حَبِيبِي نَزَلَ إِلَى جَنَّتِهِ، إِلَى خَمَائِلِ الطِّيبِ،
لِيَرْعَى فِي الْجَنَّاتِ، وَيَجْمَعَ السَّوْسَنَ
( نشيد 6: 2 )
إن جنَّة الحبيب الكبيرة الواحدة تتكون من جنَّات مُتعددة. وفي تطبيقنا الحالي يمكن القول: إن الكنيسة التي اقتناها الرب بدمهِ، هي جنَّتهِ؛ الكنيسة التي أحبها وأسلَمَ نفسَهُ لأجلها؛ التي من تقديره لها مضى وباعَ كل ما كان له واشتراها ( مت 13: 46 ). لكننا نعلم أيضًا أن الكنائس المحلية هي التعبير المكاني عن هذا الجسد ( 1كو 12: 26 ). فإذا كنا في الجنَّة نرى صورة للكنيسة الواحدة، فإنه يمكننا أن نرى في الجنَّات صورة للكنائس المحلية، أو بالحري للاجتماعات إلى اسمهِ، حيث يجتمع هناك المُلتَمسون وجهه، ومُحبو اسمهِ، ولهم وعده الكريم بأنه «حيثما اجتمعَ اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكونُ في وسطهم».
أما السوسَن فهم المؤمنون الحقيقيون، الذين قال عنهم: «كالسوسنة بين الشوك كذلك حبيبتي بين البنات» ( نش 2: 1 ، 2).
إن السوسَن زهرة جميلة، متعددة الألوان، توجد بكثرة في البقاع والوديان. ولقد أشار إليها الرب في الإنجيل بالقول: «تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو!»، ثم يُضيف قائلاً: «ولا سليمان في كل مجدهِ كان يلبَس كواحدة منها» ( مت 6: 28 ، 29). ومما سبق يمكننا أن نرى في السوسن صورة جميلة للمؤمنين. الناس لا يقدِّرونهم، ولكنهم في الوقت ذاته هم موضوع الاهتمام الإلهي الآن، وينتظرهم المجد الأبدي عن قريب. والرب يُسَرّ أن يجمعهم حوله، أولئك الذين يقول عنهم: «اجمعوا إليَّ أتقيائي، القاطعين عهدي على ذبيحة» ( مز 50: 5 ). نعم، إن الرب يُسَرّ أن يجمع مفدييه من حوله، ويُطعِم أحباءه بيديه، فهو «الراعي بين السوسَن» ( نش 2: 16 ؛ 6: 3).
ثم إنه نظرًا لنمو السوسَن في البِقاع والوديان، فهذا يحدِّثنا عن الودعاء والمتضعين، أولئك الذين قال عنهم النبي: «وأُبقي في وسطِكِ شعبًا بائسًا ومسكينًا، فيتوكَّلون على اسم الرب» ( صف 3: 12 ).
لقد نزل الحبيب هنا إلى جنَّتهِ. والرب في نعمتهِ العجيبة يتنازل ليحضر وسط اجتماعات الكنيسة، وهو يُسَرّ بأن يرعى في الجنَّات (الاجتماعات المحلية)، ويجمع السوسَن (الودعاء والأنقياء القلب). نعم، إن هذه الاجتماعات بالنسبة للرب وبالنسبة للمؤمنين، هي جنَّات. ما ألذ الوجود فيها، حيث تختبر النفس الهدوء والسكينة والسلام، وتردِّد مع المرنم: هذه الخلوة جنَّة حلوة! وما أسعد مَن يُحيطون بربنا يسوع المسيح راعي الخراف العظيم! إننا في هذه الجنَّات نستمتع بالشركة مع فادينا ومعبود قلوبنا، كما نستمتع فيها أيضًا بشركتنا بعضنا مع بعض. .