admin
نشر منذ سنتين
2
مزمور 16 - يهبنا الله حكمة وفهمًا

يهبنا الله حكمة وفهمًا:

“أبارك الرب الذي أفهمني،
وأيضًا إلى الليل أدَّبتني كليتاي” [7].
كثيرًا ما كان البابا كيرلس السادس يردد هذه العبارة، ويكتبها لابنائه الأحباء… فإن الحكمة أو الفهم أثمن ما يقدمه الله للإنسان، بكوَّنْ كلمة الله نفسه هو “الحكمة”. فلا نعجب إن شهد الإنجيل عن السيد المسيح أنه تهلل بالروح مسبحًا الآب من أجل تمتع الكنيسة البسيطة بالفهم الروحي، إذ قيل: “تهلل يسوع بالروح وقال: أحمدك أيها الآب، رب السماء والأرض، لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال؛ نعم أيها الآب، لأن هكذا صارت المسرة أمامك” (لو 10: 21). يتهلل كلمة الله لتمتع الكنيسة بالفهم السماوي المخفي عمَّن ظنوا أنفسهم حكماء وفهماء، ويُسر الآب بكنيسته الحكيمة بالروح والحق.
سبق لنا الحديث في أكثر من موضع أن مدرسة الإسكندرية حسبت المعرفة “الغنوسية gnosis” الروحية هبة إلهية توهب للمؤمنين خلال حياة التأمل والممارسة العملية للوصية والسلوك بالروح الكنسي أو الحياة الصالحة في الرب.
كان القديس أكليمندس الإسكندري يدعو المسيحي الروحي “غنوسيًا”. ويقول: [إن الغنوسية – التي هي المعرفة وإدراك الأمور الحاضرة والمستقبلة والماضية كأمور أكيدة وموثوق فيها – يمنحها ابن الله الذي هو “الحكمة” ويعلنها. كما أوضح أن السيد المسيح يهب الغنوسية خلال قراءة الكتاب المقدس بروح كنسي حتى لا نسيء فهمها كالهراطقة. بهذا نحمل الكمال بسلوكنا الإنجيلي الكامل، كما يؤكد أن المعمودية تجعل الغنوسية ممكنة بالنسبة لنا، باستنارة عيوننا الداخلية.
إذ ترتبط المعرفة الحقة بالعمل الروحي، خاصة التوبة، يقول المرتل: “وأيضًا إلى الليل أدَّبتني كليتاي”… غالبًا ما تتم التوبة بالليل حيث السكون، فيرجع الإنسان إلى نفسه ويكتشف خطاياه، متكئًا على رب المجد كمخلص الخطاة. كما تنقي الكلية الدم هكذا تنقي التوبة المستمرة النفس لتؤهل للميراث الأبدي الذي بلا دنس. ولعل الليل يشير إلى ظلمة الخطية، فإننا بالتوبة نشعر بمرارة ظلمتنا، متطلعين برجاء إلى شمس البر الذي يشرق في أعماقنا ببهائه.
غالبًا ما ينكشف الإنسان في أعماقه أثناء هدوء الليل، فالأشرار يجدون في الليل مجإلا للهو وممارسة الشر وتدبير مؤامرات، والقديسون يجدون في الليل مجالًا للصلاة والتأمل وانطلاقة النفس بالحب نحو السماويات.
* حينما علَّق (أوريجانوس) على كلمات المرتل: “وأيضًا إلى الليل أدَّبتني كليتاي” قال: [إذا ما بلغ إنسان قديس مثلك حد الكمال يتحرر من الضعفات البشرية حتى في الليل ولا يجربه فكر شرير
القديس جيروم

هل تبحث عن  البابا كيرلس سيامته قسًا وحياة الوحدة

يحدثنا القديس أكليمندس الإسكندريعن ارتباط المعرفة الروحية الحقة بالتوبة والجهاد، قائلًا: [الغنوسي إنسان تقي يهتم أولًا بنفسه (بخلاصها)، وبعد ذلك بقريبه حتى يكون الكل صالحًا جدًا. فإن الابن يفرح أباه الصالح بظهوره صالحًا على شبه أبيه… في مقدورنا أن نؤمن وأن نطيع]. فالمعرفة لا تكون بالذهن فقط وإنما بخبرة الحياة التي نعيشها لنتشبه بالله أبينا. يقول القديس أكليمندس: [الغنوسي كمحب للحق الواحد الحقيقي يكون إنسانًا كاملًا، صديقًا لله، ويُحسب ابنا].

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي