مخطوط – منسوخ عام 1270ش / 1554م ، ولكن إسم المؤلف والتاريخ الأصلى غير مذكورين فيه – كتاب مُجَمَّع من الآباء القديسين معلمى البيعة عن الأمانة المقدسة

وهذا المخطوط أقدم من مخطوط آخر لنفس الكتاب سبق لنا دراسته فى هذا البحث ، برقم: COP 19- 12 ، والنسختان تحتويان تحريفات متفاوتة وليست كثيرة ، وواضح أنها من وضع النُسَّاخ ، لوجودها فى مواضع مختلفة وبعبارات مختلفة تماماً ولكنها تدور حول رئاسة بطرس الرسول وبالتالى روما ، فهذه التحريفات تسير ضد مسار الكتاب الأصلى الذى يدحض البدع الخلقيدونية.

فإختلاف المكتوب عن الهدف الأصلى ، وكذلك التغيير والتنقيص والتزويد هنا وهناك فى كل مخطوط عن الآخر ، يفضح أنها ليست من الكاتب الأصلى ، الذى وضع كتابه بهدف دحض الخلقيدونية . ولكن بخلاف هذه التحريفات القليلة فالكتاب فى غاية الأهمية ، لذلك ندعو الكنيسة للإهتمام بنشره بعد المراجعة الدقيقة.

(( نتمنى إنشاء أسقفية أو هيئة لنشر الكتب العقيدية ، ليس على النظام الحالى بأن يتكفل كل كاتب بنشر كتبه الشخصية فقط ، بل على نظام نشر المفيد للكنيسة من كل العصور ومن كل الكُتَّاب ، بعد المراجعة العقيدية الدقيقة ، وليس بهدف الربح المادى بل الربح الروحى ، فطبع كتاب عقيدى صحيح خالى من الإنحرافات يساوى أكثر من إنشاء مبانى كثيرة ، لان الفراغ أو الإنحراف العقيدى أخطر ، ونحن نحتاج لذلك جداً لأن الهراطقة يطبعون الكثير وبأسعار مغرية ، وخصوصاً من كتب الآباء التى دس الغرب فيها تحريفاتهم المسمومة حتى أصبح رجال كنيستنا أنفسهم يظنونها أصيلة ويغيرون الكتب الكنسية لتتوافق معها ، وأكبر مثال هو تغيير القطمارس ليتوافق مع البيروتية المملوءة تحريفات عقيدية ، فيجب أن نوازن الأمرلإنقاذ الكنيسة ))

ص14:- لما شاء أن يخلص جنس البشر الذى كان قد بلغ إلى الفساد الكامل والغيار وإنقطاع الرجاء ، ليرده إلى صورته الأولى … حلَّ فى بطن الطاهرة البتول فى كل حين مرتمريم وولد منها ميلاداً يفوق العقول متعالياً عن الدنس لأنها بروح القدس تقدست وولدت وحبلت من غير مشاركة بشرية (تعبير الحبل بغير دنس لا يعنى أن الزواج دنس ، بل يشير إلى أن كل المواليد من زرع بشر يحملون دنس خطية آدم ، وأما ربنا يسوع فقد طهر بروح قدسه أحشاء مريم وصنع منها ناسوتاً مقدساً لا يحمل خطية آدم السائرة لكل مواليد النساء من زرع البشر ، وأما قول الكاثوليك منذ القرون الوسطى بأن العذراء نفسها مولودة بغير خطية آدم فهو تطرف مردود عليه بدليل أن تجسد الكلمة كان يقتضى تطهيرأحشاها أولاً بالروح القدس ، فلو لم تكن بغير خطية آدم لَمَا إحتاجت لتطهير أحشاها ولَمَا إحتاجت هى لخلاص الرب ولَمَا قالت تبتهج روحى بالله مخلصى) وفيها إتحد بالجسد إتحاداً إقنومياً .. جسداً مساوياً لنا … ذا نفس عاقلة ، كما كُتب أن الحكمة بنت لها بيتاً … ولهذا فى الأمانة (قانون الإيمان) يقول تجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء ، لأن الروح القدس هو الذى أبدع القوة النفسانية التى بها تكوَّن ناسوت المسيح من دم العذراء ، ناسوتاً جديداً بلا خطية مثل آدم فى بداية تكوينه قبل أن تحدث فيه الخطية … من دم مريم العذراء الذى نقاه الروح القدس وقدَّسه … قَبِلَ صورتنا من غير تغيير ولا إنتقال ولا إختلاط ولا خطية (لاحظ أن الكلام هنا عن التجسد فى بطن السيدة العذراء ، فبقوله أنه أخذ صورتنا ولكن بغير خطية فإنه يقصد الخطية الموروثة من آدم بلا أى شك ، إذ لا مجال للكلام عن خطية فعلية للجنين فى بطن أمه)

هل تبحث عن  سيظل يسوع فاتحًا ذراعيه باستمرار لأنه يريد نفسى التى مات عنها لكى يحتضنها

ص24:- قال بطرس الشهيد بطريرك الإسكندرية فى كتاب اللاهوت أنه قال أنه إبن البشر لأجل العذراء مريم لأنها بشرية … لأن مريم هى أختنا لأجل أننا كلنا من آدم … ولأجل هذا سُمِّىَ الرب إبن البشر لأجل الجسد الذى أخذه من طبيعة البشر كاملاً مثلنا فى كل شيئ ما خلا الخطية ، وصيَّره واحداً مع لاهوته بغير إفتراق ولا إمتزاج بل طبيعة واحدة متجسدة. (تعبير التجسد بدون خطية يشير لوراثة كل البشر ماعداه لخطية آدم ، وتعبير الطبيعة الواحدة بغير إمتزاج ولا إفتراق يعنى الإتحاد المعجزى فى سر التجسد ، ومَنْ ينكر الطبيعة المعجزية للتجسد ينكر الفداء الإلهى من خلال التجسد ويسقط من الخلاص الإلهى الذى صنعه من خلال معجزة التجسد ، أما قول البعض بأن المسيح هوطبيعتين منفصلتين فى إقنوم واحد ، فهو قول عبثى ويناقض بعضه ، فالإنفصال ضد الإتحاد ، ولو فتحنا هذا الباب فسنقول أنه أربعة طبائع وليس إثنين ، لأن الإنسان بهذا المبدأ العبثى سنجعله ثلاثة طبائع منفصلة ، وهى: الجسم والنفس والروح -وليس طبيعة إنسانية واحدة تشمل الثلاثة بدون إمتزاج ولا إنفصال إلاَّ عند الوفاة كما هى بالحقيقة- ثم نزيد عليهم طبيعة اللاهوت فيصبحوا أربعة ، أربعة طبائع منفصلة وأربعة أفعال منفصلة وأربعة إرادات منفصلة!!! هذا عبث!!)

ص27:- قال أثناسيوس الرسولى أن جسده كان على الصليب –لمَّا أسلم النفس- متحداً باللاهوت ، وفى القبر أيضاً … والنفس مضت إلى الجحيم متحدة باللاهوت وأخرجت الأنفس المحبوسة هناك ، لأنه لهذا أسلم الروح ليحيى نفوسنا من الموت الأبدى

ص28:- قال القديس أثناسيوس: ودمه أهرقه على الأرض ليحفظ الأرض ومن عليها ، وجسده كان مرفوعاً على الصليب ليحفظ الإستقصات ، ونفسه مضت إلى الجحيم وخلصت الذين هناك وطُعن فى جنبه ، هذا الذى خرج منه ماء ودم ، لكى كما أن الطغيان كان أولاً من المرأة التى خُلقت من الضلع المأخوذ من جنب آدم الأول ، كذلك من جنب آدم الثانى كان الخلاص والتطهير جميعاً ، لأن بالدم كان الخلاص وبالماء التطهير .. خرج ماء ودم محيى الذى هو سر الغير مايت ، يعنى أنه كان حىّ باللاهوت ولهذا خرج منه ماء ودم … وبعد تسليم الرب يسوع الروح على عود الصليب فى الحين الذى أراده كمشيئته الصالحة ، مضى بالروح إلى الجحيم وهو متحد باللاهوت ، والجسد على الصليب متحد باللاهوت أقام أجساد القديسن ليعلم أنه جسد محيى بإتحاد اللاهوت من غير إفتراق ، ونفسه مضت إلى الجحيم فحلَّت وثاق الأنفس

ص28:- قال القديس أبيفانيوس… الجسد الذى أخذه ، به وطئ الموت وكل قواته ، وسبى الجحيم وأبطل سلطان أعوانه

ص29:- قال القديس أثناسيوس: عندما أسرع نوره وأشرق فى الجحيم ، إضطرب الجحيم ، والرب مضى إلى أسافل الجحيم وليس بجسده بل بنفسه وهو ضابط كل المسكونة لئلا تهلك قبل وقتها … نفسه مضت إلى أسافل الجحيم وخلَّصت الذين هناك وأخربت الجحيم (المقصود أنه أبطل الجحيم عن المؤمنين به الصانعين أوامره فقط ولكن الجحيم باقٍ للمخالفين) لأنه ضابط الكل ، لأن عندما كانت نفوس الناس تفترق من أجسادهم كانوا يُرسلوا إلى العمق الذى تحت الأرض فى مخادع الموت ، ولذلك لما سلَّم المسيح روحه فى يد الآب هيأ لنا الطريق لكيلا نذهب إلى أسافل الجحيم بل نتبعه فى هذا الشيئ الآخر وهو عندما نستودع نفوسنا للخالق الأمين يكون على حُسن الرجاء بأن المسيح يقيمنا أجمعين

هل تبحث عن  فأستمحي لي اذاً يا مريم من الآن فصاعداً ما عدت أحزن قلبكِ

ص30:- سبى الجحيم وأخرج النفوس المحبوسة هناك وفتح باب الفردوس وأعاد آدم إلى رتبته الأولى

ص30:- قال القديس كيرلس الكبير .. سبى الجحيم ورحم الأنفس الذين كانوا فيه محبوسين

ص31:- قال إلكسندروس بطريرك رومية : أن اليد التى سُمرت بالمسامير هى اليد التى جبلت آدم .. والفم الذى ذاق الخل هو الذى بفخ فى آدم نسمة حياة ، وقال أيضاً: الذى علَّق السموات علقوه ، والذى حلَّ الخطاة ربطوه والذى أوثق العالم أوثقوه. فكل خلقيدونى يعتقد أن المصلوب إنسان (أى بدون إتحاد اللاهوت به) ويظن أنه بذلك ينزِّه الإله الكلمة ، فإنه يقع فيما وقع فيه بطرس إذ لما نزَّه ربه ومعلمه منحه ما منح به الشيطان فى وقت تجربته ، وكل مَنْ هذه إعتقاده فهو من اليهود الجدد ، قال الإنجيل المقدس والكلمة صار جسداً ، ولفظة الصيرورة هى الإتحاد

ص31ش:- (لذهبى الفم) لما أكل آدم من الشجرة مات … مات موت الخطية فى ذلك الوقت (أى فى نفس لحظة المخالفة) وإنتزع منه السلطان والمجد

ص32:- (لذهبى الفم عن سر التجسد) الطهارة من فعل الروح القدس ، من أجل هذا جاء جبرائيل الملاك وقال للسيدة العذراء مرتمريم روح القدس يحل عليكِ وقوة العلى تظللك والمولود منك يدعىَ إبن الله ، فلهذا حلَّ عليها الروح القدس ، أفنقول أنها كانت دنسة حتى طهَّرها الروح القدس ، معاذ الله من ذلك ، بل هى إبنة حواء وهى مربوطة بلعنة حواء (يقصد نفى الدنس الشخصى بالأفعال النجسة ، وأما الوراثية فقد ثبَّتها ، بقوله هى إبنة حواء ، وهى مربوطة بلعنة حواء) ، إذ قيل لحواء أولاً أنك تلدين أولادك بالحزن ، فأما هذه فقال لها الملاك إفرحى يا ممتلئة نعمة الرب معكِ ، عنى (قصد) الملاك بالرب أنه الروح القدس الذى طهرها (تعبير طهرها يعنى أنها كانت فيها خطية تحتاج التطهير ، وهو قد نفى أن تكون لها خطية فعلية قائلاً معاذ الله ، فالتطهير هنا يعنى من الخطية الموروثة من آدم وحواء التى يولد بها كل البشر بما فيهم سيدتنا كلنا القديسة العذراء مريم ، وهى التى طهرها منها الروح القدس بمعجزة خاصة ليس لها مثيل ولا نظير لكى تقتبل رب المجد فى أحشائها) داخلاً وخارجاً ، فلما قالت للملاك هوذا أنا أمة الرب فيكون لى كقولك ، فحينئذ للوقت حل كلمة الله الأزلى الله الإبن فى بطنها بسر لا يُدرك ، بغير تقديم ولا تأخير …الله الكلمة أحد الثالوث القدوس تجسد منها جسداً وصار معه واحداً … إله صار أنساناً ولا نقول إنسان تأله ، بل هو الله الكلمة آدم الثانى إله متأنس ، ولأجل هذا قال الآباء أنه تجسد من الروح القدس ومن مرتمريم العذراء.

هل تبحث عن  نلتمِسُ لَهُم مِنَ اللهِ رَحمَةً وصبرًا وعزاءً وشِفَاء

ص33:- قال القديس كيرلص فى الميمر الثانى عشر على تفسير إنجيل يوحنا … قد فهمنا من الكتب المقدسة أنه فى حين القيامة لا يبقى شيئاً من الفساد فى الأجساد الذين يقومون بالكلية ، بل كما كنا أولاً فى الفردوس قبل إنتزاع النعمة التى هى عدم الموت كذلك نبقى هكذا دائماً

ص33:- قال السروجى (أى القديس يعقوب السروجى) : قام الرب بقوة لاهوته كما هو مزمع أن يقيمنا ، وترك اللفايف والعمامة التى كانت على رأسه (أى الأكفان) فى القبر ، لنعلم أنه فى القيامة العامة لا تحتاج الأجساد إلى شيئ مما هم يستعملوه فى هذه الحياة الزمنية المملوءة أوجاع وأحزان ، بل يكونوا كملائكة الله كما شهد (الرب) لأجلهم فى إنجيله المقدس قائلاً إنهم يكونوا بنى الملكوت وبنى القيامة (هذا التفسير يتطابق مع كتابات كل القديسين عن آدم وحواء فى الفردوس قبل السقوط بأنهم كانوا مكسيين بلُباس البهاء والنور كالملائكة ، ولكن بعد الخطية فقدوا هذا اللُباس الملائكى البهى وإنكشف عريهم)

ص45:- قال القديس كيرلس … هو الذى ظهر من العذراء مريم متأنساً منها وتعطف على جنسنا الضعيف وخلصنا من العدو بإنصلابه على الخشبة ، لأن بالخشبة كانت الخطية وبالخشبة كان الخلاص

ص46:- قال باسيليوس صرنا من الله غرباء بالخطية ، لكن بدم الإبن الوحيد نجانا من العبودية المرة ودعانا إلى الحرية

ص46:- يوحنا ذهبى الفم .. كان الله غضبان علينا لأننا أخطأنا

ص48:- (غالباً لذهبى الفم) هو رب واحد .. مسيح واحد .. من غير إمتزاج ولا إختلاط ولا إفتراق ولا تغيير .. صار إنساناً وجعل الجسد الذى إتخذه منها (السيدة العذراء) واحداً معه من الوقت الذى حبلت به … وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء .. الطهارة من فعل الروح القدس ، إفنقول أنها كانت دنسة حتى طهرها الروح القدس ، معاذ الله من ذلك ، بل هى إبنة حواء ، وهى مربوطة بلعنة حواء (يقصد نفى الدنس الشخصى بالأفعال النجسة ، وأما الوراثية فقد ثبَّتها ، بقوله هى إبنة حواء ، وهى مربوطة بلعنة حواء) ، إذ قيل لحواء أولاً إنك تلدين بالحزن ، فأما هذه فقال لها الملاك إفرحى يا ممتلئة نعمة الرب معك ، يعنى الملاك بالرب الروح القدس الذى طهرها داخلاً وخارجاً ، ولما قالت للملاك بعد هذا الكلام هوذا أنا عبدة للرب فليكن لى كقولك ، فحينئذ للوقت حل كلمة الله الأزلى ، الله الإبن ، حلَّ فى بطنها بسرٍّ لا يُدرك بغير تقديم ولا تأخير

(سنكمل الدراسة فى الجزء الثانى إن أذن ربنا ، مع الإكتفاء الآن بمثيل هذا المخطوط وهو COP19- 12 السابق دراسته كله)

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي