معاني القيامة

معاني القيامة

يهدف انجيل يوحنا في كتابة فصل عشرين حمل قرائه على الايمان بقيامة المسيح، حتى وان كانوا بين اولئك الذين لم يروه، حيث وصف مجموعة من العلامات: القبر الفارغ (يوحنا 20 :1-10)، والظهور لمَريمُ المِجدَلِيَّةُ (يوحنا 20:11-18) والظهور للتلاميذ (يوحنا 20: 19-23) والظهور لتوما (يوحنا 20: 24-31). فالقيامة كانت ختام عمل الفداء وتمجيد يسوع وتحقيق النبوات والوعود ومركز كرازة الجماعة المسيحية الاولى وموضوع ايماننا المسيحي الأساسي.

أ) معاني قيامة المسيح:

قيامة المسيح ختام عمل الفداء

بدأ يسوع عمل الفداء بالتجسد والالام والصلب والموت، حيث تعتبر قيامة يسوع من بين الاموات هي تمجيد للابن من قبل الآب (اعمال 2: 22-24)، فالمسيح أصبح بقيامته رباً ومسيحاً (اعمال الرسل 2: 36) وقائداً ومُخلصاً (أعمال الرسل 5:31) وديانا للأحياء والاموات (اعمال الرسل 10: 42)، وواهباً الروح القدس الذي وعد به (يوحنا 20: 22). انه آدم الجديد الذي وضع الله تحت قدميه كل شيء (1 قورنتس 15:27)، إنه رَأسُ الزَّاوِيَة كما وصفه القديس بطرس “هذا هو الحَجَرُ الَّذي رَذَلتُموه أَنتُمُ البَنَّائين فصارَ رَأسَ الزَّاوِيَة (اعمال الرسل 4:11). ومن هذا المنطلق، القيامة هي انتصار الله الأخير على الموت، انتصار المسيح، انتصار الحياة على الموت، انتصار النور على الظلمة، انتصار الرجاء على الياس. وكشف لنا يسوع بعد قيامته، أن الحياةَ تمرُّ حتماً بالموت، والمجد بالآلام، والخلاص بالصليب، والفرح بالحزن، والخدمة بالتواضع، والأول بالآخر، والربح بالخسارة. فلا مجد دون ألم، ولا حياة دون موت، ولا قيامة دون درب الآلام.

قيامة الربّ يسوع هو مصدر قيامة امواتنا

لمَّا كان يسوع على الارض لم يُظهر مجده الا ببعض العلامات (يوحنا 1: 11)، وفي لحظات قصيرة: كلحظة التجلي (يوحنا 1:14)؛ أمَّا بعد القيامة دخل يسوع عالم جديد تنبأ عنه أشعيا النبي (أشعيا 65: 17) وأصبح ربَّ المجد (1 قورنتس 2: 8)، ” أَرادَ أَن يَقودَ إِلى المَجْد ِكَثيرًا مِنَ الأَبناء” (العبرانيين 2: 10). لذلك لم يتردّد بولس الرسول ان يُعلن ” عَن يَدِ إِنسان أَتى المَوتُ فعَن يَدِ إِنسانٍ أَيضا ً تَكونُ قِيامةُ الأَموات، وكما يَموتُ جَميعُ النَّاسِ في آدم فكذلك سَيُحيَونَ جَميعًا في المسيح” (1 قورنتس 15: 22). وهكذا أضحى الموت بقيامة يسوع نهاية مطاف وعبوراً إلى حياة أخرى. ويُعلق الأسقف ميلتون “هو الذي أخرجَنا من العبوديّةِ إلى الحرّيَةِ، ومن الظلمةِ إلى النورِ، ومن الموتِ إلى الحياةِ، ومن الجورِ والمذلَّةِ إلى الملكوتِ الأبديِّ، وجعلَنا كهنوتًا جديدًا وأمَّةً مختارةً وأبديّةً. هذا هو فصحُ خلاصِنا”.

هل تبحث عن  التكوين2 - تفسير سفر التكوين

قيامة يسوع تُحقيق النبوات

حقَّقت قيامة يسوع النبوءات كما أعلن يسوع نفسه ” بَدأَ يُعَلِّمُهم أَنَّ ابنَ الإِنسانِ يَجِبُ علَيه أَن يُعانيَ آلاماً شديدة، وأَن يرْذُلَه الشُّيوخُ وعُظماءُ الكَهَنَةِ والكَتَبَة، وأَن يُقتَل، وأَن يقومَ بَعدَ ثَلاثةِ أَيَّام “(مرقس 8: 31). لقد تمَّمت قيامة المسيح ما ورد في نبوءة يونان التي كانت ترمز الى قيامة المسيح “فكما بَقِيَ يُونانُ في بَطنِ الحُوتِ ثَلاثةَ أَيَّامٍ وثلاثَ لَيال، فكذلكَ يَبقى ابنُ الإِنسانِ في جَوفِ الأَرضِ ثَلاثةَ أَيَّامٍ وثلاثَ لَيال” (متى 12: 40). وهي أيضاً علامة الهيكل كما اشار يسوع الى ذلك: “اُنقُضوا هذا الهَيكَل أُقِمْهُ في ثَلاثَةِ أَيَّام” (يوحنا 2: 19-21).

قيامة المسيح تحقيق الوعود

حقَّقت القيامة وعد رفْع يسوع مُمجَّدا الى يمين الله كما جاء في اعمال الرسل “داودُ لم يَصعَدْ إِلى السَّموات، وهُو نَفْسُه مع ذلك يَقول: قالَ الرَّبُّ لِرَبيِّ: اِجلِسْ عن يَميني” (اعمال الرسل 2: 34)، وكما حقَّقت القيامة وعد تمجيد يسوع بإجراء الشفاء باسمه “لِيَجرِيَ الشِّفاءُ والآياتُ والأَعاجيبُ بِاسمِ عَبدِكَ القُدُّوسِ يَسوع” (اعمال الرسل 4:30)، وحقَّقت القيامة ايضا الوعد بجلوس يسوع عن يمين الله كما جاء في خطاب إسطفانس اول شهداء المسيحين “ها إِنِّي أَرى السَّمواتِ مُتَفَتِّحَة، وابنَ الإِنسانِ قائِمًا عن يَمين الله” (اعمال الرسل 7: 56).

قيامة المسيح مركز الكرازة الرسولية

تتناول كرازة جماعة الرسل خبر صلب يسوع وموته، الاَّ ان الله أقامه من بين الأموات (اعمال الرسل 2: 22-35)، وبه قدَّم الله للناس الخلاص كما صرَّح بطرس الرسول “قَتَلتُم سيِّدَ الحَياة، فأَقامَه اللهُ مِن بَينِ الأَموات، ونَحنُ شُهودٌ على ذلك” (اعمال الرسل 3: 14-15). ويؤكِّد لنا بولس الرسول إيمان الجماعة الأولى بقيامة يسوع والتبشير بها في انحاء العالم حيث يقول “سَلَّمتُ إِلَيكم قبلَ كُلِّ شيَءٍ ما تَسَلَّمتُه أَنا أَيضًا، وهو أَنَّ المسيحَ ماتَ مِن أَجْلِ خَطايانا كما وَرَدَ في الكُتُب، وأَنَّه قُبِرَ وقامَ في اليَومِ الثَّالِثِ كما وَرَدَ في الكُتُب” (1 قورنتس 15: 3-4). “وإِن كانَ المسيحُ لم يَقُمْ، فتَبشيرُنا باطِلٌ وإِيمانُكُم أَيضًا باطِل” (1 قورنتس 14:15). والقوة التي اقامت يسوع للحياة قادرة ان تعيد نفوسنا المائتة روحيا الى الحياة فنستطيع ان نقوم “إِنَّ المسيحَ قد قامَ مِن بَينِ الأَموات وهو بِكرُ الَّذينَ ماتوا” (1قورنتس 15: 20).

هل تبحث عن  المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وللناس المسيرة

قيامة المسيح أساس مفتاح إيماننا المسيحي

بما ان يسوع “قَد قامَ كما قال”(متى 28: 6)، نعلم ان ما قاله هو حق. ولأنه قام فإنه يمكننا ان نثق في أنه يُتمِّم كل وعوده. انه المسيح الحي وليس نبياً فقط، وإننا واثقون من قيامتنا أيضا، وان الموت ليس النهاية بل هناك حياة في المستقبل. ولأنه قام فهو حيٌّ ويشفع فينا، ولأنه قام وغلب الموت، نعلم اننا سنقوم أيضا. ويُعلق القدّيس غريغوريوس النزيانزيّ ” أمس، صُلبتُ مع الربّ يسوع المسيح؛ اليوم أُمجَّد معه! أمس، مُتُّ مع المسيح؛ اليوم، أحيا معه من جديد! أمس، دُفِنتُ مع المسيح؛ اليوم، أخرجُ معه من القبر ” (عظات متفرّقة). فالقيامة هي أساس شهادة الكنيسة للعالم.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي