منكسرو القلوب

منكسرو القلوب


يَشْفِي الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، وَيَجْبُرُ كَسْرَهُمْ

( مزمور 147: 3 )


في لوقا 7 نقرأ في أوله وفي آخره قصتين عن امرأتين توضحان سببين جوهريين لكسر القلب.

القصة الأولى هي قصة الأرملة التي مات وحيدها. وهنا نحن أمام سبب هائل لكسر القلب؛ الموت. وها امرأة مُحطمة تسير باكية؛ إنها أرملة لها ابن وحيد شاب، مات. وهي تسير خلف نعش ابنها لتدفنه. فمَن أحق منها بالبكاء؟! وآه، كم هي مليئة الحياة بالمآسي المُفجعات! وكم حطمت صروف الدهر قلوب الكثيرين من بني البشر! فكم مِن أُناس ودَّعوا الحياة بل ودفنوها وهم بعد على قيد الحياة. لكن الرب يسوع التقى بهذه الأرملة «فلما رآها … تحنن عليها، وقال لها: لا تبكي. ثم تقدَّم ولَمَسَ النعش، فوقف الحاملون. فقال: أيها الشاب، لكَ أقول قُم! فجلسَ الميت وابتدأ يتكلم، فدفَعَهُ إلى أُمهِ»!

أَ يقرأ هذه الأعداد شخص انكسر قلبه بسبب كارثة دهماء؟ إن طبيب القلوب قريب «قريبٌ هو الرب من المُنكسري القلوب» ( مز 34: 18 ). وما زال له القلب الذي يحنو، واليد التي تُخلِّص.

لكن في آخر الأصحاح نجد امرأة أخرى لم تكسر قلبها ظروف الحياة وتقلباتها، بل العيشة في الخطية وعبوديتها. هذه المرأة لم يأتِ المسيح إليها، بل إنها إذ علمت أنه مُتكئ في بيت سمعان الفريسي، جاءت إليهِ مدفوعة بما فيها، مُنجذبة بما فيه. يدفعها شقاؤها إليه، وتشدّها نعمته أيضًا إليه. ووقفت باكية كالمرأة الأولى، ولم تتكلَّم كلمة واحدة مثلها أيضًا.

إن صمت هاتين المرأتين لا يرجع فقط لأن مشكلتهما واضحة لا تحتاج إلى شرح، بل ترجع بالأحرى إلى أن الرب مُرسَل خصيصًا لكل مَن انكسر قلبه. إنه يعرف أكثر مما نعرف نحن سر العِلة، وهو وحده يعرف سر الشفاء!

هل تبحث عن  الكاثوليكون من رسالة يعقوب الرسول ( 5 : 9 ـ 20 )

المرأة الثانية بخلاف الأولى، لا تبكي لأن عزيزًا عليها ضاع، بل لأنها هي نفسها ضاعت في الخطية والوحَل. وآه، مَن يستطيع أن يجمع دموع البشرية التي ذُرفت من المآقي على مر العصور بسبب الخطية؟ إنها بالتأكيد لو جُمعت لصارت نهرًا عظيمًا يُغطي الأرض كلها. لكن نهر الدموع هذا لا يقدر أن يغسل خطية واحدة. لا شيء يغسل سوى دم المسيح الذي يُطهرنا من كل خطية.

عزيزي القارئ: إن العالم لم يتغيَّر، وبؤسه لم يقّل. فلماذا لا تُسرع للوحيد الذي «يشفي المُنكسري القلوب». .

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي