حامل أثقال إخوته

نَحَمْيَا النبي وحناني

أَنَّهُ جَاءَ حَنَانِي وَاحِدٌ مِنْ إِخْوَتِي،

هُوَ وَرِجَالٌ مِنْ يَهُوذَا،

فَسَأَلْتُهُمْ عَنِ الْيَهُودِ الَّذِينَ نَجُوا،

الَّذِينَ بَقُوا مِنَ السَّبْيِ وَعَنْ أُورُشَلِيمَ. [2]

حناني: اسم عبري معناه “منعم، كريم، رحوم، وهو اختصار “حنانيا”.




بعد السبي كان شعب إسرائيل يدعى “يهودًا“.

سأل نحميا عن أورشليم، حيث يوجد بيت الرب الذي صعد إليه الشعب، ويقدمون ذبائح الشكر للرب (مز 122).

يذكر المؤرخ يوسيفوس أن نحميا كان يتمشى حول أسوار القصر، فسمع بعض الأشخاص يتكلمون بلسان بلده، وإذ علم أنهم جاءوا من اليهودية مؤخرًا، تحدث معهم، وعلم أن حال أورشليم في دمار، وأن الراجعين من السبي في حالة بائسة، هذا ما بعث فيه روح الحزن أمام الملك [4].

يرى البعض أن هؤلاء الرجال جاءوا إلى شوشن، إما لطب العون من العرش الفارسي أو من نحميا. أو كانوا في رحلة عمل عادية تستلزم العلاقة بين اليهود في يهوذا والمشتتين في أنحاء الإمبراطورية [5].

هنا نقف بإجلال وتقدير لإنسانٍ يعيش في القصر لكن قلبه مع شعبه المتألم، فلن تستريح نفسه بينما تئن نفوس إخوته. هذا ما عبّر عنه الرسول بولس قائلًا: “فإني أود لو أكون أنا نفسي محرومًا من المسيح لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد” (رو 9: 3). وعبرّ عنه موسى النبي حين صرخ: “والآن إن غفرت خطيتهم، وإلا فامنحني من كتابك الذي كتبته” (خر32: 32).

* لما تدهش أن الرسول يود أن يكون محرومًا من أجل إخوته، إن كان هذا الذي هو في شكل الله أخلى نفسه، وأخذ شكل العبد وصار لعنة لأجلنا (في 2: 6-8)؟ لماذا العجب إن كان المسيح قد صار لعنة لأجل عبيده، أفلا يصير أحد عبيده لعنة من أجل إخوته؟ [6]

هل تبحث عن  يبدأ يَسوع بتحضير بُطرُس وباختباره بطلب عادي

العلامة أوريجينوس

فَقَالُوا لِي:

إِنَّ الْبَاقِينَ الَّذِينَ بَقُوا مِنَ السَّبْيِ هُنَاكَ فِي الْبِلاَدِ،

هُمْ فِي شَرٍّ عَظِيمٍ وَعَارٍ.

وَسُورُ أُورُشَلِيمَ مُنْهَدِمٌ،

وَأَبْوَابُهَا مَحْرُوقَةٌ بِالنَّارِ. [3]

بالنسبة نحميا فإنه لا يفصل بين خير الشعب عن خير المدينة وحالها، فالاثنان هما جانبان لحقيقة واحدة.

دمار السور يعني أن المدينة عاجزة تمامًا عن مواجهة أي عدو. ما كان يحزن قلب نحميا ليس ما حدث للأسوار منذ 140 عامًا، حيث هدمها نبوخذنصر، وإنما ما حدث في أيام عزرا (عز 4: 7-23)، حين حاول اليهود إعادة بناء السور، في أيام أرتحشستا الأول. ولكن اعترض رحوم صاحب القضاء وشمشاي الكاتب على ذلك، فأصدر الملك أمره بوقف العمل.




لقد سمح الله بالضيقة الشديدة، حتى بدت الأمور مستحيلة، ليس من يدٍ بشريةٍ تقدر على إصلاح الموقف. وسط الشعور بالعجز التام، وجد نحميا أن لا ملجأ له إلا الله بالصلاة من كل قلبه!

في كل العصور، يحتاج شعب الله إلى من يصلي لأجله.

ما هو السور، وما هي الأبواب؟ يقول الرب نفسه: “أنا أكون سور نار حولها” (زك 2: 5). ويقول: “أنا هو الباب” (يو 10: 9). فالسور المهدم والأبواب المحروقة بالنار إنما تشير إلى فقدان الإنسان قوة الله الحصن الحصين، وتيه الإنسان عن قوة الله الحصن الحصين، لأنه لم يجد الباب الحقيقي، ليدخل إلى حضن الله. فالسور يشير إلى قوة الله العاملة في المؤمن، والباب يشير إلى الخلاص الإلهي الذي ينعم به.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي