الآراء الخاصة بوضع هذا المزمور ومناسبته فهي كالآتي.
1. يعتقد البعض أن وُضع للاحتفال بالشفاء من مرض عضال. كان توقع الموت المبكر يبدو مرعبًا للغاية، ربما لأن المرتل كان صغير السن ينتمي إلى جماعة خدام الهيكل الذين يخدمون إله الحياة عن قرب (مز 16).
2. يرى البابا أثناسيوس الرسولي أن هذا المزمور أنشده داود النبي لما عرف أن الرب قد غفر إثمه، وتجددت بالتوبة نفسه الكائنة في بيت الرب والتي هي ذاتها بيت الله.
3. يرى القديس غريغوريس أن هذا المزمور هو نبوة عن ما حدث مع حزقيا الملك إذ خلصه الله من سنحاريب (2 مل 19)، وأمدّ عمره 15 عامًا (2 مل 20)، وأنقذ الهيكل من نيران الأعداء. يراه أيضًا نبوة عن ربنا الذي جدد طبيعتنا البشرية بكونها بيته الخاص به وذلك بقوة قيامته. يتطلع كثير من الآباء إلى المزمور بمنظار باطني (سرَّي)، متطلعين إلى البيت أنه ذاك الذي جدده السيد المسيح، مؤكدين أنه إنما يعالج موضوع تجديد الطبيعة الشرية بقوة قيامته، وأن المرض هنا يخص النفس، حلَّ بها خلال السقوط في الخطية، وأن الشفاء أيضًا هو شفاء النفس بعمل المسيح الخلاصي.
4. أُعدّ نبويًا لأجل تدشين الهيكل الأول، لكنه لا يوجد برهان على ذلك ولا حتى مجرد احتمال. يرى plumer أن أفضل الآراء هي أن المزمور قد نُظم لتدشين المذبح في يبدر أرونة اليبوسي على جبل المُريَّا موضع بناء الهيكل (2 صم 24: 18-25؛ 1 أي 18: 30)، وقد دعاه داود النبي “بيت الرب” (1 أي 22: 1).
5. أستخدم المزمور لتدشين قصر داود نفسه، الذي بُني بخشب حيرام (2 صم 5: 11؛ 1 أي 14: 1). هذا يتفق تمامًا مع عنوانه ومع تصرفات اليهود التقوية (تث 20: 5)؛ فقد حمل داود النبي ذات المشاعر التقوية الواردة في المزمور عند إقامته في بيته، كما جاء في (2 صم 7: 2). إذ ينبغي علينا أن نكرّس لله البيوت التي نعيش فيها ونقيم كمقياس صغيرة. يلزمنا أن نكرّس أنفسنا وعائلاتنا وكل شئونها بوقار تحت رعاية الله، وأن نطلب حضرته وبركته.
6. يقول الأسقف وايزر Weise: [إن هذا المزمور -حسب عنوانه- كان يُستحدم في تدشين (هانوكه) الهيكل الذي كان يحتفل به سنويًا، كتذكار للعودة إلى العبادة في الهيكل الذي سبق فدمره انتيخوس ابيفانيوس. منذ عام 165 ق.م. فصاعدًا صار الاحتفال يُقام في ذات الموعد كتذكار للخلاص المعجزي من سيطرة الآراميين (السوريين) (1 مك 4: 52 الخ، يو 10: 22)]، لكن كما يقول وايزر إن المزمور لم يكن قد وضع أساسًا لهذا الغرض.
7. يرى بعض الدارسين أن داود وضع هذا المزمور بعد خلاصه من موت مرتقب عندما أدّبه الله لأنه قام بإحصاء الشعب (2 صم 24).
إننا لم نسمع عن داود أنه عانى من مرض خطير كما حدث مع حزقيا الملك، وأنه صرخ إلى الرب فاستجاب له في ذلك الأمر، وأعاد له صحته وقوته، لهذا فان ما ورد في المزمور رمزيٌّ ونبويْ. يكشف لنا كيف أن ابن داود الذي قام من بين الأموات، كما لو كان قد برأ من جراحاته وخلص من الموت، قد أسس بيته الجديد، أي الكنيسة. وقد قيل: “مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه، وبحبره شفينا” (إش 53: 5).
* إننا نمجد الله عندما ندشن في نفوسنا بيتًا لله، لأن عنوان المزمور هو “مزمور أُنشودة، لتدشين بيت داود”.
* إنها أغنية القيامة المفرحة التي جددت الجسد، لا جسد ربنا فحسب بل وكل الكنيسة، وقد أبدل حال الجسد إلى الخلود. في المزمور الأخير نجد الخيمة التي يجب أن نقطن فيها -إذ فيها خيرنا- قد كملت، وقد جاء هذا المزمور يختص بتدشين البيت الذي يبقى أبديًا في سلام لا يتحطم!
القديس أغسطينوس