( واتكل على الرب إله أسرائيل ، فلم يأت قبله ولا بعده ملك نظيره بين ملوك يهوذا … )
” 2مل 18: 5-6 “
ملك من ملوك يهوذا ويعد الخامس عشر ، أنه أبن آحاز أبن يوثام أبن عزيا …أبن سليمان أبن داود الملك .
كان حزقيا تقياً ومحباً لله ومطيعاً ومهذباً ، بل كان أتقى وأفضل الملوك بعد داود . نصب ملكاً على يهوذا وهو أبن الخامسة والعشرون وبقي لمدة تسعة وعشرون سنة في أورشليم . عمل المستقيم في عيني الرب أكثر من كل أحفاد داود ، وكان يعمل مثله بحسب وصايا الله وبغيرة أيمانية قوية ، فأزال المرتفعات وكسر الأصنام ، وقطع السواري ، وسحق الحية النحاسية التي صنعها موسى النبي بحسب أمر الرب ، وسبب أقدامه الى سحقها ، لأن بني أسرائيل حوَلوها الى صنم فبدأوا يوقدون النار أمامها ويرفعون لها البخور ” 2 مل 18 ” و ” عدد 21 ” . ودعوا أسم الحية النحاسية ” نخشتان ” تاركين الههم الحقيقي . أضافة الى أعمال مستقيمة قدمها حزقيال للرب ولم يأتي ملكاً مستقيماً مثله في جميع ملوك يهوذا ولا قبله وصولاً الى النبي داود لأنه ألتصق بالله ولم يحد عنه أبداً ، كما حفظ وصايا الله وعمل بها ، لهذا باركه الرب فكانت يده القوية معه فأمسك به وباركه .
أحداث الأيام التي ملك بها هذا الملك تبين لنا بأن الله كان معه ، فقد تعرض لهجوم كبير من جيش عرمرم للملك آشور فحاولت تلك الجيوش الجرارة أستفزازه وزرع الخوف بشعبه وأضعاف أيمانه ، لا وبل كانوا يعيرون ألهه بأستهزاء . أرسل الملك سنحاريب جيشاً قوياً أجتاح جميع مدن يهوذا الحصينة وأستولى عليها وأحاط بأورشليم بجيش جرار بقيادة قائد جيشه ووزير خزانته ورئيس أركان قواده وأرسل له رسائل تهديد لكي يرضغ له ويستسلم ويسلم المدينة المقدسة لهم . نشرحزقيا الملك تلك الرسائل أمام الرب وصلى اليه بحرارة فجاء رد الله اليه عن طريق نبيه أشعياء ، قائلاً ( هذا ما يقوله الرب إله إسرائيل الذي تضرعت اليه لينقذك من سنحاريب ملك آشور : قد سمعت . وهذا هو رد الرب عليه : ” ها العذراء أبنة صهيون قد أحتقرتك واستهزأت بِكَ ، وهزت ابنة أورشليم رأسها سخريةً منك . من عيَرتَ وجدفتَ عليه ؟ وعلى من رفعت صوتاً وشمختَ بعينيكَ زهواً ؟ أعلى قدوس أسرائيل ؟ …. لأن ثورتك عليّ وعجرفتك قد بلغتا مسامعي ، فلإني سأشكمكَ بخزامتي في أنفكَ ، وأضع لِجامي في فمك ، وأعيدك في نفس الطريق الذي أقبلت منه ” . وحدث في تلك الليلة أنَ ملاك الرب قتل مئة وخمسة وثمانين ألفاً من جيش الآشوريين ، فما إن طلع الصباح حتى كانت الجثث الميتة تملأ المكان . فانسحب سنحاريب ملك أشور وارتد الى بلاده ومكث في نينوى ) ” 2 مل 19: 20-28 و35-36 ) .
كان حزقيا ملك الأصلاح وباعث نهضة في نفوس شعبه وكان يخاف الله رغم كونه ابن ملك شرير وهو آحاز . كان حزقيا رابع ملك أثناء فترة النبي أشعيا الذي عاش وعمل مع أربع ملوك في أورشليم ، وكما يقول النبي أشعياء في بداية سفره ( هذه هي رؤيا إشعيا بن آموص التي أعلنت له بِشأن يهوذا وأورشليم في أثناء حكم كل من عزيا ويوثام وآحاز وحزقيا ملوك يهوذا ) ” أش 1:1 ” .كما يحدثنا سفر الأمثال في مقدمة الأصحاحات من 25 الى آخر سفر 31 أمثال . هذه أيضاً أمثال سليمان التي نقلها رجال حزقيا ملك يهوذا ” أم 1:25″ . بل أعتبر حزقيا بطل العديد من فصول سفر الأمثال ” طالع أم 1:25 ” . إذن كان لهذا الملك التقي الفضل على الأجيال في نقل أجزاء مهمة من أمثال سليمان الحكيم اليهم ، ضعفاته تتلخص بأستعراضه لكل ثروات بني اسرائل لوفد الملك نبوخذنصر .
هناك سؤال محير يظهر في مخيلتنا فيقول ، هل يجوز أن يجلب الشرير قديساً ؟ والمقصود هنا أحاز الملك الشرير الذي أنجب حزقيا . وهكذا نقرأ السؤال بشكل معكوس ، فنقول : هل يمكن لقديس أن يجلب أبليساً ؟ أي حزقيا الذي أنجب منسي الشرير . المعروف للجميع بأن الأبرار ينجبون ابراراً لأنهم يتربون في ذلك الجو العائلي الملىء بمخافة الله كالتقيين زكريا واليصابات اللذان كانا يسلكان بحسب وصايا الله وأحكامه ، وكانوا بلا لوم ، فلا غرابة أن ينجبا أعظم أنسان من مواليد النساء ، وهو النبي يوحنا المعمدان . وهكذا نقرأ في الكتاب المقدس عن آخاب وأيزابيل الشريرين اللذان أنجبا اولاداً أشرار كثيرين . لكن الله يستطيع أن يخرج من الجيفة حلاوة فتظهر لنا الأستثنائات ونلاحظ ذلك بوضوح في سلسلة ملوك يهوذا ، فمثلاً ( داود النبي أنجب أبشالوم الخاطىء والمرتد . كذلك يوثام كان صالحاً لكنه أنجب آحاز الشرير ، وهذا الشرير أنجب حزقيا التقي وحزقيا أنجب منسي الشرير ) .
في الختام نقول : على الأنسان أن يعرف نفسه أولاً على حقيقتها فيتعرف على ضعفاته وأخطائه وعن أسبابها ، وما هي الوسائل المساعدة لتجنب تلك الضعفات من أجل الوصول الى ماهو أقدس وأفضل . على الأنسان أن ينظر الى النقاط الأصلية لا الفرعية ، هكذا يبتعد عن السطحيات فيدخل الى العمق فيحاسب ذاته على كل ما لايليق به أمام الله فيبدأ بالتطور والنضوج ، فيسير في الخط الروحي بثبات فيتغير بسرعة ويتقدم وينمو في الفضائل فيصبح رجل الله فيمتاز بالوداعة والتواضع والرجاء والعمل الصالح والقداسة والعمل بحسب مشيئة الله القدوس . وصف حزقيا الملك بأنه ( ألتصق بالرب ولم يحد عنه ) ” 2مل 6:18 ” كما كتب عنه ، بأنه رجل الأعمال الصالحة الذي عمل المستقيم في عيني الرب مثل داود أبيه ” 2مل 3:18 ” . كذلك كان رجل الأيمان والأتكال على الله الذي كان يثق به ثقةً كاملة ومجردة من الرياء والشك حتى لم يكن مثله ” 2 مل 18 ” لهذا كان رجلاً ناجحاً فكان الرب معه ” 2 مل 7:18 ” . بل كان له علاقة شخصية ومتنامية ومستمرة مع الله .