سُبي بنو إسرائيل قديماً لمدة سبعين سنة في بابل، وعند نهايتها استخدم الله كورش الملك الفارسي ليصدر أمراً يخول حق الرجوع إلى أورشليم لكل من يرغب من المسبيين. ورجع جزء من الشعب على ثلاث دفعات تقريباً. المجموعة الأولى عادت تحت قيادة زربابل، والثانية بقيادة عزرا وأخيراً رجع نحميا، حوالي سنة 445 ق.م في عهد الملك ارتحشستا الأول.
لا نعلم عن عائلته سوى أنه كان «ابن حكليا»، وكان له أخ إسمه «حناني»
(1: 2؛ 7: 2).
عندما نقرأ سفر نحميا نكتشف أننا أمام شخصية عظيمة، اتسمت بصفات رائعة، وتُعتبر مثلاً يُحتذى به في كل العصور. وكلمة نحميا تعني الرب يعزي (أو يعين).
فعندما وصلته أخبار أورشليم صلي معترفاً بخطايا شعبه
(1: 5-11).
وعندما سأله الملك عن طلبته، رفع قلبه فوراً صارخاً لله
(2: 4).
وعندما استهزأ به الأعداء تحول إلى الرب
(4: 4).
ولما تآمروا ضده لجأ إلى الصلاة
(4: 9؛ انظر أيضاً5: 19؛ 6: 14؛ 13: 29؛ 31).
(2: 13)؛
ولم يندفع للكلام مع الآخرين حتى تبلور العمل أمامه. ثم بعد ذلك أشرك آخرين معه، وشجعهم بكلمات رائعة:
«هلم فنبني سور أورشليم ولا نكون بعد عاراً»
(2: 17).
ثم عند بدء العمل اشرك معه كل الشعب ولم ينفرد به، وكان هذا بحكمة منه.
«وأخبرتهم عن يد إلهي الصالحة عليَّ»
(2: 18)،
وكذلك في ثباته أمام استهزاء الأعداء وتخويفهم، إذ قال لهم:
«إن إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبني»
(2: 20).
«ولم أكن أنا ولا إخوتي ولا غلماني ولا الحراس الذين ورائي نخلع ثيابنا»
(4: 23).
ولما حاول أعداؤه أن يساوموه للتشاور معهم أجابهم بالقول الرائع:
«إني أنا عامل عملاً عظيماً فلا أقدر أن أنزل»
(6: 3).
ومرة أخرى دُبِّرت مكيدة ضده فقال:
«أ رجل مثلي يهرب؟»
(6: 11).
يا للصلابة!!
وإذ أنجحه الله بهذا الشكل فقد خزى أعداؤه
(6: 16).
«أما أنا فلم أفعل هكذا، من أجل خوف الله. وتمسكت أيضاً بشغل هذا السور ولم اشترِ حقلاً»
(5: 15 ،16).
فضلاً عن استضافته لعدد كبير من الولاة وغيرهم، على مائدته بصفة مستمرة. لكنه يقول هذه الكلمات المؤثرة
«ومع هذا لم أطلب خبز الوالي لأن العبودية كانت ثقيلة على هذا الشعب»
(5: 18).
هل يوجد من هو على استعداد أن يترك مركزاً مرموقاً في الدنيا لكي يخدم السيد. حقاً إن مراكز الدنيا كلها ليست شيئاً إزاء شرف خدمة المسيح. ذكر أحد الكتاب هذه القصة :
“عندما دُعى وليم كاري، أبو الإرساليات الحديثة، أن يكون وزير الهند في الوزارة البريطانية، لمعرفته بالهند وبرجالها، أجاب بكلمات نحميا
«إني عامل عملاً عظيماً فلا أقدر أن أنزل»؛
وعندما قدمت له بلاده مائه ألف جنيه استرليني لخدمة قام بها، حوّل المبلغ كله للعمل المرسلي!”.
*
قاد نحميا الشعب لبناء سور أورشليم وإصلاح أبوابها المحروقة وبذلك أعاد الأمن والاستقرار للشعب.
اهتم نحميا بالحالة الروحية للشعب، فقادهم للاستماع إلى شريعة الرب التي قرأها وفسّرها لهم عزرا واللاويون الذين معه. وكانت نتيجة ذلك أن الشعب اتضع قدام الرب واعترفوا بخطاياهم وذنوبهم.
قاد نحميا الشعب لقطع ميثاق أمام الرب لطاعته والخضوع لشريعته.
شجع نحميا الشعب لتقديم عشورهم وتقدماتهم لخدمة الرب بكل أمانة.
شدد نحميا على أهمية تقديس يوم السبت وعدم القيام بأي عمل فيه، حسب تعليمات ناموس موسى.
صمم نحميا على أن ينفصل الشعب عن كل الزوجات الوثنيات التي ارتبط بهن بعض من الشعب وأظهر في هذا غيرة عظيمة. وبهذا امتد تأثيره إلى أسرهم. هل لنا إيمان في الرب أن يعمل بنا مثل هذا العمل العظيم ويلمس بنا حياه كثيرين؟!
الرب يسوع المسيح يحبكم
جميعاً فتعال…هو ينتظرك