هكذا يقول يفتاح: لم يأخذ إسرائيل أرض موآب ولا أرض بني عمون
( قض 11: 15 )
الاسم «يفتاح» معناه ”يفتح“. والمقصود طبعًا ”يفتح الشريعة“، التي هي أعظم كنوز الله التي أعطاها لبني البشر، وطلب منا استكشافها وفتحها. وهو ما نجده واضحًا في حياة يفتاح. وعن هذا يقول المرنم في المزمور: «فتح كلامك يُنير، يُعقِّل الجُهَّال» ( مز 119: 130 ).
ولقد كانت بداية انتصار يفتاح على الأعداء عندما فتح سفر الشريعة وردّ عليهم منه، فكان بهذا اسمًا على مُسمَّى. وهكذا المسيح، كانت بداية انتصاره أن فتح سفر الشريعة، وردّ منه على العدو في البرية، فانتصر عليه.
ويقينًا فإن يفتاح قبل أن يفتح الشريعة للعمونيين، كان يفتحه كثيرًا على انفراد, وإلا فكيف استطاع أن يقتبس الاقتباس المناسب من كلمة الله، وردّ عليهم من المكتوب؟ وإن كنا لا نقرأ عن يفتاح أنه فتح الكتاب إلا لكي يشرح للأعداء جزءًا صغيرًا من المكتوب، فإن المسيح فتح الكتاب ليس للأعداء فقط، بل للأحباء أيضًا، وهو شرح لهم كل المكتوب، عندما سار مع تلميذي عمواس، يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب ( لو 24: 27 ).
إن يفتاح ليس أكثر من مجرد رمز لربنا يسوع المسيح، الذي هو أعظم مَنْ فتح المكتوب. وبحسب إنجيل لوقا الذي يحدثنا عن المسيح باعتباره الإنسان الكامل، نجد المسيح يفتح المكتوب من أول حياته لآخرها. في البداية فعل ذلك وهو صبي صغير في الهيكل في أورشليم، عندما كان جالسًا وسط الشيوخ يسمعهم ويسألهم ( لو 2: 46 )، ثم بمجرد أن خرج للخدمة فقد فتح المكتوب ( لو 4: 17 )، ثم في النهاية فعل ذلك بعد القيامة عندما سار في الطريق يشرح للأحباء كل المكتوب، عندما تحدَّث عن الأمور المختصة به في جميع الكتب.
وليس بعد القيامة فقط، بل حتى بعد الصعود، فإننا نقرأ كلام المسيح لملاك كنيسة فيلادلفيا: «هذا يقوله القدوس الحق، الذي له مفتاح داود، الذي يفتح ولا أحد يغلق، ويغلق ولا أحد يفتح» ( رؤ 3: 7 ). وما أعظم الكنوز التي فتحها الرب يسوع للأمناء في النهضة الفيلادلفية في أوائل القرن التاسع عشر، وهو ما زال يفعل الشيء ذاته معنا إلى الآن.
.