admin
نشر منذ سنتين
2
مزمور 56 - عَلَى اللهِ تَوَكَّلْت،ُ فَلاَ أَخَافُ

اَللهُ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ.
عَلَى اللهِ تَوَكَّلْت،ُ فَلاَ أَخَافُ.
مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الْبَشَرُ [ع4].

الخط الرئيسي في هذه التسبحة هو اتكال المرتل على الله، فلا يخشى أية مقاومة، خاصة الصادرة من البشر.
التمسك بالوعود الإلهية، أو الالتصاق بكلمة الله، يحول مخاوفنا من مراثٍ إلى تسابيح شكر لله مخلصنا. هذا ما دفع المرتل وسط مخاوفه أن يتغنى “أفتخر بكلامه”. فإن كلام الله حق، قادر أن يرفعنا إلى الحضرة الإلهية، ويدخل بنا إلى النور الإلهي، فلا تكون للظلمة سلطان علينا.
“ماذا يصنعه بي البشر؟” جاءت كلمة “بشر” هنا بمعنى الجسد الترابي، الذي لن يقدر أن يقف أمام الله، إذ لا حول له ولا قوة. قيل: “إنهم بشر؛ ريح تذهب ولا تعود” (مز 78: 39). وأيضًا: “فقال الرب: لا يدين روحي في الإنسان إلى الأبد لزيغانه، هو بشر!” (تك 6: 3). وأيضًا: “كل جسدً (بشرٍ) عشب، وكل جماله كزهر الحقل. يبس العشب، ذبل الزهر، لأن نفخة الرب هبت عليه. حقًا الشعب عشب” (إش 40: 6-7).
يرى الأب أنثيموس الأورشليمي أن كلمة “البشر” هنا تعني الجسدانيين، كقول الرسول بولس: “لأنكم بعد جسديون، فإنه إذ فيكم حسدُ وخصام وانشقاق، ألستم جسديين، وتسلكون بحسب البشر” (1 كو 3: 3). وقوله: “لأن اهتمام الجسد هو موت، ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام” (رو 8: 6). فالإنسان الروحاني يتكل على الله، فلا يخاف من الإنسان الجسداني المائت. الأول يحمل فيه الحياة الأبدية، وسلام الله، أما الثاني فيحمل الموت الأبدي.
* إن قوله: “بالله أمدح أقوالي” يعني: “إني قلت ولم أخف، لكني لست مفتخرًا بقوتي، بل امتدح الله”. وأيضًا بمعنى: “في وقت شدتي أنطق بتسابيح مجملة باسم الله”. وأيضًا بمعنى: “إذا أعانني الله كي استغيث به، يمدح الناس صدق أقوالي”. وأيضًا: “إن أقوالي تتضمن معرفة الله والاتكال عليه، لذلك فهي ممدوحة”. فمن يتكل على الله يكون إنسانًا روحانيًا، فلا يفزع من إنسان مائت، لأن المائت يُسمى في الكتاب بشرًا (جسدًا).
الأب أنثيموس الأورشليمي

هل تبحث عن  القراءات اليومية ( يوم الجمعة ) 8 ابريل 2016

يربط القديس أغسطينوس بين عدم خوف المرتل واتكاله على الله، قائلًا بأن المرتل لا ينسب عدم خوفه إلى نفسه، بل إلى رجائه في الله الذي يتكل عليه. وفي هذا يختلف المرتل عن الأشرار الذين لا يخافون من الآخرين، لا لاتكالهم على الله، وإنما بسبب عنفهم وقسوة قلوبهم.
لا يدهش القديس أغسطينوس من المرتل الذي كان يئن، لأن الإنسان يطأ عليه بقدميه، واليوم كله يضايقه [1]، وها هو يقول: “لا أخاف، ماذا يصنع بي البشر” [4]. فقد كان عنبًا، والآن إذ وطأ عليه الإنسان بقدميه فاض منه خمر. هكذا بالاتكال على الله لا نخشى بشرًا، لأن الله يحول الضيقة في حياتنا إلى فيضٍ من الخمر الروحي أو من الفرح الداخلي.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي