مزمور 61 |  صلاة من أجل الملك


صلاة من أجل الملك

إِلَى أَيَّامِ الْمَلِكِ تُضِيفُ أَيَّامًا.
سِنِينُهُ كَدَوْرٍ فَدَوْرٍ [6].
لا يمكن تفسير ما ورد هنا إلا بتحقيقه في شخص المسيا. فإن المرتل داود كان يشتهي مع أبيه إبراهيم أن يرى يوم المسيا المفرح (يو 8: 56)، وإن تمتد أيامه من جيل إلى جيل خلال عمله الخلاصي في كنيسته المقدسة.
يقدم البعض تفسيرًا حرفيًا للعبارة، فيرون أن داود كان على حافة القبر، حيث كان ابنه أبشالوم يطلب رأسه، لكن الله أعطاه عمرًا امتد إلى 69 سنة، حيث رأى الجيل الثالث له.
لعل داود النبي وهو في لحظات مُحرِجة حيث يطلب ابنه رأسه، كان يتطلع إلى المسيا الموعود به، الذي لن يقدر الموت أن يحطمه، ولا الفساد أن يلحق بجسده.
يرى الأب أنثيموس الأورشليمي أن داود الملك لا يطلب أن يزيد الله أيامًا على أيامه وسنينًا إلى جيل وجيل بمعنى أنه يطلب طول العمر الفاني، إنما يطلب أن تبقى مزاميره من جيل إلى جيل، أي تعبر من اليهود أيضًا إلى الأمم، حيث يصير الكل مملكة روحية واحدة، ورعية واحدة لراعٍ واحدٍ.
* الملك المسيح، رأسنا، هو ملكنا. نعطيه أيامًا فوق أيامٍ، ليس فقط تلك الأيام التي في هذا الزمن الذي ينتهي، بل نعطيه أيامًا فوق الأيام التي لا تنتهي… أي شيء له نهاية فهو قصير، أما أيام هذا الملك فهي أيام فوق أيامٍ، فلا يملك المسيح في كنيسته فقط في تلك الأيام التي تعبر، وإنما يملك القديسون معه في تلك الأيام التي لا تنتهي… “وأنت هو وسنوك لن تنتهي” (مز 102: 27).

القديس أغسطينوس

ولعله بقوله: “تضيف إلى أيام الملك أيامًا” تشير إلى أن السيد المسيح ملك الملوك الأبدي يفرح بقبول البشرية الإيمان به والاتحاد ليصيروا ملوكًا، يشاركونه المجد الأبدي، فيُحسب ملكوتهم الأبدي كأنه إضافة إلى أيامه. مع كل مؤمن يصير ملكًا، يتهلل ملك الملوك، ويبتهج به كمن نال هو ما قدمه لهذا المؤمن.


يَجْلِسُ قُدَّامَ اللهِ إِلَى الدَّهْر.
اجْعَلْ رَحْمَةً وَحَقًّا يَحْفَظَانِهِ [7].
ملك داود على يهوذا حوالي 40 عامًا، فمن هو هذا الملك الذي يجلس ملكًا قدام الآب إلى الأبد، سوى ابن الإنسان، الذي أشار إليه دانيال النبي: “كنت أرى في رؤى الليل، وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام، فقربوه قدامه. فأُعطي سلطانًا ومجدًا وملكوتًا، لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة، سلطانه سلطان أبدي، ما لن يزول، وملكوته ما لا ينقرض” (دا 7: 13-14).
أساس مملكته الأبدي فهو التناغم بين الرحمة والحق معًا اللذان تحققا بعمله الخلاصي على الصليب.
* يقول أيضًا في موضع آخر: “كل سُبُل الرب رحمة وحق لحافظي عهده وشهاداته” (مز 25: 10). يتكلم عن الرحمة، لأن الله لا يهتم باستحقاقاتنا بل بصلاحه، حتى يغفر لنا كل خطايانا، ويعدنا بالحياة الأبدية. أما عن الحق فيتكلم عنه، لأنه لن يخفق في تحقيق ما يعد به.

ليتنا نعرف هذا هنا، ليتنا نمارسه، حتى يُظهِر الله لنا رحمته وحقه. يظهر رحمته بغفران خطايانا، وحقه بإظهار مواعيده. أقول أيضًا ليتنا نحن ننفذ الرحمة والحق. الرحمة على الضعفاء والمحتاجين، بل حتى على أعدائنا. والحق بأننا لا نخطئ، ولا نضيف خطية فوق خطية.

القديس أغسطينوس

يختم المرتل مزموره بالإعلان عن إيفاء نذوره، ألا وهو التسبيح لاسم الله إلى الأبد.





هل تبحث عن  إِلِعَاسَة ابن شافان

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي