معجزة شفاء المولود أعمى
يوحنا ٩

أعتاد العالم القديم على الاعتقاد بأن هناك علاقة أو صلة بين الخطيئة والأمراض الجسدية ، وخاصة الأمراض الولادية التي كانت تنسب إلى خطيئة الأبوين ، كما ذكر في سفر الخروج
( 20 : 5 ) “أعاقب ذنوب الآباء في الأبناء إلى الجيل الثالث والرابع ممن يبغضونني ”
موقف يسوع

لكننا نرى في هذه المعجزة التي صنعها يسوع أنه يرفض هذا الاعتقاد الشائع ويعترف بواقع المرض ” لا هذا الرجل أخطأ ولا والداهُ ” ( 9 :3 ) ، ويعمل لمنح هذا الرجل السلامة الجسدية التامة . ويقدم له في نفس الوقت الشيء (الدليل) الذي سيمكنه من الوصول للنور الحقيقي وهو شفاءه الذي يظهر مجد الله وقدرتهُ التي تعمل في الإنسان ، ” ولكنه ولد أعمى حتى تظهر قدرة الله وهي تعمل فيه ” .

ويظهر له يسوع أيضاً محبة الله للإنسان وعمله المستمر لخلاص الإنسان(البشرية جمعاء) وخيره وذلك من خلال ابنه يسوع الذي هو نور العالم (9 :4 – 5 )

وبعد أن أعلن يسوع أنه نور العالم ولا يستطيع أحد أن يعمل خيراً بدونه ، يقوم بعمل المعجزة وعن طريق عملٍ مألوف لكنه يعطيه فاعلية جديدة ” وبصق في التراب وجبل من ريقهِ طيناً ووضعهُ على عيني الأعمى ” (9 : 6 ) { حيث كانوا يعتقدون في الزمن القديم بأن للتفال خصائص شفائية }. ويطلب منه أن يذهب ويغتسل في بركة سَلوَام (9 : 7 )
فأطاع كلام يسوع وذهب واغتسل فنال الشفاء
إيمان الأعمى

أما إيمان الأعمى نلاحظ أنه قد مر عبر مراحل متدرجة أي حدث تدريجياً :

الإيمان من السماع فعندما سألوه لأول مرة ” وكيف انفتحت عيناكَ ؟ (9: 10 )، أجاب ” هذا الذي أسمه يسوع جبل طيناً…” (9 : 11 ) هنا يدعوا المسيح رجل يقال له يسوع ، أي سمع من الآخرين عنه .
وبعد مرحلة السماع أي الاعتماد على الأقوال والسماع عن يسوع بدأ لديه المعرفة ، أي مر بمرحلة أعلى من المعرفة السطحية بل هناك بعض التفكير والإدراك في أن هذا الشخص ليس شخصاً عادياً لأن عمله يفوق العمل البشري ( الطاقات البشرية ) . فعندما سألوه ” أنت تقول أنه فتح عينيك فما رأيكَ فيه ؟ فأجاب : أنهُ نبي ! ”
وبعدها يمر أيمانه بمرحلة الشهادة ليسوع أنه من الله أي يعلن بنوتهُ لله بعد أن عرف واستنتج أنه ليس بإنسان خاطيء مثل الجميع ، وليس هناك شخص أرضى الله مثل يسوع فيقول ” نحنُ نعلم أنَ الله لا يستجيب للخاطئين ، بل لمن يخافهُ ويعمل بمشيئتهِ . وما سمع أحد يوماً أن أنساناً فتح عيني أعمى ولولا أن هذا الرجل من الله لما قدر أن يعمل شيئاً ” (9 : 31 -33 )
وأخيراً جسد هذا الأعمى إيمانه بقول الحق بدون الخوف من الاضطهاد أو الطرد من أجل أسم يسوع ، فسجد له وأثبت أنه الرب .قال : ” أمنت يا سيدي ! وسجد له ” (9 : 38 )

هل تبحث عن  القراءات اليومية ( يوم الخميس ) 6 نوفمبر 2014

– لقد نال هذا الشحاذ المستعطي فتح عينيهِ أولاً ثم نال نعمة التبني ثانياً ، فصار الأخذ من الله لا أخذ الشحاذين لكن أخذ الأبناء ، لأنه أختبر عنايتهُ لذا طلب الخلص أيضاً ، فهو لم يسترد بصر عينيه الجسديتين فقط بل الروحية أيضاً إذ اعترف بالمسيح سيداً ثم نبياً ثم رباً .
وفي نهاية المعجزة نرى أن كلام يسوع ورسالته يحدث تغيراً كبيراً في المواقف فالعميان الذين يؤمنون يبصرون ، والذين يتباهون بالتمتع بالبصر والنور عاجزون عن رؤية النور الحقيقي للخلاص (يسوع ) كما جاء في كلام يسوع ” جئتُ إلى العالم للدينونة ، حتى يُبصر الذينَ لا يُبصرون ، ويعمىَ الذينَ يبصرون ” (9 : 39 )
فلو كان الفريسين عمياناً على مثال هذا الأعمى الذي شفاهُ يسوع لكانوا بلا خطيئة لكنهم اعتمدوا على ما عندهم ولن يؤمنوا بيسوع الذي يستطيع أن ينتشلهم من الخطيئة .كما أجابهم يسوع بقوله ” لو كنتم عمياناً لما كان عليكم خطيئة . ولكن ما دمتم تقولون أننا نبصر ، فخطيئتكم باقية ” ( 9 : 41)

فهل نحن اليوم عميان ونحتاج المسيح يسوع ليفتح عيوننا ؟ أم أننا نعتبر أنفسنا نرى كل شيء ونعرف كل شيء ؟

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي