‫محبة ووفاء

محبة ووفاء

فأخذت … مسحاً وفرشته لنفسها على الصخر …
ولم تدع طيور السماء تنزل عليهم نهاراً ولا حيوانات الحقل ليلاً

( 2صم 21: 10 )




يا لها من عاطفة قوية، تلك التي تحرك أماً بهذه الصورة، فتفرش مسحاً لنفسها على الصخر لتحرس جثتي ولديها المقتولين صلباً مدة طويلة، من ابتداء حصاد الشعير حتى نزول المطر. وإن كانت المحبة حصرت هذه الأم كل هذه الفترة الطويلة نهاراً وليلاً حتى لا يقرب من ولديها طير جارح أو وحش كاسر، وظلت على مسح مفروش على الصخر في الخلاء مدة هذا مقدارها، فكيف لا تحصرنا نحن محبة المسيح الذي مات عنا في مكاننا بديلاً ونائباً؟ كيف لا نطرد أفكاراً وميولاً قد تأخذ قلوبنا بعيداً عن الرب وتنجس عبادة نريدها صافية خالصة وطاهرة عندما نرفعها إلى الرب سيدنا؟

طردت رصفة النوم من عينيها الباكيتين لأن قلبها كان ممتلئاً بحنين عارم أنساها النوم والضنك والإرهاق. وعلى خلاف طبيعتها الرقيقة تصدت لمخاوف الليل وأصوات الوحوش، فماذا يا ترى قياس محبتنا لفادينا عندما نُحيط من حول ذكرى موته لأجلنا، وصورة جسده المبذول ودمه المسفوك ماثلة أمامنا في الخبز والخمر؟ وماذا ياترى تكون محبتنا للمسيح عندما يهجم العدو بكلمات جارحة ضد شخصه الكريم أو ضد موته الكفاري العظيم؟

ها إن أمأً بشرية تبكي ساهرة وتسهر باكية على ولدين قُتلا بيد الأعداء، فماذا نصنع نحن وخطايانا هى التي كانت سبب موت ابن الله؟ إن مديونيتنا للرب يسوع هى مديونية جسيمة جداً، فأين التهاب العاطفة فينا من نحوه؟ وأين اضطرام المحبة في قلوبنا من جهته؟ وأين أنين التوبة في أعماق دواخلنا؟

“اسهروا” – هذه وصية لنا، فهل نجعل من السهر معه ولأجله شغلنا الشاغل؟ وهل نمكث ونُطيل المكوث عند صليبه؟ في هدوء الليل وسكونه قد تفزع رصفة من جثتين رهيبتين على وجه الصحراء، لكن عند قدمي المصلوب الكريم تجتذبنا جلسة هادئة حلوة لنفوسنا، إذ ليس في الدنيا كلها جمال وجلال أبدع وأعظم من جمال الفادي المصلوب وجلال ذلك المُحب العجيب.

هل تبحث عن  البولس من رسالة بولس الرسول الي رومية ( 16 : 17 - 27 ) يوم الخميس

جلست رصفة في مسح كئيب خشن، أما نحن، والحب يملأ جوانحنا، نجلس في حضرته وبر الله كسوة فاخرة نرفل فيها هادئين هانئين.‬


مشاركة عبر التواصل الاجتماعي