“أنا هو الأول والآخر والحى وكنت ميتاً، وها أنا حى إلى أبد الآبدين آمين ولى مفاتيح الهاوية والموت” (رؤ18،17:1).
القيامة فعل جديد ومفهومه يفوق العقل والتفكير وأعماق الضمير والجسد واللحم والمشاعر والأحاسيس.. ومسيحيتنا تنفرد عن ديانات العالم فى تتبع إله حى ناقض أوجاع الموت منتصر عليها.
وقيامة السيد المسيح- له المجد- تشمل فى حياة الكنيسة وحياة كل واحد فينا مفاعيل عظيمة ودروساً كثيرة جداً.. ونركز على البعض منها:
* القيامة رفعتنا من الخوف إلى سلام
لقد عاش التلاميذ فترة عصيبة كان فيها خوف ورعب وقلق شديد عقب أحداث الصليب الدامية.. إذ ظهر لهم الرب وعوضهم عن الخوف والقلق بسلامه العجيب “سلام لكم”
إن مسيحنا القدوس القائم من بين الأموات قادر أن يرفعك فوق الخوف والقلق والضيقات والاضطهادات مهما كانت نوعيته.. خوف المستقبل.. خوف المجهول.. التجارب بأنواعها.. يعيش الإنسان المسيحى فى هذا العالم، وهو يدفع ضريبة مسيحيته من ضيقات واضطهادات مستمرة.. وهذا ليس غريباً علينا فالسيد المسيح قال لنا: “فى العالم سيكون لكم ضيق.. عندئذ تردد مع داود النبى”: “إن سرت فى وادى ظل الموت لا أخاف شراً لأنك معى ومع الرسول بولس “إن كان الله معنا فمن علينا”، لا تخف أيها القارئ الحبيب من أى أمر.. يقول الكتاب المقدس: “إن رأيت ظلم الفقير ونزع الحق من البلاد فلا تخف من الأمر لأن العالى عالياً وفوقهم الأعلى يلاحظ”، ونفذ مقولة مثلث الرحمات البابا كيرلس السادس: “لا تفكر فى الأمور كثيرا دع الأمر لمن بيده الأمر”، فى هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذى أحبنا وبذل ذاته عنا.. معتبراً أن كل ضيقة وكل اضطهاد وكل ألم سواء فى الدراسة أو العمل أو فى أى مكان هو علامة حب وإخلاص تجاه مسيحه القدوس يقابلها فى الأبدية أكاليل عظيمة ومجد لا يفنى..
افرحوا وتهللوا لأن أجركم عظيم فى السماوات.. هكذا فالقيامة المجيدة رفعت أبصارنا وأنظارنا نحو السماء فأصبح المسيحى الحقيقى يعيش حياة القداسة والإيمان السليم على الأرض ولا يخاف من الموت الجسدى لأن كل اشتياقاته الحقيقية هى بالأكثر نحو السماء.. “لى اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جداً”.
القيامة رفعتنا من الحزن إلى الفرح: لقد قال الرب لتلاميذه قبل حادثة الصليب: “إنكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح.. وأنتم ستحزنون ولكن حزنكم يتحول إلى فرح” (يوحنا 20:16) ويقول الكتاب: “ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب”، لا تحزن ولا تيأس فى أى وقت تجد التجربة، انظر سريعاً إلى الرب المنتصر القائم من الأموات فهو القادر أن يبدد حزنك ويحوله إلى فرح، ولعل أعظم فرح ستناله هو فى القيامة العامة.. الفرح الحقيقى الدائم الأبدى.. المسيح الحى المنتصر على الموت بقيامته يدعوك إلى الحياة والقيامة معه “أنا حى وأنتم ستحيون”.
فنرجو من رب القيامة أن تسرى مفاعيل القيامة المباركة فى حياتنا باستمرار، راجياً فيه لكم جميعاً حياة مقدسة سعيدة وراجيا لبلادنا كل خير وسلام ومحبة بصلوات أبينا البطريرك صاحب القداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثانى، وكل أحبار الكنيسة وكلمة القيامة كلمة مباركة فيها تعزية وفيها رمز.
المسيح قام.. بالحقيقة قام