مزمور 28 - تشفع وحب

تشفع وحب:

المرتل في ضيقه لا يؤمن فقط أن خلاص الله قد أحال حزنه فرحًا، وتضرعه شكرًا، بل أيضًا حّوله إلى شفاعة. ها هو ينسى ضيقه ليطلب من أجل بنيان شعب الله. أنه لم يستطع أن يفرح بخلاصه دون الاعتراف بانشغاله بالجماعة.
بإرادتي أعترف له.
الرب عزٌّ لشعبه،
وهو موآزر خلاص مسيحه.
خلص شعبك، وبارك ميراثك.
ارعهم وارفعهم (احملهم) إلى الأبد” [8-9]

يعمم المرتل خبرته، مطبقًا إياها على شعب الله الذي يحميه يهوه. إنه يعتقد أيضًا بأن ما هو لنفع الملك بالتأكيد يمس الشعب كله. بالتأكيد ما هو لنفع عضو أو لخسارته له فاعليته على الجسد كله.
يقول داود “شعبك“، ناسبًا إياهم لله وليس لنفسه. إنهم نصيب الرب، والرب قوّتهم وخلاصهم.
يسأل داود الله عن شعبه للتمتع بالعطايا التالية:
أ. الخلاص: أن ينقذهم من أعدائهم. فنحن لا نستطيع أن نتمتع بالشركة معه ما لم يهبنا النصرة على “الأناego “، والخطايا والشيطان.
ب. البركة الصادرة عن الله فيتباركون. لا يكفي خلاصنا من الأعداء الروحيين، وإنما نحن في حاجة إلى تذوق عذوبة الله نفسه، إذ هو برّنا، وقداستنا، ومجدنا، وفرحنا.
ج. الاهتمام بنا ورعايتنا، إذ يقوتنا في مرعاه السماوي، أي في كنيسته. يقدم لنا الخبز السماوي، الجسد الافخارستي، ودم المسيح الافخارستي، مع مواهب الروح القدس.
د. الارتفاع فوق الأعداء، وفوق المخاوف والمخاطر إلى التمتع بالميراث الأسمى والمجد الأبدي. إنه يرفعنا إلى الأبد. إنه لا ينتزع الآلام من حياة المؤمنين، لكنه يرفعهم فوق كل ضيقة وحزن لينعموا به حتى في تجاربهم.
تطلع الشعب إلى داود بكونه راعيهم، وتوقعوا منه أن يحملهم، وهكذا فعل، وذلك فقط لأنه هو نفسه كان محمولًا، ونحن إن كنا محمولين بالآب في حضنه في المسيح يسوع بقوة الروح القدس، نستطيع أن نحمل بدورنا الغير إلى نفس الموضع لا بقدرتنا الذاتية وإنما بالنعمة الإلهية. فلا يستقر الثقل كله على اكتافنا بل على أكتاف ذاك الراعي الصالح الواحد وحده.
إنه ليس عمل القادة الروحيين وحدهم أن يصلوا عن الشعب، وإنما هو عمل كل عضو أن يُصلي لأجل أورشليم [9]؛ وعمل الآباء أن يصلوا عن الأبناء، كما الأبناء عن الآباء، والكهنة عن الشعب كما الشعب عن الكهنة. فخلال الصلاة مع الحب والعمل الصالح يستطيع طفل أن يحمل العالم كله في المسيح.
هذه الشفاعة نطق بها أيضًا المسيح القائم من الأموات خلال دمه الكفاري، وذلك لبنيان شعبه، واهبًا لهم الحياة المقامة.
هكذا بدأ المزمور بالتضرع أن يسمع الله للمرتل، لأجل بنيان نفسه وهدم الشر، وتحول التضرع خلال الإيمان إلى تسبحة شكر لله سامع صلوات مؤمنيه، وانطلق المرتل يشفع عن كل المؤمنين خلال خبرته العذبة مع الله باتساع قلب.
هل تبحث عن  ثلج | ثليج | جليد | بَرَدْ

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي