اِصْفَحْ عَنْ ذَنْبِ هذَا الشَّعْبِ كَعَظَمَةِ نِعْمَتِكَ،
وَكَمَا غَفَرْتَ لِهذَا الشَّعْبِ مِنْ مِصْرَ إِلَى ههُنَا».
فَقَالَ الرَّبُّ: «قَدْ صَفَحْتُ حَسَبَ قَوْلِكَ.
( عدد 14: 19 ، 20)
أخطأ الشعب إذ قبلوا تقرير الجواسيس العشرة. صحيح أنهم قالوا: «الأَرْضِ … حَقًّا إِنَّهَا تَفِيضُ لبَنًا وَعَسَلاً»، ولكنهم أضافوا بسرعة: «غَيْرَ أَنَّ الشَّعْبَ السَّاكِنَ فِي الأَرْضِ مُعْتَزٌّ، وَالمُدُنُ حَصِينَةٌ عَظِيمَةٌ جِدًّا». لقد «أَشَاعُوا مَذَمَّةَ الأَرْضِ التِي تَجَسَّسُوهَا»، وأضعَفـوا الثقة في شعب إسرائيل بقدرتهم على هزيمة الأعداء وامتلاك الأرض. أما كالب فاعترض بكل شجاعة وقال: «إِنَّنَا نَصْعَدُ وَنَمْتَلِكُهَا لأَنَّنَا قَادِرُونَ عَليْهَا» ( عد 13: 27 -32). وفي اليوم التالي يؤكد يشوع قول كالب: «لا تَخَافُوا مِنْ شَعْبِ الأَرْضِ … الرَّبُّ مَعَنَا» ( عد 14: 9 ). فهل سيُصغي إسرائيل إلى كلمات العشـرة الجواسيس التي تبعث على الهزيمة، أم لرَجُلـي الإيمان الواثقين في الرب بتحقيق النُصرة؟
تًرى ما هو الأمر معنا؟ أَ نحن من بين الذين نؤكد على ”الأرض؛ دائرة تمتعنا ببركاتنا الروحية“، أم أننا من الذين نُفَشِّل النفوس في اتباعها للرب؟ أ ليس النقد والتقليل من أهمية خدمة الكلمة وإضعافها، وإهمال حضور الاجتماعات، وإظهار عيوب الآخرين، وعناصر أخرى كثيرة تجعل إخوتنا يفشلون في امتلاك البركات الروحية المُعطاة لنا بالنعمة من الله؟ ليتنا نكون مثل كالب ويشوع، ونعتمد على الله في امتلاك ما أعطانا إيَّاه، وأن نُحرِّض الآخرين أن يفعلوا مثلنا.
وأصغى الشعب إلى العشـرة جواسيس. وطوال الليل كله رفعوا أصواتهم وكانوا يصـرخون ويبكون. وفي الصباح رفضوا موسى، وقالوا بتعيين قائد لهم بدلاً من موسى ليرجع بهم إلى مصر، كما قرَّروا برجم كل من يشوع وكالب.
ويضع الرب خادمه في الامتحان مرةً أخرى إذ يعرض أمامه الاقتراح بإبادة هذا الشعب، ويجعل من موسى شعبًا أعظم منهم. أما موسى فلم يقبل أن يدخل الأرض بمفرده، مُضحيًا بإخوته وبمجد الله ( عد 14: 12 -16). وهو يطلب من الرب أن يُسامحهم مرة أخرى «اِصْفَحْ عَنْ ذَنْبِ .. الشَّعْبِ كَعَظَمَةِ نِعْمَتِكَ. فقال الرب: قَدْ صَفَحْتُ حَسَبَ قَوْلِكَ».
وكان على موسى أن يخضع للتأديب الذي سوف يُصيب إسرائيل بسبب عدم الإيمان. يا له من خادم أمين! إنه يقبل بالحري ثماني وثلاثين سنة لكي يُعاني مع شعب الله عن أن يشهد بالقضاء على الشعب وهو وحده يُكرَم. لقد خضع وتذلَّل أمام آلام لا يستحقها هو. أ فلا يجب أن نُخضِع أنفسنا وننحني تحت يد الله الذي يؤدب شعبه، حتى ولو لم نكن نحن في سقوط يستوجب تأديبًا إلهيًا علينا؟