محطات في رحلة الرب يسوع

محطات في رحلة الرب يسوع

على مر التاريخ وقف الناس من كل الثقافات ينظرون نحو يسوع ولا يفهمون في أغلب الأحيان، هل هو الله؟ هل هو نبي؟ هل هو قديس، هل هو فيلسوف، هل هو ثائر، وكان الرب دائما ما يبهر البشرية بكونه لا حدود لقامته، وإن أفنينا كل الحياة في محاولة إدراك عظمته لانتهت الحياة ونحن مازلنا على شاطئ اللاهوت لم ندخل حتى في بدايات العمق، ونحن ايضا نريد أن نفهم شخص الرب يسوع من خلال معاملاته معنا في الإنجيل فنتوقف قليلا عند بعض المواقف:

المبادر
في قصة السامرية رأينا يسوع المبادر، يسوع الساعي باهتمام جم نحو خرافه الخاصة، في مبادرته نحو السامرية خرج ليسير مسيرة مضنية تحت الشمس الحارقة بلا طعام أو شراب، حتى أن التلاميذ لما جاعوا وهم غير معتادين على البذل، ناهيكم عن فقدانهم للرؤية الخاصة التي كانت نصب عيني الرب، فقد تركوه وذهبوا بحثا عن طعام، أما هو فقد أعطى جسده المضني لحيظات راحة بسيطة، فجلس هكذا على البئر، كان متعبا وجائعا وعطشانا، بالرغم من هذا كان غير منشغل بالطعام الذي ذهب التلاميذ ليحضروه، ولا بالماء الذي يترقرق قربه ولا يملك دلوا ليستقي به من البئر، بل كان بالأكثر منجذبا بشهوة قلبه العظمى نحو امرأة تمرمرت في الشر، واستباحت كل المحاذير، ولم يبق في أعماقها السحيقة ربما سوى فتيلة مدخنة تكاد تخفت وتنطفئ من فرط عواصف الشر، وقصبة مرضوضة تكاد تنقصم من شدة زلازل النجاسة، بادر يسوع المرأة بسعيه نحوها، وشهوته لخلاصها، ورغبته المتأصلة في الاقتران بها كعروس تائبة تحيى القداسة بنعمته، أنت يارب بادرت بخلقنا، وبادرت بخلاصنا، وسبقتنا تعد لنا أبدية تليق بأولاد مملوءين من مجد إنعاماتك!

هل تبحث عن  عظات عن أسبوع الآلام

المنتبه
وقف الرب وسط الجموع وقلبه شعلة من الحب المسكوب نحو خليقته، كان يراهم كغنم مطروحة لا راع لها، الشعب الفقير المعدم الذي كان ينال التنكيل والاضطهاد والاحتقار والإهمال من جميع السلطات المدنية والدينية كان في نظر المعلم الصالح لآليء ثمينة تحتاج أن تقع في يد التاجر الحاذق، وفي خضم التزاحم على شخص الرب جاءت امرأة مسكينة نازفة دم، أنفقت كل ما تملك على الأطباء المزيفيين بدون نتيجة، ولكن لعظم دهشتها وجدت الطبيب الحقيقي واقفا وسط الجموع هكذا، كانت المرأة مسكينة القلب، ترى نفسها غير مستحقة لعمل حوار مع شخص الرب، أو للفت انتباهه، أو للصراخ نحوه، كانت تسكن قاع الاتضاع، فقالت في نفسها إن لمست هُدب ثوبه شُفيتّ، يالعظم تدبيرك أيتها المريضة بالجسد الصحيحة بالروح!، مَن أدراكِ أن ضابط الكل يمكنه أن يشفي اسقامك بلمسه من هُدب ثوبه؟، هوذا رؤساء الكهنة وقفوا أمام وجهه يبصقون عليه بكل وقاحة وتنطع، وأنتِ تزحفين تحت أقدامه لتنالي شفاءا من هُدب ثوبه؟!، ولكن المعلم تغافل عن أفكارها المكشوفة أمام عينيه، وتصنع عدم الانتباه، فكانت فرصة لها لتُظهر عظم إيمانها، وفرصة لنا لنتعلم من شخصها درسا ثمينا في كيف يكون التواضع والإيمان، حاشاك يارب أن تكون غافلا، بل منتبها ومنجذبا لكل خطواتنا وأفعالنا وأفكارنا وأنيننا وتنهداتنا!

مكتشف الماس
جال الرب يسوع يشفي ويحرر النفوس ويعطي إنعامات عظيمة لذرية إبراهيم حبيبه، كان يرى في عيونهم حلاوة عيون داود المرنم، ويرى في كدهم شقاء يعقوب المصارع مع الله والناس، ويرى في صبرهم طول أناة موسى الذي كان حليما أكثر من جميع الناس، ويرى في نقاوتهم الفطرية قداسة الأنبياء الذي جالوا يعلمون الشعب قديما، وجاءت امرأة كنعانية تطلب منه لأجل ابنتها المجنونة التي يسكنها الشيطان، نظر لها يسوع ولم يرد عليها جوابا، كانت إهانة مباشرة ولكن المرأة الحزينة ابتلعت الإهانة برضا، وكررت طلبها بإلحاح وصراخ وتضرع، تقدم التلاميذ يقولون للسيد أن يصرفها حتى تكف عن صراخها المزعج، رد يسوع بصوت هادئ قصد أن يصل لمسامع المرأة بأنه لم يُرسَل إلا لخراف بيت إسرائيل، ابتلعت المرأة الإهانة للمرة الثانية، بل جاءت وسجدت تحت أقدامه تستجدي المعونة، فقال لها الرب ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب!، توقع الجميع أن تنفعل المرأة وتنصرف غاضبة، ولكن الرب كخالق حاذق على ما يبدو كان يضع الفحم تحت ضغط شديد ليتحول إلى ماس، وبالفعل ردت المرأة ذات القلب الماسي قائلة: نعم، يا سيد! والكلاب أيضا تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها!، وهنا قال لها يسوع بكل الحب والفرح والتقدير: يا امرأة، عظيم إيمانك! ليكن لكِ كما تريدين، نعم يارب لم تكن وسط التجربة قاسيا علينا، بل بفهم ورؤية تقودنا نحو المجد، وتحول طبيعتنا السوداء لجوهر كريم يليق بمجد عظمتك!

هل تبحث عن  الأيّل أو الظبي

يارب..
اسمك هو عمانوئيل..
فبتجسدك نلنا معية الله..
اسمك هو يسوع..
فتخلص شعبك من خطاياهم..
نعم يارب..
أنا السامرية التي تنتظر مبادرتك..
لأني متغافل عن خلاصي..
وأيامي تنصهر كالشمع في الخطية..
وحوجتي للماء الحي عظيمة..

أنا المرأة نازفة الدم..
كل قوتي تذهب هباءا على أرض الشقاء..
كل طاقاتي ومواهبي وفضائلي تنزف..
وأنفقت كل معيشتي على العالم الفاشل..
ولم تعد في داخلي قوة..
أنت وحدك الطبيب الحقيقي..
فأشفيني بلمسة..

أنا المرأة الكنعانية..
أسير خلفك حتى إلى الصليب..
أصيح وأصرخ بلجاجة..
لا أصمت وإن انتهرتني جميع الأفكار..
حتى أنال من فمك كلمة..
ومن عيونك نظرة..
فتهرب الشياطين من حياتي..
يا ملك الحياة..

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي