مزمور 55 – تفسير سفر المزامير

يتفق معظم المفسرين أن داود كتب هذا المزمور أثناء ثورة إبشالوم. وهنا نراه في غاية الأسى من خيانة أخيتوفل. ونرى هنا داود رمزًا للمسيح المتألِّم من ثورة شعبه ضده، وخيانة أخيتوفل صورة لخيانة يهوذا وكلاهما مضى وخنق نفسه. والآية (21) من هذا المزمور ترتلها الكنيسة في مزمور يوم الخميس الكبير (خميس العهد) من أيام البصخة وكذلك يوم الثلاثاء وتذكر بها خيانة يهوذا وقبلته الغاشة لسيده.

الآيات (1-8): “أصغ يا الله إلى صلاتي ولا تتغاض عن تضرعي. استمع لي واستجب لي. أتحير في كربتي واضطرب. من صوت العدو من قبل ظلم الشرير. لأنهم يحيلون عليّ إثمًا وبغضب يضطهدونني. يمخض قلبي في داخلي وأهوال الموت سقطت عليّ. خوف ورعدة أتيا عليّ وغشيني رعب. فقلت ليت لي جناحًا كالحمامة فأطير واستريح. هانذا كنت ابعد هاربًا وأبيت في البرية. سلاه. كنت أسرع في نجاتي من الريح العاصفة ومن النوء.”
هي صلاة داود في كربته التي حيرته، ولم يجد طريقًا للهرب بعد أن حاصره أعداؤه تمامًا، وقارب الموت فارتعب وتمنى لو أن له جناحين فيهرب بهما من هذا الحصار وهذه الضيقة. وفي قوله غشيني رعب = أي التف عليَّ من كل جانب. والحمامة تشير للروح القدس، والقديسون لهم جناحي هذه الحمامة، هو لم يقل جناحي نسر ولا صقر فهي طيور نجسة، ولكن جناحي الحمامة يشيران لطهارتها. ومن يقبل أن يحيا في طهارة يمتلئ من تعزيات الروح القدس ويحلق في السماويات بجناحيه. ليت لي جناحًا كالحمامة = الحمامة تطير راجعة إلى بيتها هي (فلك نوح/ الحمام الزاجل). والروح القدس (الذي أخذ شكل الحمامة يوجهنا دائمًا للمسيح الذي لو التجأنا إليه نستريح= فأطير وأستريح. إذًا هو يشير لاشتياقه لبيت الله، ليلتقي به سريعًا = اطير. ثم نجده يشتاق للخلوة مع الله بعيدا عن الناس=
أبيت في البرية = هكذا اختلى الرهبان في بريتهم بعيدًا عن العالم، إذ شعروا بلذة عشرة الله وتعزياته وبعيدًا عن خيانة البشر وشرورهم. وهكذا كان المسيح ينفرد في الجبل ليصلي. إن أرواح القديسين تشتاق للهروب من هذا العالم

هل تبحث عن  مزمور 34- اختبار عذوبة الله

الآيات (9-15): “اهلك يا رب فرّق ألسنتهم لأني قد رأيت ظلمًا وخصامًا في المدينة. نهارًا وليلًا يحيطون بها على أسوارها وإثم ومشقة في وسطها. مفاسد في وسطها ولا يبرح من ساحتها ظلم وغش. لأنه ليس عدو يعيرني فاحتمل. ليس مبغضي تعظم عليّ فاختبئ منه. بل أنت إنسان عديلي إلفي وصديقي. الذي معه كانت تحلو لنا العشرة. إلى بيت الله كنا نذهب في الجمهور. ليبغتهم الموت. لينحدروا إلى الهاوية أحياء لأن في مساكنهم في وسطهم شرورًا.”
هنا نجد الصورة العكسية ، فالخلوة مع الله فرح وسلام ….لكن ماذا في العالم غير خيانة وغدر وكراهية الأشرار. لذا نجد هنا صلاة فيها رجاء أن يتدخل الله ضد الأشرار ويعاقبهم، فالله القدوس لا يقبل الشر ولا يقبل ظلم أولاده. وهذه الصلاة قالها داود بروح النبوة. وهنا يُصوِّر داود حال المدينة والشر الذي يسودها. وما يؤلمه بالأكثر خيانة صديقه ومشيره أخيتوفل= بَلْ أَنْتَ إِنْسَانٌ عَدِيلِي إِلْفِي وَصَدِيقِي. هنا داود يوجه عتاب مباشر لمن كان يوما صديقا له. وماذا يطلب داود ؟ فَرِّقْ أَلْسِنَتَهُمْ = إبطل يا رب مشورة هؤلاء الاشرار، كما بلبلت يا الله ألسنة الأشرار في بابل فلم يستطيعوا الإتفاق في الشر، وبطل عملهم (وقد حدث اختلاف في أقوال الشهود ضد المسيح يو16:9 + مر56:14). نَهَارًا وَلَيْلاً يُحِيطُونَ بِهَا عَلَى أَسْوَارِهَا= نجد جواسيس إبشالوم يدورون حول أسوار المدينة يترصدون خطواته وخطوات رجال ليهلكوه. ومع المسيح فقد أمسكوا به ليلاً وحاكموه ليلاً وأسلموه لبيلاطس ثم ليصلب نهاراً. وفي (13) نرى خيانة يهوذا. إِنْسَانٌ عَدِيلِي إِلْفِي وَصَدِيقِي = انسان مثلي، زميل وصديق عاشرني ، أكلنا وشربنا معا ، ولم يري مني سوي الحب. ولكن الخيانة لم تصدر عن يهوذا فقط، بل من شعب اليهود الذي أخذ المسيح جسده منهم وصار إنساناً وجال يصنع وسطهم خيراً ثم قاموا عليه وصلبوه. وفي (14) نرى صورة الصداقة والحب التي أظهرها المسيح لتلاميذه وليهوذا، فكان يذهب معهم للهيكل ولكل مكان. ونرى في (15) عقوبة هذه الخيانة، فنصيب من رفض رب الحياة، الهلاك في الجحيم. وهلاك يهوذا المنتحر أوصله للجحيم. وهكذا كل من في مساكنهم في وسطهم شروراً.

هل تبحث عن  البولس من رسالة بولس الرسول الثانية الي تيموثاوس ( 3 : 10 - 4 : 22 ) يوم الخميس

الآيات (16-19): “أما أنا فإلى الله اصرخ والرب يخلصني. مساءً وصباحًا وظهرًا أشكو وأنوح فيسمع صوتي. فدى بسلام نفسي من قتال عليّ لأنهم بكثرة كانوا حولي. يسمع الله فيذلهم والجالس منذ القدم. سلاه. الذين ليس لهم تغير ولا يخافون الله.”
نجد هنا صراخ داود لله. ونجده يصرخ بثقة في استجابة الله= والرب يخلصني. مساءً وصباحًا وظهرًا= أي هو يصلي بلا انقطاع. وهناك من رأي أن المساء يشير لهذا العالم في ضيقاته. والصباح يشير ليوم القيامة. والظهر يشير بشمسه الحارقة لوقت الدينونة التي ينقذه منها الله أشكو وأنوح فيسمع صوتي وبالنسبة للمسيح فمساءً تشير لوقت القبض عليه ومحاكمته وصباحًا تشير لمحاكمته أمام بيلاطس وظهرًا تشير لصلبه وموته ودفنه. وفي (18) نرى الله ينقذ داود من أعدائه= فدى بسلام نفسي. وفدى الآب جنس البشر بموت ابنه، وأنقذ بعد الموت نفس ابنه منه بأن أقامه ليقيم معه كنيسته. وأما أعداؤه فيذلهم الجالس منذ القدم هو جالس على عرشه كديان. وقد أذلَّ اليهود بعد صلبهم للمسيح. الذين ليس لهمتغير= أي الذين ظلوا مصرين على رفض المسيح، ولم يعتمدوا، ولم يحل عليهم الروح القدس.

الآيات (20، 21): “ألقى يديه على مسالميه. نقض عهده. أنعم من الزبدة فمه وقلبه قتال. ألين من الزيت كلماته وهي سيوف مسلولة.”
يعود المرنم لوصف الخائن الشرير، فبعد أن ذكر شرور اليهود، عاد بمرارة ليذكر خيانة يهوذا فهو كان له وضع خاص= ألقى يديه على مسالميه= فالمسيح لم يقدم له سوى الخير لكنه نقض عهده وألقي يديه عليه. . وكلماته وقبلته كانت غاشة أنعم من الزبدة بلا قسوة ظاهرة (2صم2:15-6).

آية (22): “ألق على الرب همك فهو يعولك. لا يدع الصدّيق يتزعزع إلى الأبد.”
الأعداء يشهرون سيوفهم لقتال البار، والبار يلقي على الرب همه وهو يعوله. قال أحدهم أن هذه الآية وجهت لبطرس حتى لا يفشل المخطئ إذا قدَّم توبة.

هل تبحث عن  الكاثوليكون من رساله يوحنا الثالثة ( 1 : 1 - 15 ) يوم الخميس

آية (23): “وأنت يا الله تحدرهم إلى جب الهلاك. رجال الدماء والغش لا ينصفون أيامهم. أما أنا فاتكل عليك.”
لا ينصفون أيامهم= أي لم يكملوا نصف مدة أيامهم. سيأخذ الله حياتهم مبكرًا.
وفي (10)

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي