لقد دخل العالم قبل أكثر من ألفي سنة عهداً جديداً، ونال الناس بركات وميزات لا تحصى عند تنفيذ الله تعالى خطة الخلاص التي رأينا بوادرها مع بشارة الملاك جبرائيل للسيدة العذراء مريم واتخاذ سيدنا يسوع المسيح من أحشائها جسداً بشرياً، أيضاً عند تقدمة الطفل يسوع إلى الهيكل كقول سمعان الشيخ:
«الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب…»
(لو ٢٩:٢).
السلام والمصالحة:
لقد صالح يسوع المسيح في يوم ميلاده السماء مع الأرض، ووطد العلاقة الطيبة والمصالحة بين الإنسان ونفسه وبين الإنسان وأخيه الإنسان وبين الإنسان والله وذلك بعد القطيعة والخصومة بين الإنسان وخالقه منذ طرد آدم وحواء من جنة عدن.
وأهم ما ناله البشر أيضا بميلاد المسيح :
الخلاص:
ففي ميلاد السيد المسيح له المجد خلصنا الله تعالى من خطيئة آدم وحواء وكذلك من الموت اللعين وحوله إلى جسر وواسطة ننتقل بها إلى حياة جديدة فبعد أن كان الموت نهاية أصبح بداية جديدة، كما قضى السيد المسيح على إبليس وقوض سلطانه وكبله بإغلال، فلم يعد إبليس حراً كما كان في السابق عندما أغوى العالم كله في الضلال وإنما في العهد الجديد يعمل بسماح من الله كما يظهر ذلك في قصة أيوب البار.
الفرح:
في عيد الميلاد تهللت الملائكة وسبحت الله تعالى بالنشيد الخالد، المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة. فرح الرعاة عندما رأوا يسوع المسيح في مغارة بيت لحم بعد أن بشرهم الملائكة بهذا النبأ السار. وأيضاً فرح المجوس الذين جاءوا من بلاد فارس لرؤية الصبي يسوع حيث قدموا له هداياهم الثمينة ذهباً ولباناً ومراً معترفين به ملكاً ونبياً وأنه سيقبل الآلام من أجل خلاص البشرية. كما فرحت القديسة مريم العذراء ويوسف البار وغيرهم بهذه الولادة العجيبة وامتد هذا الفرح بعدئذ إلى كل المعمورة…
المحبة:
أن الله تعالى لمحبته الشديدة للناس شملهم برحمته الجزيلة وخلصهم من الخطيئة الأصلية كقوله:
«لأنه هكذا أحب الله العالم لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية»
(يو ١٦:٣).
فبعد أن كان الإنسان قديماً يحب أخاه وقريبه فقط، أصبح مع ميلاد السيد المسيح يحب جميع الناس كقوله تعالى:
«أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم»
(لو ٢٧:٦).
التواضع:
إن السيد المسيح خلال تجسده على الأرض لم يولد في قصور الملوك وإنما في مذود للحيوانات في مغارة بيت لحم لأن يوسف والعذراء مريم لم يجدا لهما مكاناً في فنادق المدينة ولا في بيوتها، وفي ذلك قال السيد المسيح:
«للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار، وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه»
(لو ٥٨:٩)
لقد ترك السيد المسيح الأمجاد في السماء وولد كأي إنسان وشابهنا في كل شيء ما عدا الخطيئة، فولد في بساطة وتواضع لكي يرفعنا إلى المجد بعد أن كان الكبرياء هو الذي أسقط إبليس وملائكته وأيضاً آدم وحواء.
«إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً»
(٢ كو ١٧:٥).
نأمل أنه كما غفر الله تعالى خطايانا وسامحنا على كل شيء وبدا معنا عهداً جديداً في عيد الميلاد المجيد أن نفعل نحن كذلك بان نغفر لبعضنا بعضاً ونسامح بعضنا ونتصالح معاً وننسى الماضي بسيئاته ومآسيه نبدأ معاً عهداً جديداً قائماً على أساس المحبة والسلام والمساواة والعدالة الاجتماعية والتعاون ومخافة الله تعالى وهكذا فقط يصير عيد الميلاد المجيد عيد ميلاد كل واحد منا.
الرب يسوع المسيح يحبكم
جميعاً فتعال…هو ينتظرك