعمل، الذى يقدم لكل واحدٍ فردياً حسبما يشاء (1كو12: 9) [525].].

ويقول القديس أمبروسيوس: [كُتِبَ: “الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة” (عب1: 1). ويقول حكمة الله: “سوف أرسل لهم أنبياءً ورسلاً” (لو11: 49) وأيضاً “لواحد يُعطى بالروح كلام حكمة، ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد، ولآخر إيمان بالروح الواحد. ولاخر مواهب شفاء بالروح الواحد، ولآخر عمل قوات، ولآخر نبوة” (1كو12: 8 – 10). ومن يكون الروح القدس الذى يُعطِي النبوات حسب قول الرسول: ألم يعطِ الآب النبوات وكذلك الابن، فإذا كان الروح القدس يعطي النبوة مثل الآب والابن، فالعمل واحد، والنعمة واحدة والروح القدس الذى هو أيضاً مصدر النبوات ليس إلا الله[526].].

هل تبحث عن  بعمدانك قوية بأسوارك حصينة

العطايا التى وردت فى سفر إشعياء 11: 2 “يحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب.” إذ جاء السيد المسيح ممثلاً للبشرية حلّ عليه الروح القدس الذى ليس بغريب عنه، لأنه روحه. حلول الروح القدس على المسيح يختلف عن حلوله علينا؛ بالنسبة له حلول أقنومى، واحد معه فى ذات الجوهر مع الآب، حلول بلا حدود. أما بالنسبة لنا فهى نعمة تُمنح لنا فى المسيح يسوع قدر ما تحتمل طبيعتنا ليعمل على تجديدها المستمر.

فى عيد العنصرة تحدث القديس يوحنا الذهبى الفم عن “مواهب الروح القدس” قائلاً: [أية موهبة من بين المواهب التى نتمتع بها فى داخل خلاص نفوسنا لم ننلها خلال خدمة الروح (القدس)؟! فخلاله نتحرر من العبودية، وندعى إلى الحرية! خلاله صرنا أولاَّد الله، بتبنيه إيانا! وفوق هذا كله، إن أمكنني أن أقول، إننا قد تجددنا، خالعين عنا ثقل الخطايا الكريه! خلاله نرى قدامنا طغمات الكهنة! خلاله يساعدنا معلمينا! منه ننال مواهب الإعلانات، ومواهب الشفاء، وكل المواهب الأخرى التى بها يزين الروح القدس كنيسة الله. هذا ما يعلنه الرسول بولس قائلاً: “ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه، قاسماً لكل واحد بمفرده، كما يشاء” (1كو12: 11). يقول “كما يشاء” وليس “حسبما يؤمر”. ويقول: “قاسماً” وليس “مقسمة”، مظهراً أنه هو صاحب هذه المواهب، وليس كمن يخضع لسلطان آخر، فالسلطان الذى يشهد عنه الرسول بأنه للآب هو نفسه ينسب للروح القدس. وكما قال عن الآب: “ولكن الله واحد الذى يعمل الكل فى الكل”، ويقول أيضاً عن الروح القدس: “ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء”.

انظروا كمال السلطان، فإذ الطبيعة (الإلهية) واحدة، لذلك فإنه لا يوجد أدنى شك من جهة السلطان، وإذ توجد مساواة فى الكرامة فإن القوة والسلطان واحد.].

هل تبحث عن  الملكة التى سبيت(نحوشتا)

يتحدث القديس غريغوريوس النزينزي عن عمل الروح القدس فى حياتنا كينبوع صلاحنا، قائلاً:

[يُدعى روح الله وروح المسيح… وهو نفسه الرب. روح النبوة والحق والحرية، روح الحكمة والفهم والمشورة والقدرة والمعرفة والصلاح ومخافة الرب.

إنه صانع كل هذه الأمور، يملأ الكل بجوهره ويحوي كل الأشياء، يملأ العالم فى جوهره ومع هذا فلا يمكن للعالم ان يدرك قوته.

صالح ومستقيم، ملوكي بطبيعته وليس بالتبني. يُقدس ولا يتقدس، يقيس، ولا يُقاس، يهب شركة ولا يحتاج إلى شركة، يملأ ولا يُملأ، يحوي ولا يُحوى، يورث ويمجد… مع الآب والابن.

هو أصبع الله، نار كالله (الآب)… الروح الخالق الذى يخلق من جديد بالمعمودية والقيامة.

هو روح العالم بكل شيء، يهب حيث يشاء، يرشد ويتكلم ويرسل ويفرز ويحزن،.

يعلن وينير ويحييّ، أو بالحري هو ذات النور والحياة.

يخلق هياكل ويؤله (يعطي شركة مع الله).

يهب كمالاً حتى قبل العماد (كما فى حادث كرنيليوس أع10: 9)،.

تطلبه بعد العماد كعطية… يفعل فينا العمل الإلهي،.

ينقسم فى ألسنة ناريِّة مُقسِّماً المواهب، يقيم الرسل والأنبياء والإنجيليين والرعاة والمعلمين. يُفهم بطرق متعددة، واضح، وينخس القلوب[527].].

يقول القديس باسيليوس الكبير [لا يستطيع أحد ان يتقبل كل العطايا الروحية، إنما تُعطى نعمة الروح بما يتناسب وإيمان كل واحدٍ، وعندما يكون شخص ما يعيش فى جماعة مع آخرين، فإن النعمة التى تُوهَب بصفة خاصة لكل فردٍ تصير ملكاً عاماً للآخرين… من يقتني أية موهبة من تلك المواهب، لا يمتلكها لأجل نفسه، بل بالحري لأجل الآخرين[528].].

[نحن نعتقد أن الروح بالنسبة لتوزيع المواهب هو مثل الكل الحاضر فى الأجزاء، لأننا جميعاً أعضاء بعضنا البعض، ولكن لكل واحدٍ موهبته حسب النعمة المعطاة لنا “(رو12: 5 – 6). لذلك لا تقدر العين أن تقول لليد، ليس لى حاجة إليكِ، ولا الرأس للرجلين لا حاجة إليكما” (1كو12: 21) وإنما الكل يُكمِّل جسد المسيح في وحدة الروح، ويقدِّم كل عضو للآخر الخدمة الضرورية التى تأتي من المواهب. ووضع الله الأعضاء فى الجسد حسبما شاء (1كو12: 18) واعضاء وهبت الاهتمام بالأعضاء الأخرى حسب الشركة الروحية التى يقدم العطف المتبادل. لذلك إذا تألم عضو، تألمت معه باقى الأعضاء، وإذا أُكرم عضو فرحت معه بقية الأعضاء (1كو12: 25 – 26). وكما أن الأجزاء فى الكل، هكذا نحن كل فردٍ منا فى الروح، لأننا جميعاً “اعتمدنا إلى جسدٍ واحدٍ بروحٍ واحدٍ” (1كو12: 13) [529].].

هل تبحث عن  مديح تمجيد القديس العظيم يوليوس الأقفهصي

كما يقول: [بالروح القدس استعادة سكنانا فى الفردوس، وصعودنا إلى ملكوت السماوات،.

عودتنا إلى البنوة الإلهية، ودالتنا لتسمية الله “أبانا”،.

اشتركنا فى نعمة المسيح، وتسميتنا أبناء النور، حقنا فى المجد الأبدي،.

وبكلمة واحدة حصولنا على ملء البركة فى هذا الدهر وفى الدهر الآتي[530].].


[525] Letter to Sixtus, 191.

[526] On the Holy Spirit, Book ll, chap. Xlll, 143.

[527] Oration 5 on the Holy Spirit, 29.

[528] The Long Rules, 7.. PG 323: 82.

[529] On the Spirit, chap. XXVI, 61.

[530] De Spir, Sanc. 35: 15.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي