ونذرت (حنة) نذرًا وقالت: يا رب الجنود، إن …
أعطيت أَمَتك زرع بشر، فإني أُعطيه للرب كل أيام حياته…
( 1صم 1: 11 )
عندما نقارن بين يفتاح وشمشون، نجد أن النذر في حياة يفتاح كان له قيمة كبرى، بخلاف شمشون الذي كان نذيرًا لله من البطن. لقد عبث شمشون بنذره، الأمر الذي أدى إلى ضياع شهادته أولاً، وحياته أخيرًا.
ولقد أعطى شمشون طرقه لمُهلكات الملوك، ولمُهلكات القضاة أيضًا (قارن أم31: 3 مع قض16)، وأما يفتاح فلم تتسرب هذه الخطية المُدمرة إلى حياته. وهو درس لنا جدير منا بأن ننتبه له جيدًا.
لكن من الجانب الآخر تفوَّق شمشون على يفتاح في أمر آخر فشل فيه يفتاح فشلاً ذريعًا. فشمشون مع قوته البدنية الفائقة، ومع أنه قتل من أعداء الرب الآلاف، لكنه رفض تمامًا أن يمد يده على أحد من إخوته، وهو بكل يقين كان يقدر لو أراد، لكنه لم يُرِد ولم يفكر في ذلك مُطلقًا. تأمله كيف استسلم لرجال يهوذا، فقيدوه وسلَّموه للفلسطينيين دون أن يحاول أن يمد يده على واحد منهم، وهو الذي بعد أن قيِّد، قتل من أعداء شعب الرب ألف رجل بلحي حمار! (قض15). وأما يفتاح ـ فبكل أسف ـ قتل من الأفرايميين اثنين وأربعين ألفًا عند مخاوض الأردن (قض12).
يمكن القول إذًا إن يفتاح فشل في الوصية السادسة «لا تقتل»، وشمشون فشل في الوصية السابعة «لا تزنِ». وبذلك فإن كليهما يفسح المجال لربنا يسوع المسيح، ذاك الذي هو أبرع جمالاً من بني البشر.
أما عن حنة أم صموئيل، فقد عاشت هي أيضًا في أيام القضاة، ونذرت هي أيضًا نذرًا للرب، وكان نذرًا مُكلفًا مثل نذر يفتاح. لكن نذر حنة كان نذرًا واعيًا. لقد أرادت ابنًا لتقدمه للرب خادمًا. وأما يفتاح، فلم يكن نذره واعيًا، بل ولم يكن له لزوم على الإطلاق. ولهذا فإن يفتاح لم يستطع عند إتمام نذره أن يرنم مع حنة: «فرح قلبي بالرب» ( 1صم 2: 1 )، بل بمجرد أن عرف نتيجة نذره، فقد مزق ثيابه وانكسر قلبه. كما أنه لم يستطع أن يقدم لشعب الرب مغنيًا عظيمًا مثل «هيمان المغني ابن يوئيل بن صموئيل» ( 1أخ 6: 33 )، بل على العكس، لقد قدم لشعب الله فرصة للنوح السنوي، إذ جعل بنات إسرائيل يذهبن من سنة إلى سنة لينُحن على بنت يفتاح الجلعادي أربعة أيام في السنة .