شرح
الكتاب المقدس – العهد القديم – الموسوعة الكنسية لتفسير العهد القديم: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة
يشوع ابن سيراخ36 – تفسير سفر حكمة يشوع بن سيراخ
نص سفر يشوع ابن سيراخ: تفاسير أسفار الكتاب المقدس 1- تفاسير سفر التكوين 1- تفاسير إنجيل متى |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية:
1
– 2 – 3 – 4 –
5 – 6 – 7 – 8 –
9 – 10 – 11 –
12 – 13 – 14 –
15 – 16 – 17 –
18 – 19 – 20 –
21 – 22 – 23 –
24 – 25 – 26 –
27 – 28
اَلأَصْحَاحُ السَّادِسُ
وَالثَّلاَثُونَ
عظمة
الله والإفراز والزوجة المباركة
(1) صلاة ليظهر
الله قوته (ع1-19)
[2] التمييز (ع20-22)
(3) الزوجة الفاضلة
(ع23-28)
(1)
صلاة ليظهر الله قوته (ع1-19):
†
1 أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ الْجَمِيعِ، ارْحَمْنَا وَانْظُرْ
إِلَيْنَا وَأَرِنَا نُورَ مَرَاحِمِكَ. 2 وَأَلْقِ رُعْبَكَ عَلَى
جَمِيعِ الأُمَمِ الَّذِينَ لَمْ يَلْتَمِسُوكَ، لِيَعْلَمُوا
أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ وَيُخْبِرُوا بِعَظَائِمِكَ.
3 ارْفَعْ يَدَكَ عَلَى الأُمَمِ الْغَرِيبَةِ، وَلِيَعْرِفُوا
عِزَّتَكَ. 4 كَمَا قَدْ ظَهَرَتْ فِينَا قَدَاسَتُكَ أَمَامَهُمْ،
هكَذَا فَلْتَظْهَرْ عَظَمَتُكَ فِيهِمْ أَمَامَنَا. 5 وَلْيَعْرِفُوكَ كَمَا عَرَفْنَا نَحْنُ: أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ
أَنْتَ يَا رَبُّ. 6 اسْتَأْنِفِ الآيَاتِ، وَأَحْدِثِ
الْعَجَائِبَ. 7 مَجِّدْ يَدَكَ، وَذِرَاعَكَ الْيُمْنَى. 8 أَثِرْ غَضَبَكَ،
وَصُبَّ سُخْطَكَ. 9 دَمِّرِ الْمُقَاوِمَ، وَاحْطِمِ الْعَدُوَّ.
10 عَجِّلِ الزَّمَانَ، وَاذْكُرِ الْمِيثَاقَ، وَلْيُخْبَرْ
بِعَظَائِمِكَ. 11 لِتَأْكُلْ نَارُ الْغَضَبِ النَّاجِيَ،
وَلْيَلْقَ مُضَايِقُو شَعْبِكَ الْهَلاَكَ. 12 اهْشِمْ رُؤُوسَ
قَادَةِ الأَعْدَاءِ الْقَائِلِينَ: «لَيْسَ غَيْرُنَا». 13 اجْمَعْ
كُلَّ أَسْبَاطِ يَعْقُوبَ، وَاتَّخِذْهَا مِيرَاثًا لَكَ، كَمَا
كَانَتْ فِي الْبَدْءِ. 14 أَيُّهَا الرَّبُّ، ارْحَمِ الشَّعْبَ
الَّذِي دُعِيَ بِاسْمِكَ، وَإِسْرَائِيلَ الَّذِي أَنْزَلْتَهُ
مَنْزِلَةَ بِكْرِكَ. 15 أَشْفِقْ عَلَى مَدِينَةِ قُدْسِكَ
أُورُشَلِيمَ، مَدِينَةِ رَاحَتِكِ. 16 امْلأْ صِهْيُوْنَ لِكَيْ
تُنَادِيَ بِأَقْوَالِكَ. امْلأْ شَعْبَكَ مِنْ مَجْدِكَ.
17 اشْهَدْ لِلَّذِينَ هُمْ خَلْقُكَ مُنْذُ الْبَدْءِ، وَأَيْقِظِ
النُّبُوءَاتِ الَّتِي بِاسْمِكَ. 18 أَعْطِ الَّذِينَ
يَنْتَظِرُونَكَ الثَّوَابَ، وَلْيَتَبَيَّنْ صِدْقُ
أَنْبِيَائِكَ. اسْتَجِبْ، أَيُّهَا الرَّبُّ، لِصَلاَةِ
الْمُتَضَرِّعِينَ إِلَيْكَ، 19 عَلَى حَسَبِ بَرَكَةِ هَارُونَ
عَلَى شَعْبِكَ؛ فَيَعْلَمَ جَمِيعُ سُكَّانِ الأَرْضِ، أَنَّكَ
أَنْتَ الرَّبُّ إِلهُ الدُّهُورِ.
ع1:
هذه الصلاة تتكلم مع الله، وتصفه بأنه إله الجميع، أي أنه الإله
الوحيد للعالم كله، وتطلب من الله ثلاث طلبات هي:
-
“إرحمنا”
: إذ كان شعب الله يعانى من ضغط المملكة اليونانية التي استولت على
العالم، ومنها بلاد اليهود، وفرضت العبادة الوثنية على الكل، ومنعت
العبادة اليهودية، مثل الختان، والذبائح، وكل الطقوس التي في شريعة
موسى، فكان ضيق عظيم في الشعب، كما يظهر هذا في بداية أسفار
المكابيين.
“أنظر إلينا”
: أي التفت إلينا بأبوتك وحنانك؛ لتنقذنا من الاضطهادات التي تمر
بنا، ونجنا من كل الشرور، التي يريد أعداؤنا أن يصنعونها فينا.
“وأرنا نور مراحمك”
: أي أضئ علينا بنورك، إذ نشعر أننا في ضيق وظلام، وهذا معناه
تعزيات روحية من السماء، وسلام داخلي يهبه الله لأولاده.
فيظهر من بداية هذه الصلاة؛
الاتضاع، والإيمان بالله، والإحتياج الشديد لتدخله، وبالطبع لا
يمكن أن يهمل أولاده الصارخين إليه.
ع2: تطلب الصلاة من الله أن
يخيف الأمم الذين لا يؤمنون به، ويعبدون الأوثان، ولا يلتمسون، أو
يصلون لله؛ حتى يعلموا أنه أقوَى من آلهتهم، وهي الشياطين بكل
أصنامها، وأن الله هو الإله الوحيد في العالم، ويعرفوا معجزاته
التي تفوق العقل.
ع3: وتطلب الصلاة أيضًا أن يرفع
الله يده على الأمم، أي يعاقبهم، ويوقف اضطهادهم لشعبه، ويريهم
عزته، أي قوته. وقد استجاب الله لهذه الصلاة، فضرب أقوى ملوكهم،
وهو أنطيوخس الكبير، الملك القاسى القلب، الذي هجم بجيوشه على
أورشليم، وفى الطريق ضربه الله بالدود، فمات وألقوا جثته في الطريق
(2 مك9: 9).
ع4: قداسة الله ظهرت في شعبه
عندما حفظهم وباركهم، وفى نفس الوقت ظهرت عظمة الله في أعدائهم
عندما أدبهم، لعلهم يؤمنون ويتوبون.
وقد تكرر تطبيق هذه الآية
في أحداث كثيرة، مثل حفظ الله لأولاده بني إسرائيل في مصر، وضربه
المصريين بالضربات العشر، لعل المصريين يفهمون ويؤمنون ويرجعون
إليه.
وظهر هذا في داود النبي
الذي يخاف الله، فيحفظه من كل شر، ولا يستطيع شاول الملك الذي
يطارده أن يؤذيه. وعلى العكس، يسقط شاول مرتين عند قدمى داود،
ويسامحه داود؛ وفى النهاية، يموت شاول في الحرب، أما داود، فيجلس
على العرش. وكذلك حفظ الله داود الذي عاش في القداسة، أما ابنه
أبشالوم الذي قام عليه، فظهرت عظمة الله في موته، عندما هجم على
داود أبيه.
وحزقيا الملك الذي صلى إلى
الله، فطمأنه عن طريق أشعياء النبي، أما سنحاريب ملك آشور الذي كان
يهدده ويحاصر أورشليم، فضرب ملاك الرب جيشه، وقتل منهم 185000
(أش37: 36).
ع5: من تأديب الله للأمم، وحفظه
شعبه المقدس في سلام، يعرف الأمم أن الله هو الإله الوحيد، ويرفضون
آلهتهم الوثنية، أي يؤمنون ويرجعون إلى الله، ويتوبون عن خطاياهم.
:
قم وابدأ من جديد.
أحدث
: إصنع.
أثر
: من ثورة والمقصود هيج واظهر بقوة.
سخطك
: غضبك الشديد.
احطم
: اكسر.
إبدأ يا الله من جديد في
إظهار عجائبك وآياتك، وليظهر مجدك وقوتك (ذراعك اليمنى). هذا
التدخل الإلهي يظهر في اتجاهين هما:
-
رعاية أولاده وحمايتهم من
كل شر (الآيات – العجائب – مجد). -
تأديب الأشرار؛ ليتوبوا
(غضبك – سخطك – دمر – أحطم).
ع10:
عجل
:
أسرع.
تطالب الصلاة الله أن يتدخل
سريعًا لإنقاذ شعبه من الاضطهاد اليوناني في القرن الثاني قبل
الميلاد، حيث حاول الأعداء إجبار شعب الله على عبادة الأوثان، مع
منعهم من عبادة الله، ويصل الاضطهاد إلى التعذيب والقتل، كما يظهر
في أسفار المكابيين.
وتذكر الصلاة الله بميثاقه
وعهده مع شعبه؛ هذا العهد الذي يعلن أن الله يحفظ أولاده إلى
الأبد. وقد أعطى الله هذا العهد لإبراهيم (تك17: 19)، وثبته أيام
موسى (تث5: 2، 3).
وتطالب الصلاة الله أن يعمل
بسرعة؛ ليتمجد في شعبه، فيخبر هذا الشعب بعمل الله معه، ويظهر هذا
العمل أمام كل الأمم، فيخافوا الله؛ لعلهم يؤمنوا به، ويرجعوا
إليه.
هذه الآية نبوة عن تجسد
المسيا المنتظر؛ ليتمم عهد الله، ويخلص شعبه، وقد ذكر أشعياء نبوة
بهذا المعنى (اش64: 1).
: اكسر.
ليتك يا رب تتحرك بنارك
لتأكل الأعداء، وتمتد النار؛ لتأكل من يحاول أن ينجو منهم، وبهذا
يهلك من يضايقون شعبك، أما رؤساء الأعداء الذين يقودون جيوشهم ضد
شعبك، فحطم رؤوسهم، فيعجزون عن مضايقة أولادك. والخلاصة، إنقذ شعبك
من أعدائهم، ومن ناحية أخرى، لتمتد يدك؛ لتؤدب الأعداء، حتى يؤمنوا
بقوتك، ويتوبوا.
وقد تكرر هذا الأمر مع
أعداء شعب الله؛ سواء في الضربات العشر في مصر، أو في برية سيناء
مع عماليق أيام موسى، وكذا في كنعان مع سكان الأرض الأشرار أيام
يشوع.
ع13: يا رب اجمع شعبك الذي تشتت
في العالم، وعندما رجع زربابل، ومن بعده، وهم عزرا، ونحميا لم
يعودوا إلا بالقليل من اليهود، أما الباقون ففضلوا أن يظلوا مشتتين
في العالم، يعيشون بين الوثنيين؛ لأنهم أحبوا ماديات العالم، ولم
يرجعوا ليعبدوا الله في هيكله المقدس. فابن سيراخ يصلى ويطلب من
الله أن ينبه قلوب شعبه المشتتين، ويجمعهم؛ ليعودوا إلى أورشليم،
ويعبدوا الله، لأنهم شعبه، وميراثه، اذ هم فقط الشعب الذي يعبد
الله وسط العالم الوثني، ولتعود جميع الأسباط، ولا يضيع منهم أحد.
وهنا تظهر أبوة يشوع بن سيراخ، الذي يريد أن يجمع كل أولاد الله؛
لأنهم ميراث ونصيب الرب، فلا يصح أن يتوهوا وسط شرور العالم،
ويتمنى أن يرجعوا كما كانوا في البدء شعبًا واحدًا يعبد الله، كما
كان في أيام داود وسليمان.
ع14: إن رحمتك يا الله على بنى
إسرائيل ترجع، لأن اسمك دعى عليهم، فإكرامًا لإسمك يا رب، ارحمهم؛
ليتوبوا، ويرجعوا إليك، ويعبدوك.
ولا تنسى يا رب أنك اعتبرت
شعبك هذا هو بكرك، والبكر له مكانة في العهد القديم، إذ كان ينال
ضعف إخوته في الميراث.
وإسرائيل هو البكر، لأن
اخوته الأمم سيؤمنون بالله بعده، أيام المسيح، ويكون العالم كله
شعبًا واحدًا، ويعبدون الله، ويتركون أوثانهم.
والبكر الحقيقي لله هو
المسيح الابن الوحيد، أما إسرائيل فقد أنزله الله منزلة البكر، أي
في مكان البكورية؛ لأن منه سيأتى المسيح.
ع15: يترجى ابن سيراخ من الله أن
يشفق على أورشليم مدينة قدسه؛ لأنه قدسها بوجود هيكله فيها، وهي
مكان راحته، إذ تُقدم فيها عبادة له، فيستريح الله في قلوب من
يعبدوه بأمانة. فابن سيراخ يتمنى أن يشفق الله على المدينة، ويرفع
منها اضطهاد اليونانيين لها في شكل أنطيوخس الملك، وكل جنوده، وقد
تدخل الله فمات أنطيوخس في طريقه لهدم أورشليم، وقتل من فيها، إذ
ضربه الدود وهو حى ومات (2 مك9: 9).
ويطلب من الله أن يملأ
صهيون، أي أورشليم، ليس فقط بالعائدين من السبي، بل أيضًا بمن
سيؤمنون به، وهذه نبوة عن الإيمان بالمسيح، ويطلب أيضًا أن يمتلئوا
بعمل الروح القدس فيهم، ويمتلئوا ويسلكوا في كل فضيلة، وهكذا يمتلئ
شعب الله من عمل الله، ويتمجد فيهم.
ع16: ويطلب الله أن يملأ صهيون،
أى أورشليم، ليس فقط بالعائدين من السبي، بل أيضًا من سيؤمنون به،
وهذه نبوة عن الإيمان بالمسيح، ويطلب أيضًا أن يمتلئوا بعمل الروح
القدس فيهم، ويمتلئون من كل فضيلة، ويسلكون في كل فضيلة. وهكذا
يمتلئ شعب الله من عمل الله، ويتمجد فيهم.
ع17: اشهد للذين خلقتهم منذ
البدء، أي من بداية اختيار الله لإبراهيم. ويقصد بالشهادة أن
تباركهم، وتسندهم، وتجعلهم شعبًا عظيمًا يعبدك.
أما النبوات التي قالها
الأنبياء طوال العهد القديم عن عملك في شعبك، وعن المسيا المنتظر،
فيا ليتك تتمها يا الله؛ لتخلص شعبك. إنها صلاة من أجل الشعب
المضطهد من اليونانيين في القرن الثاني قبل الميلاد، ورجاء في تجسد
المسيح مخلص العالم كله، فيطهر الله هيكله في أورشليم من دخول
اليونانيين إليهم وتدنيسهم له، وقد حدث هذا فعلًا على يد المكابيين
الأبطال، يهوذا وإخوته. ومن ناحية أخرى، تم الخلاص في ملء الزمان
على الصليب، وهذه أعظم شهادة من الله للذين خلقهم، أي المؤمنين به.
وهيكل أورشليم قد تمجد بدخول المسيح إليه، ثم أسس كنيسته، وهي هيكل
العهد الجديد الذي يقدم فيه نفسه، أي جسده ودمه، حياة لأولاده
المؤمنين به.
ع18، 19: باستجابتك يا الله لهذه
الصلاة، تعطى البركة للمؤمنين بك الذين ينتظرونك، وتتمم نبواتك على
فم الأنبياء، وبهذا تستجيب لصلاة ابن سيراخ، وكل من يصلون معه،
مترجين رحمتك، وتباركهم بكل البركات التي نطق بها هارون لشعبك
(عد6: 22-27). وبهذا يعلم العالم كله أنك الإله الوحيد الدائم إلى
الأبد، والذي في يدك وحدك البركة والقوة والمجد.
† ليتك يا أخى ترفع قلبك
بالصلاة كل يوم، وتطلب كل ما تحتاج من الله. اشكره، وسبحه، وأيضًا
اعترف بخطاياك أمامه، فتصير من أولاده المتمتعين برعايته.
←
وستجد
تفاسير أخرى
هنا في
موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
[2]
التمييز (ع20-22):
†
20 الْجَوْفُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ طَعَامٍ، لكِنَّ مِنَ الطَّعَام مَا
هُوَ أَطْيَبُ مِنْ غَيْرِهِ. 21 الْحَلْقُ يُمَيِّزُ أَطْعِمَةَ
الصَّيْدِ، وَالْقَلْبُ الْفَهِمُ يُمَيِّزُ الأَقْوَالَ
الْكَاذِبَةَ. 22 الْقَلْبُ الْخَبِيثُ يُورِثُ الْغَمَّ،
وَالرَّجُلُ الْكَثِيرُ الْخِبْرَةِ يُكَافِئُهُ.
الإنسان عندما يأكل أي طعام، يستطيع جوفه، أي لسانه، وجهازه الهضمى
أن يعرف ما هو مريح، أو مؤذى له، ويميز ما يحبه، وما يرفضه. وهكذا
أيضًا خُلق الإنسان يعرف طعم أنواع اللحوم التي يأكلها، والتي
يصطادها الصياد.
والإنسان الحكيم إذ يميز
الطعام اللذيذ والمناسب له، لا يمكن أن يطلب طعامًا غير محبب له،
أو يضايقه، بل بالعكس يطلب ما يحبه.
هكذا أيضًا قلب الإنسان،
والمقصود قلبه وفكره، يستطيع أن يميز ما يسمعه، هل هو أقوال صحيحة
أم كاذبة، وأيضًا يضبط نفسه، فلا يتكلم إلا بالكلام الحكيم المفيد،
ويبتعد عن أي كلام شرير يضره، ويضر من حوله.
والتمييز هو فهم ما يسمعه
الإنسان، ومعرفة الصالح، ورفض ما هو ضار. هذا التمييز يناله
الإنسان إن كان متضعًا، وملتصقًا بالله، أي مصليًا، ومتتلمذًا على
كلام الله، وخاضعًا للمرشدين الروحيين.
ع22: “القلب الخبيث يورث الغم”
الإنسان الشرير الذي تميل
مشاعره إلى الخبث والشر، يسقط في خطايا، فيقع في الغم والضيق، مثل
شاول الملك الذي كان شريرًا فظن السوء في داود، وحاول التخلص منه،
بل طارده مدة طويلة، لكنه فشل، وأنقذ الله داود من يده؛ لأنه صالح.
“والرجل الكثير الخبرة
يكافئه”
الإنسان الحكيم ذو الخبرة
الروحية الكثيرة، يميز الصلاح من الشر، ويختار الصالحات، فيحيا
مطمئنًا، بل ينمو في المعرفة والتمييز. فحكمته هي مكافأة له من
الله، وقلبه الحكيم يكافئه، مثل داود الصالح الذي يحب كل من حوله،
ويقبل الكل، ويسامح من يخطئ في حقه، مثل شاول وأبشالوم اللذين
حاولا قتله.
†
كن متضعًا أمام الله، واطلب
إرشاده، واطلبه قبل كل عمل، فيرشدك وتميز الطريق المستقيم، والكلام
الصالح، فتحيا مطمئنًا، وكلامك وتصرفاتك، وأفكارك أيضًا تكون
صالحة.
(3)
الزوجة الفاضلة (ع23-28):
†
24 الْمَرْأَةُ تَتَزَوَّجُ أَيَّ رَجُلٍ كَانَ، لكِنَّ فِي
الْبَنَاتِ مَنْ تُفَضَّلُ عَلَى غَيْرِهَا. 24 جَمَالُ الْمَرْأَةِ
يُبْهِجُ الْوَجْهَ، وَيَفُوقُ جَمِيعَ مُنَى الإِنْسَانِ.
25 وَإِنْ كَانَ فِي لِسَانِهَا رَحْمَةٌ وَوَدَاعَةٌ؛ فَلَيْسَ
رَجُلُهَا كَسَائِرِ بَنِي الْبَشَرِ. 26 مَنْ حَازَ امْرَأَةً؛
فَهِيَ لَهُ رَأْسُ الْغِنَى وَعَوْنٌ بِإِزَائِهِ وَعَمُودٌ
يَسْتَرِيحُ إِلَيْهِ. 27 حَيْثُ لاَ سِيَاجَ يُنْتَهَبُ الْمَلِكُ،
وَحَيْثُ لاَ امْرَأَةَ يَنُوحُ التَّائِهُ. 28 مَنْ ذَا يَأْمَنُ
اللِّصَّ الْمَشْدُودَ، الأَزْرِ الْهَائِمَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى
مَدِينَةٍ؟ هكَذَا حَالُ الرَّجُلِ الَّذِي لاَ وَكْرَ لَهُ
فَيَأْوِي حَيْثُمَا أَمْسَى.
ع23:
كانت
قديمًا الابنة في البيت تتزوج من يختاره، أو يوافق عليه والدها،
وليس لها حق الاختيار، أما الرجل فمنذ القديم، أيام يشوع بن سيراخ
ومن قبله، كان من حقه اختيار زوجته، فكان يجد من تفضل عن غيرها في
صفاتها، فيختار الزوجة الفاضلة، المتميزة؛ ليتمتع معها بحياة زوجية
سعيدة. والآيات التالية ستظهر لنا الصفات المحببة في الزوجة، ومدى
تأثيرها على زوجها.
ع24:
مُنَى
:
أمنيات.
جمال المرأة يبهج الرجل
الذي ينظر إليها، ويجذبه نحوها أكثر من كل المغريات، إذ يشعر
بارتياح وإعجاب، ينبئه بأن صفاتها لابد وأن تكون جميلة؛ هذا ما
يتخيله الرجل، وهو صحيح بنسبة؛ لأن الجمال لا يعتمد على مقاييس
معينة، لكنه انطباع يشعر به الرجل، ويختلف من واحد إلى آخر، فما
يعجب رجلًا قد لا يعجب الآخر.
وجمال المرأة مبنى ليس فقط
على منظر الوجه، أو الجسد، ولكنه يشمل أيضًا ما في داخل المرأة،
فالمرأة الهادئة الوديعة يظهر هذا إلى حد كبير على شكلها الخارجي،
والتي تتمتع بعشرة مع الله، تكون في فرح، ويبدو هذا في ابتسامتها،
وتحركاتها. وهكذا يخرج ما في داخل الإنسان، ويظهر عليه من الخارج.
ولكن ليس معنى هذا أن كل ما
في داخل الإنسان يظهر خارجه، وقد تمثل المرأة مظهرًا خارجيًا يختلف
أحيانًا عما في داخلها، أي تبدو أنها لطيفة ووديعة، لكنها تحمل
قسوة دفينة في قلبها.
ع25: إن تميزت المرأة، بجوار
جمالها، بصفتين هما:
-
لسانها اللطيف، ذو الكلمات
الطيبة الناعمة المشجعة. -
الوداعة، أي الهدوء
الداخلي، بالإضافة إلى مظهر الهدوء الخارجي قدر ما تستطيع.
هاتان الصفتان، بالإضافة
إلى جمالها، يعطيها تأثيرًا قويًا على زوجها، بل نستطيع أن نقول
أنه لا يكون مثل سائر البشر، بل أفضل منهم، ومتميزًا عنهم؛ لتمتعه
بهذه الزوجة الفاضلة.
هذه الآية تظهر أنه ليس
بالجمال الجسدي وحده تكون المرأة فاضلة، ومؤثرة في زوجها، ولكن
لابد أن يقترن الجمال بفضائل هامة، مثل اللسان والتصرفات. فاللسان
الحلو والوداعة واللطف صفات أساسية في المرأة. وهذه الصفات تكمل
جمال المرأة، وعلى قدر ما توجد فيها تجعلها أكثر جمالًا من غيرها،
أى أنها لو كانت أقل في الجمال، ولكنها متميزة في هذه الصفات،
تجعلها أفضل من غيرها.
ع26:
حاز
:
نال وحصل وامتلك.
بإزائه
: مقابله.
إذا نال الرجل امرأة فاضلة
بالصفات السابقة، فقد اقتنى كنزًا عظيمًا ليس أفضل منه، فهو بهذا
أعظم غنى؛ لأن المرأة الفاضلة أفضل من كل أموال العالم. بالإضافة
إلى هذا، فالمرأة الفاضلة مدبرة، فتحافظ على أموال زوجها، وهي
قنوعة، فتستطيع أن توفر لزوجها الكثير من النفقات، فيصير بالتدريج
غنيًا.
هذه المرأة الفاضلة هي عون
لرجلها، كما أعلن الله عندما خلق حواء وقال: أنها معينًا نظيره
(تك2: 18). فهي تكمله، وتسنده، ويطمئن لوجودها معه، بل تجعله
عظيمًا بين الناس، كما يقول المثل: “وراء كل عظيم امرأة”. هذه
المرأة الفاضلة تكون عمودًا يستند عليه الرجل، ويستريح عنده، أي
تكون سندًا قويًا ثابتًا، مثل العمود، رغم شكلها الجسدي الأضعف
منه، لكنها قوية في فضائلها، فيستريح الرجل في كل خطواته لوجودها
معه.
ع27:
سياج
:
سور.
ينتهب
: يسرق.
إن كان السياج والأسوار
ضرورية للمحافظة على أملاك الإنسان، وخاصة الغنى، مثل الملك، حتى
تحفظ له ممتلكاته من السارقين، فكذلك المرأة ضرورية في حياة زوجها،
فإذا فقدها يتألم، ويبكى، إذ يشعر أنه وحيد بدونها، بل يصير مثل
التائه وسط زحام الحياة. هذا كله يؤكد أهمية المرأة الفاضلة في
حياة رجلها، فهي تشجعه، ويتحدث معها، فيراجع أفكاره وأعماله، ويسمع
مشورتها، وتهون عليه متاعبه، وآلامه، وبكلامها الطيب يستعيد هدوءه،
ويستريح، ويمتلئ قوة يستطيع بها أن يواصل جهاده، ونجاحه في الحياة.
ع28:
المشدود الأزر
: القوى المستعد للهجوم.
الهائم
: خرج لا يعرف أين يتجه.
وكر
: مسكن.
يأوى
: يبيت.
أمسى
: عندما يأت وقت المساء.
إذا كان الناس يخافون من
اللص الذي يتنقل من مدينة إلى مدينة، وهو قوى ومستعد للهجوم، فكم
بالأولى يلزم الخوف من الرجل الذي لا يعيش في بيت مع امرأته،
ويتحرك في كل مكان، ويبيت في أي مكان يجده؛ لأنه يمكن أن يهاجم أية
امرأة، ويضايقها، أو يسقط معها في الخطية؛ لأنه لا يتمتع بالحياة
الزوجية المستقرة.
ومن هذا يُفهم أن الزوجة
الفاضلة تقدم لزوجها حياة مستقرة هادئة مشبعة، فلا يحتاج أن ينظر
نظرات أو يفكر أفكارًا شريرة.
ويلاحظ أنه في العهد القديم
لم توجد إلا أمثلة قليلة للبتولية، مثل إيليا النبي، ولكن الوضع
السائد هو الزواج، فليته يكون بإمرأة فاضلة، ليعيش الإنسان حياة
مستقرة مع الله.
من الآيات السابقة نشعر
بأهمية المرأة الفاضلة التي تتمتع بصفات كثيرة أهمها:
-
الجمال.
-
اللسان الرحيم.
-
الوداعة.
-
مصدر الغنى.
-
معينة.
-
مساندة ومطمئنة.
-
سور وحصن.
-
حماية وشبع.
† ليت كل فتاة وامرأة تسعى
للتحلى بهذه الصفات من خلال علاقتها بالله، وليت كل رجل يتمتع
بالصفات الحميدة في زوجته. وعلى كل من يسعى للزواج أن يختار في
زوجته الصفات التي تسنده طوال حياته، وينظر إلى الجوهر قبل المظهر،
فنحيا كلنا مطمئنين بين يدى الله.
← تفاسير أصحاحات
سيراخ:
مقدمة |
1 |
2 |
3 |
4 |
5 |
6 |
7 |
8 |
9 |
10 |
11 |
12 |
13 |
14 |
15 |
16 |
17 |
18 |
19 |
20 |
21 |
22 |
23 |
24 |
25 |
26 |
27 |
28 |
29 |
30 |
31 |
32 |
33 |
34 |
35 |
36 |
37 |
38 |
39 |
40 |
41 |
42 |
43 |
44 |
45 |
46 |
47 |
48 |
49 |
50 |
51
تفاسير أسفار الكتاب المقدس
1- تفاسير سفر التكوين
2- تفاسير سفر الخروج
3- تفاسير سفر اللاويين
4- تفاسير سفر العدد
5- تفاسير سفر التثنية
6- تفاسير سفر يشوع
7- تفاسير سفر القضاة
8- تفاسير سفر راعوث
9- تفاسير سفر صموئيل الأول
10- تفاسير سفر صموئيل الثاني
11- تفاسير سفر الملوك الأول
12- تفاسير سفر الملوك الثاني
13- تفاسير سفر أخبار الأيام الأول
14- تفاسير سفر أخبار الأيام الثاني
15- تفاسير سفر عزرا
16- تفاسير سفر نحميا
17- تفاسير سفر طوبيا
18- تفاسير سفر يهوديت
19- تفاسير سفر أستير + التتمة
20- تفاسير سفر أيوب
21- تفاسير سفر المزامير + مز 151
22- تفاسير سفر الأمثال
23- تفاسير سفر الجامعة
24- تفاسير سفر نشيد الأناشيد
25- تفاسير سفر الحكمة
26- تفاسير سفر يشوع بن سيراخ
27- تفاسير سفر إشعياء
28- تفاسير سفر إرميا
29- تفاسير سفر مراثي إرميا
30- تفاسير سفر نبوه باروخ
31- تفاسير سفر حزقيال
32- تفاسير سفر دانيال + التتمة
33- تفاسير سفر هوشع
34- تفاسير سفر يوئيل
35- تفاسير سفر عاموس
36- تفاسير سفر عوبديا
37- تفاسير سفر يونان
38- تفاسير سفر ميخا
39- تفاسير سفر ناحوم
40- تفاسير سفر حبقوق
41- تفاسير سفر صفنيا
42- تفاسير سفر حجي
43- تفاسير سفر زكريا
44- تفاسير سفر ملاخي
45- تفاسير سفر المكابيين الأول
46- تفاسير سفر المكابيين الثاني
1- تفاسير إنجيل متى
2- تفاسير إنجيل مرقس
3- تفاسير إنجيل لوقا
4- تفاسير إنجيل يوحنا
5- تفاسير سفر أعمال الرسل
6- تفاسير الرسالة إلى رومية
7- تفاسير رسالة كورنثوس الاولى
8- تفاسير كورنثوس الثانية
9- تفاسير الرسالة إلى أهل غلاطية
10- تفاسير الرسالة إلى أفسس
11- تفاسير الرسالة إلى فيلبي
12- تفاسير الرسالة إلى كولوسي
13- تفاسير تسالونيكي الأولى
14- تفاسير تسالونيكي الثانية
15- تفاسير رسالة تيموثاوس الأولى
16- تفاسير تيموثاوس الثانية
17- تفاسير الرسالة إلى تيطس
18- تفاسير الرسالة إلى فيلمون
19- تفاسير رسالة العبرانيين
20- تفاسير رسالة يعقوب
21- تفاسير رسالة بطرس الأول
22- تفاسير رسالة بطرس الثانية
23- تفاسير رسالة يوحنا الأولى
24- تفاسير رسالة يوحنا الثانية
25- تفاسير رسالة يوحنا الثالثة
26- تفاسير رسالة يهوذا
27- تفاسير سفر الرؤيا
تفسير يشوع ابن سيراخ 37 |
قسم تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير يشوع ابن سيراخ 35 |