فخرج ملك سدوم لاستقباله بعد رجوعه …
وملكي صادق ملك شاليم أخرج خبزاً وخمراً،
وكان كاهناً لله العلي، وباركه…
( تك 14: 17 -19)
في “وادي الملك” تقابل أبرام مع ملكين. تقابل أولاً مع ملكي صادق ملك ساليم، كاهن الله العلي، وقد أعطى لأبرام خبزاً وخمراً، وباركه. وهو صورة للرب يسوع الكاهن العظيم الذي يمد المؤمن بالمعونة والتسنيد والإنعاش الذي يحفظه من السقوط في التجربة. كان أبرام راجعاً من المعركة في حالة من الإعياء، لكن ملكي صادق لقيه بالخبز والخمر والبركة. وأبرام ميَّز عظمة هذا الشخص فأعطاه عُشراً من كل شيء.
بعد ذلك تقابل أبرام مع ملك سدوم، وهو صورة للمجرِّب الذي يأتي ويعرض ما عنده. قال له: “أعطني النفوس وأما الأملاك فخذها لنفسك” ( تك 14: 21 ). إنه قبل أن يعطي سيأخذ. وهو إن قدَّم بعض العطايا، فإن النفوس الغالية هي الثمن. والإيمان الذي انتصر على شراسة العالم، هو الإيمان الذي ينتصر على عطايا العالم وإغراءاته.
وفي “وادي الملك” تعلم أبرام درسين. قال له ملكي صادق “مبارك أبرام من الله العلي مالك السماوات والأرض: (ع19)، هذا هو الدرس الأول. فالذي باركه هو مالك السماوات والأرض. وهذا قاده إلى الترفع عن عطايا ملك سدوم. وكأنه يقول للرب: أنت “مجدي ورافع رأسي” فماذا ينقصه؟ كيف ينظر إلى أملاك وقد بورك من مالك السماوات والأرض؟ لقد امتلك كل شيء ولهذا فقد نظر إلى كل عطايا العالم باحتقار مقدس.
الدرس الثاني: “ومبارك الله العلي الذي أسلم أعداءك في يدك” (ع20). أي احذر من أن تفكر أنك بقوتك ومهارتك أو برجالك وعبيدك قد حققت الانتصار، الله هو الذي أسلمهم في يدك. وأبرام إذ أدرك أن الفضل كله للرب، قد أعطى عُشراً من كل شيء لملكي صادق الذي يمثل الله، اعترافاً بنعمة الرب عليه.
“فقال أبرام لملك سدوم: رفعت يدي إلى الرب الإله العلي مالك السماء والأرض. لا آخذن لا خيطاً ولا شراك نعل ولا من كل ما هو لك. فلا تقول أنا أغنيت أبرام” (ع22،23). كان هذا نوعاً من القَسَم والتعهد، ولعل أبرام كان قد وعد الرب أنه إذا أعطاه النجاح فلن يأخذ شيئاً من الغنائم. لقد رفض العطايا بناء على ما تعلمه من ملكي صادق.