موضوع السفر وغاية هوشــع

موضوع السفر وغاية هوشــع
موضوع السفر مركز في الفصول الثلاثة الأولى والتي يتردد صداها ويتكرر مغزاها وجوهرها في بقية فصول السفر:
(أ) فيشرح زنا جومر (ص1) خطية إسرائيل (4 :7).
(ب) ويمثل انحدار جومر التدريجي وهبوط قيمتها (ص2) دينونة الله لإسرائيل (ص8 -10).
(ج) ويمثل افتداء هوشع لجومر وشرائها من سوق العبيد وعودتها لما كانت عليه في أيام الحب الأولى (ص3) عودة إسرائيل، بعد السبي، إلى الله (ص11-14).
ويعتبر هوشع النبي أكثر نبي في أنبياء العهد القديم تشرح خبرته العملية في حياته العائلية الشخصية رسالته النبوية المكلف بها من الله. وقد صور الله من خلال علاقة هوشع النبي مع زوجته وحبه ووفائه لها صورة حياة مفعمة بالحياة للعلاقة بين الله وشعبه، بين الله والنفس البشرية التي أحبها حباً أبدياً لا ينتهى، وبين فيها أمانة الله وعدله وغفرانه تجاه شعبه. مع تصويره لقداسة الله بالمقابلة مع فساد إسرائيل وخيانتها وارتدادها عن الله وعبادتها الأوثان. وقد سجل الوحي الإلهي على فم هوشع النبي حوالي 150 آية عن خطايا إسرائيل والدينونة القادمة عليها وقد أتى موعد استحقاقها وأصبحت وشيكة الحدوث. وأكثر من نصف هذه الآيات أو النصوص الموحى بها تتكلم عن الارتداد عن الله والوثنية التي سقط فيها الشعب أو الزنى الروحي للأمة الفاسدة. ويتلخص موضوع السفر فيما يلي:
1 – فساد إسرائيل: ” لا أمانه ولا إحسان ولا معرفة الله في الأرض. لعن وكذب وقتل وسرقة وفسق. يعتنفون (تجاوز كل حد) ودماء تلحق دماء ” (4: 1و2)، ” يذبحون على رأس الجبال ويبخرون على التلال تحت البلوط واللبني (الحور) والبطم 000 لذلك تزني بناتكم وتفسق كناتكم 000 يعتزلون مع الزانيات ويذبحون مع النازرات الزنى ” (13:4 ،14). فقد تحول زنى إسرائيل الروحي إلى زنى فعلي حيث أدخلت عبادة الأوثان هذا الانحطاط الأخلاقي الرهيب وانهارت الفضيلة في المجتمع.
2 – كهنة إسرائيل ودورهم في هذا الفساد: فقد اخفق الكهنة في تعليم الشعب شريعة الله الحي ” هلك شعبي من عدم المعرفة. لأنك رفضت المعرفة أرفضك أنا حتى لا تكهن لي. ولأنك نسيت شريعة إلهك 000 فيكون كما الشعب هكذا الكاهن 000 فيأكلون ولا يشبعون ويزنون ولا يكثرون لأنهم تركوا عبادة الرب ” (4 :6-10). اخفق الكهنة وسار الشعب معهم فهلكوا جميعاً.
3 – التحذير من الدينونة الآتية والوشيكة بسبب الخطية: اسمعوا هذا يا أيها الكهنة وأنصتوا يا بيت إسرائيل وأصغوا يا بيت الملك لأن عليكم القضاء إذا صرتم فخاً في وصفاه 000 فأنا تأديب لجميعهم 000 أفعالهم لا تدعهم يرجعون إلى إلههم لأن روح الزنى في باطنهم وهم لا يعرفون الرب ” (4 :1-5).
4 – لا تستطيع قوة بشرية (أشور) حماية إسرائيل من الدينونة الآتية: ” ورأى أفرايم مرضه ويهوذا جرحه فمضى أفرايم إلى أشور وأرسل إلى ملك عدو (الملك العظيم) ولكنه لا يستطيع أن يشفيكم ولا أن يزيل منكم الجرح ” (5 :13). أي لن يستطيع أن ينقذهم من هذه الدينونة ولا حتى ملك أشور تغلت فلاسر الثالث (2مل16 :5 الخ).
5 – حب الله وتعارضه مع الشعب في عدم التوبة والإصرار على الاستمرار في الخطية والاعتماد على الأمم البشرية الأجنبية وترك الاعتماد على الله والاتجاه إليه، بل واتجاههم إلى الأوثان وازدرائهم بمحبة الله (6 :1-8 :6). ونتيجة لكل ذلك فقد كانت الدينونة حتمية ولا مفر منها.
6 – حتمية الدينونة: فقد ثبت عدم جدوى تحالفهم مع الأمم ” إنهم يزرعون الريح ويحصدون الزوبعة 000 قد ابتلع إسرائيل. الآن صاروا بين الأمم كإناء لا مسرة فيه. لأنهم صعدوا إلى أشور مثل حمار وحشي معتزل بنفسه ” (8 :7-9). ومن ثم لا بد من عقابهم ” وصار أفرايم كحمامة رعناء بلا قلب. يدعون مصر. يمضون إلى آشور. عندما يمضون ابسط عليهم شبكتي. القيهم كطيور السماء. أودّبهم بحسب خبر جماعتهم ويل لهم لأنهم هربوا عني ” (7 :11-13)، ” وقد نسى إسرائيل صانعه وبنى قصوراً وكثر يهوذا مدناً حصينة. لكنى أرسل إلى مدنه ناراً فتأكل قصوره ” (8 :14). وكانت عبادتهم عبادة شكليه باطله (9 :1-6) وكان لابد من عقابهم ” جاءت أيام العقاب. جاءت أيام الجزاء ” (9 :7)، ” كل شرهم في الجلجال. أني هناك أبغضتهم. من اجل سوء أفعالهم اطردهم من بيتي. لا أعود أحبهم. جميع رؤسائهم متمردون000 يرفضهم الهي لأنهم لم يسمعوا له. فيكونون تائهين بين الأمم ” (9 :15و17)، وفي الإصحاح العاشر يوبخ الله إسرائيل على عبادته الباطلة وشره واستمراره في خيانته لله والارتداد عنه. وفي الإصحاح الحادي عشر يذكر بجودهم لنعمة الله عليهم وحبه لهم ومن ثم لابد من العقاب والدينونة (11 :1-7).
7 – حب الله الأبدي وإمكانية التوبة والرجوع:فقد أحب الله شعبه وأصعده من مصر (11 :1؛2 :15) ويريد الآن أن يرجع هذا الشعب إليه ثانية، ولكن الأمل في التوبة والرجوع والخلاص ما يزال موجوداً (14 :4و11؛11 :1-9)، ” أنا أشفي ارتدادهم. أحبهم فضلاً لأن غضبى قد ارتد عنه ” (14 :1) فهو يحبهم على الرغم من خطاياهم (11 :1-2) ويترك باب التوبة والرجوع إليه على مصراعيه (12 :1-6) ولكن يجب أن تتم العقوبة والدينونة على الخطية أولاً وحتمية التطهير (12 :7-14). ولكن حب الله الأبدي وحده هو الذي سيغفر الخطايا ويخلص إسرائيل بعد التوبة (13 :1-16). ويختم السفر بحب الله الأبدي الغافر والفادي والمخلص عند التوبة والجوع إليه ” من هو حكيم حتى يفهم هذه الأمور وفهيم حتى يعرفها. فأن طرق الرب مستقيمة والأبرار يسلكون فيها وأما المنافقون فيعثرون فيها “.(14 :9).

هل تبحث عن  تلك المسافة القصيرة هي لي وطن

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي