admin
نشر منذ سنتين
8
وقائع النص الإنجيلي لقيامة المسيح

وقائع النص الإنجيلي (يوحنا 20: 1-10)

1 وفي يَومِ الأَحَد جاءَت مَريمُ المِجدَلِيَّةُ إِلى القَبْرِ عِندَ الفَجْر، والظَّلامُ لم يَزَلْ مُخَيِّماً، فرأَتِ الحَجَرَ قد أُزيلَ عنِ القَبْر.

تشير عبارة ” يَومِ الأَحَد” في الأصل اليوناني Τῇ δὲ μιᾷ τῶν σαββάτων (معناها في أول الأسبوع)، الى يوم الاحد. اننا لم نعد في إطار عيد اليهود بل أصبحنا في بداية زمن جديد: الزمن المسيحي. وهو اليوم الذي قام فيه يسوع من الموت، فاتخذه المسيحيون يوم راحة تذكارًا لقيامة السيد المسيح، وسُمِّي “يَومَ الرَّبّ ” (رؤيا 1: 10) ومنها جاءت التسمية في اللغة اللاتينية Dies Domini، ويُسمَّى أيضا اليوم الثامن بعد نهاية الأسبوع. وهو اليوم الذي تلتقي فيه جماعة المؤمنين كلها أمام الرب القائم من بين الأموات الذي يدعوهم الى الاحتفال بالإفخارستيا، لأنه يوم القيامة. ومن هذا المنطلق، استبدلت الكنيسة السبت بالأحد للتذكير بقيامة الرب يسوع المسيح. وأصبحت جميع الأسرار لا تتمّ إلاّ انطلاقا من قيامة الربّ يسوع من بين الأموات. وعلى سبيل المثال، المعمودية ترمز الى قيامة الرب، إذ يرمز نزولنا في الماء إلى موتنا ودفْننا مع المسيح، ويرمز خروجنا من الماء إلى قيامتنا معه كما جاء في تعليم بولس الرسول “أَو َتَجهَلونَ أَنَّنا، وقَدِ اَعتَمَدْنا جَميعًا في يسوعَ المسيح، إِنَّما اعتَمَدْنا في مَوتِه فدُفِنَّا مَعَه في مَوتِه بِالمَعمُودِيَّةِ لِنَحْيا نَحنُ أَيضًا حَياةً جَديدة كما أُقيمَ المَسيحُ مِن بَينِ الأَمواتِ بِمَجْدِ الآب؟” (رومة 6: 4-5). وتبدأ قيامتنا في عيش الحب والغفران مع كل إنسان، وهذا ما يترجم عيش سر المصالحة والإفخارستيا والصلاة في حياتنا اليومية. وأمَّا عبارة “جاءَت مَريمُ المِجدَلِيَّةُ” فتشير الى مجيئها الى القبر ليس لأجل التحنيط إنما للتطيُّب جسد يسوع تعبيرا عن المحبة والوفاء والاحترام (متى 28: 1)، فكان الذهاب بالطيب الى القبر شبيها بأخذ الزهور اليوم. وقد اعتاد اليهود ان يقوموا بها على قبور الابرار. فأصبحت الآن عادة مسيحية نقوم بها اليوم بزيارة قبر الرب في كنيسة القيامة المجيدة. ومريم المجدلية لم تأِتِ وحدها بل أتت أيضا مع مَريمُ الأُخرى ” كما ورد في إنجيل متى (28: 1). وخصَ يوحنا الإنجيلي مَريمُ المِجدَلِيَّةُ بالذكر، لأنها معروفة أكثر من باقي المريمات، ولان المسيح ظهر لها أولا. أمَّا عبارة ” مَريمُ المِجدَلِيَّةُ” فتشير الى مريم التي كانت مجدل مسقط راسها، وهي قرية تقع على الشاطئ الغربي من بحيرة طبرية. وكلمة “مجدلية” הַמַּגְדָּלִית تعني “برجًا”. وبالفعل كان في المنطقة برج أعطى لها هذا الاسم، وربما كان برجًا للحراسة. وقد طرد يسوع من مريم المجدلية سبعة شياطين (مرقس 16: 9) وكانت محبتها قوية كالموت، فقامت وتبعت يسوع وساهمت في سدِّ احتياجاته واحتياجات جماعته الرسل (لوقا 8: 2-3)، وثبتتْ الى النهاية فكانت إحدى النساء الأربع عند الصليب (يوحنا 19: 25) والدفن (مرقس 15: 47). وكانت من جملة النساء اللواتي أتين الى القبر ليحنِّطنه (مرقس 16:1). وقد شرَّفها يسوع بأول ظهوراته بعد قيامته، كما كلَّفها بأول رسالة تبشير “اذَهبي إِلى إِخوَتي، فقولي لَهم إِنِّي صاعِدٌ إِلى أَبي وأَبيكُم، وإِلهي وإِلهِكُم” (يوحنا 20: 17). ويشير لوقا الانجيلي الى مريم المجدلية بأنها تلك الخاطئة التي مسحت قدمي يسوع في بيت سمعان في بيت عنيا (لوقا 8: 2). وهنا في هذه الآية يذكر انجيل يوحنا ان مريم المجدلية وحدها دون ذكر سائر النسوة (يوحنا 9: 1)، لأنه كما كان توما الرسول يرمز الى الرجال الذين يحتاجون الى ان يروا لكي يؤمنوا كذلك مريم المجدلية ترمز الى النساء اللواتي يحتجْن الى رؤية يسوع القائم لكي يُؤمنَّ. أمَّا عبارة “ عِندَ الفَجْر “ فتشير الى طلوع نجمة المساء الذي يدلّ على بدء يوم جديد، أي الانتقال من السبت، يوم الراحة لدى اليهود، الى يوم الاحد كما حدِّد متى الإنجيلي “لمَّا انقَضى السَّبتُ وطَلَعَ فَجرُ يَومِ الأَحد” (متى 28: 1). لقد انقضى الليل وبزغ فجر القيامة. هذا يعني في نظر الإنجيلي، أن ليل الموت ترك المكان لشمس قيامة يسوع المسيح. أمَّا عبارة “الظَّلامُ لم يَزَلْ مُخَيِّماً” فتشير الى الظلام الذي يكتنف الأرض حيث رقد يسوع في القبر طوال السبت، والليل مخيمٌ على تلاميذه منذ موته. وهناك مقارنة بين ظلام الموت وفجر النور الذي ينبلج مع القيامة. اما عبارة “فرأَتِ الحَجَرَ” فتشير الى مريم المجدلية التي لم تبلغ القبر بل نظرت بابه ووجدته مفتوحا، واستنتجت ان جسد يسوع أُخذ منه فعدلت عن الدنو منه. أمَّا عبارة “الحَجَرَ قد أُزيلَ عنِ القَبْر” فتشير الى وجود حجر كبير مستدير يُغلق به باب القبر في زمان المسيح كما جاء في انجيل متى “أَخذَ يوسُفُ الجُثْمانَ ولَفَّه في كَتَّانٍ خالِص، ووضَعَه في قَبرٍ لَه جديد كانَ قد حفَرَه في الصَّخْر، ثُمَّ دَحَرجَ حَجَراً كبيراً على بابِ القبرِ وانصَرَف” ( متى 27: 59) ِ إن غرض دحرجة الحجر ما كان بقصد فتح الطريق امام الرب ليخرج من القبر، لان يسوع كان بإمكانه الخروج من القبر دون الحاجة الى دحرجة الحجر، إلاَّ انَّ الحجر أُزيل عن القبر حتى يتمكن الآخرون من الدخول الى القبر ليروا أنَّ يسوع قد قام من الأموات. لم تشاهد عين الانسان القيامة ذاتها، لكن اول علامة لها كانت دحرجة الحجر. فالقبر الفارغ قد يدلّ على ان عمل الله في يسوع لم ينتهِ في الموت. فيسوع الناصري قام. وهو يعود الى حيث بدا رسالته، الى الجليل المنفتح على الأمم. هناك يلتقي به التلاميذ فيتابعوا العمل الذي بدا به (مرقس 16: 18).

هل تبحث عن  الرسول بولس وشعوره بالسلطان الرسولي

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي