مزمور 49 - نصيحة وتحذير



نصيحة وتحذير:

يختم المرتل مزموره بالنصائح التالية:
1. إن كان الموت هو راعي الأشرار، والجحيم هو مسكنهم الأبدي، فإن الله هو راعي نفسي القادر وحده أن يخلصني من يدّ الجحيم، ولا يقدر الموت أن يأسرني [15].
2. لا تخف من أصحاب السلطة والغنى ولا تتملقهم، فإنهم يموتون ولا يأخذون معهم شيئًا [16]، فإنهم يلحقون بآبائهم الذين سبقوهم في نفس الاتجاه وقد فقدوا كل شيء. بمعنى آخر ينصحنا ألا ننشغل بالمنظورات والزمانيات ولا من نالوا الكثير منها:
لا تخف إذا ما استغنى الإنسان،
وإذا كثر مجد بيته،
لأنه إذا مات لا يأخذها جميعًا.
ولا ينزل معه مجده إلى الجحيم” [16-17].
ألا تُريد أن تكون لك أعين إلا لترى الأمور الحاضرة؟ لقد وعد بالأمور المستقبلية، ذاك الذي قام، لكنه لم يَعِد بسلام هذا العالم ولا راحة هذه الحياة.

كل إنسان يطلب الراحة، إنما يطلب أمرًا صالحًا، لكنه لا يطلبها في موضعها اللائق. لا سلام في هذه الحياة، لكنه وعدنا أن ننال في السماء ما نطلبه على الأرض. وعدنا أن يعطينا في العالم القادم ما نطلبه في هذا العالم.
القديس أغسطينوس
مجد هذا العالم بلا قيمة وغير دائم، وإن بقى فإلى الموت وعندئذ ينتهي تمامًا. إذ قيل: “لا ينزل معه مجده”. وبالنسبة لكثيرين لم يبق المجد حتى إلى نهاية الحياة. لكننا لا نفكر هكذا بالنسبة لذاك المجد، إذ يوم بلا نهاية. فإن الأمور الخاصة بالله دائمة وفوق كل تغيير وبلا نهاية. مجد هذه الحال ليس من الخارج بل من الداخل. أقصد أنه لا يقوم على كثرة الخدم والمركبات والثياب الفاخر. بعيدًا عن هذا كله الإنسان يلتحف بالمجد (الداخلي)؛ هنا بدون هذه الأمور يكون الإنسان عريانًا.

القديس يوحنا الذهبي الفم
ها أنت تراه (الغنى) حيًا، احسبه ميتًا.

أنت تلاحظ ما هو معه هنا، لاحظ ما يأخذه معه…
لديه مخزن من الذهب والفضة وممتلكات كثيرة وعبيد؛ إنه يموت وتبقى هذه الأمور لا يعرف لمن هذه. فإنه وإن كان يتركها لمن يريد هو، لكنه يحفظها ليس لمن يُريد. فإن كثيرين اقتنوا حتى ما لم يُترك لهم، وكثيرون فقدوا ما تُرك لهم.
القديس أغسطينوس
3. تطلب البركة لا حسب هواك بل حسب مشورة الرب، فكثيرون يظنون الحياة السعيدة المباركة هي في الولائم والملذات الزمنية.
لأن نفسه تُبارك في حياته،
يعترف لك إذا ما أحسنت إليه” [18].
يضع الشرير بركته أو سعادته في الزمنيات، ويعترف لله بفضله إن أحسن إليه بها، أما إن دخل في ضيقة فسرعان ما يخطئ في حق الله.

يقول القديس أغسطينوس: [إن مثل هذا يظن أنه يُحسن إلى نفسه حينما يأكل ويشرب ويلو ولا يدرك أنه يضر نفسه].
اعتاد أن يأكل الولائم الفاخرة بفمه الجسدي، والإثم بفم قلبه…

هل يؤكل الإثم…؟
لست أنا الذي أقول هذا، إسمع الكتاب المقدس: “كالخل للأسنان وكالدخان للعينين كذلك الإثم للذين يستعملونه” (أم 10: 26). فإن الذي يأكل الإثم، أي الذي يمارسه بإرادته، لا يستطيع أن يأكل البر. فإن البر هو خبز. من هو هذا الخبر. “أنا هو الخبز الحيّ الذي نزل من السماء” (يو 6: 51). إنه هو (المسيح) خبز القلب!
القديس أغسطينوس
4. يلزم ألا نتمثل بآبائنا في حبهم للعالم لئلا ننضم إليهم في مصيرهم الشرير.
“يدخل إلى جيل آبائه،
ولا يُعاين النور إلى الدهر” [19].
يعلق القديس أغسطينوس على ذلك بقوله: [إنه يتمثل بآبائه… سيأتي الصباح ويظهر هابيل أين هو قايين أين يوجد. وهكذا كل الذين يسلكون وراء قايين وأيضًا الذين هم وراء هابيل، وذلك حتى نهاية العالم].
5. يختم المزمور بتأكيد حفظ الإنسان لكرامته بتمتعه بالطبيعة التي خُلق عليها على صورة الله ومثاله وعدم انحداره إلى المستوى الحيواني غير العاقل [20].

هل تبحث عن  تأمل التسبيح - بالموسيقي - البابا شنودة الثالث

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي