هلم ورائي
لقد كان كل ما يشغل إبراهيم هو ذلك الوعد الذي أعطاه الله لآدم وحواء أن نسل المرأة يسحق رأس الحية “فَقَالَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِلْحَيَّةِ … وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ” (تك3: 14، 15).
نتصور أن الله قال لإبراهيم: إن كنت يا إبراهيم مشغولاً بالأمور السمائية، وإن كان يشغلك خلاص البشرية، وإن كنت غير راضٍ عن حالة الإنسان الخاطئة.. وإذ أراك تتأمل في حالة الموت الذي دخل إلى العالم، كما أراك تشعر بتفاهة هذه الأرض وكل ما فيها، لأن الأرض بدون الله لا تساوى شيئًا. أنا أراك ترقب مصير الإنسان المظلم الكئيب، وكيف أن الموت الذي دخل إلى العالم لا يمكن أن يتناسب مع حب الله للبشرية.. أنا أراك تبحث وتفتش، فهيا بنا يا إبراهيم لنعمل معًا.
هلم لتدخل معي في عهد، تعال لنبدأ الطريق معًا؛ فبدايته هي خروجك من أور الكلدانيين، ونهايته هي الوصول إلى أورشليم السمائية. أنا الذي سوف أذلل أمامك كل الصعاب، سوف أحطم المتاريس، سوف أفك القيود، سوف أحرر “أَنَا أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ غَيْرِي مُخَلِّصٌ” (إش43: 11).
اخرج يا إبراهيم، اخرج لكي تستطيع أن تخرج من القبر ولكي تستطيع أن تخرج من الموت، وتستطيع أن تخرج من الأسر. اخرج إلى الحرية، اخرج إلى الحياة… وجاء السيد المسيح يقول يأتون من المشارق والمغارب ويتكئون في حضن إبراهيم “إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ” (مت8: 11). يا للعظمة، لقد أصبح الفردوس هو حضن إبراهيم، والفردوس يسمونه أحيانًا الأحضان الإبراهيمية!!