لم يرسل الله أبنه إلى الارض المغطاة بطوفان الاثام ، إلاٌ بعد ان أعدَ لقبوله أحضاناً نقية من كل دنس الخطية ونفوساً طاهرة تُحيطُ به وترافقه .فقد إنتخبَ له أمُاً من أنقى النساء و أباً مربياً هو أطهر الرجال .لعمري ليس بإستطاعة البشر ان يصفوا بلياقة بتولية يوسف وطهارته .فأن القديسة ترازية السرافية بينما كانت تتأمل نقاوة يوسف العجيبة أختطفت بالروح و أقرت بعدم أمكانها على التعبير عنها .فلنسأل الروح القدس أن يَمِنٌ علينا بنوره الالهي حتى بضيائه نستدل على سر هذه الفضيلة السنية ونستنشق عرفها المؤرج .ان النقاوة هي من اجمل عطايا الله للانسان . فالحكمة الالهية بتوزيعها هذه الموهبة على البشر تنظر الى مختلف دعواتهم . فكلما كانت دعوتهم سامية مقدسة زادت نقاوتهم نصوعاً وسناء .فما عسى ان تكون نقاوة رجل دُعيٌ الى ان يشاطر حياة ابن الله بأتعابه و أشغاله . بل انه قد دُعيٌ الى ما هو أعظم من ذلك وهو ان يُعرف عند الناس بأنه أبو المسيح منتظر الشعوب ومحط آمال الاجيال ! نعم من الضروري ان يكون ذلك الرجل المختار ملاكاً بنقاوته أكثر منه إنساناً ! إذن لقد كان القديس يوسف ، الذي حاكى كمالاً يسوع ومريم فوق ما حاكاه سائر البشر .إن الله يناشد العذراء بقوله : كلك جميلة ياحبيبتي وليس فيك عيب ، فهذه البرية من كل عيب بتدبير إلهي ، قد عهدت ذاتها الى يوسف ليحرس أثمن كنز ملكته وهو نقاوتها .انه لإمتياز فريد وهو بالوقت عينه شهادة ناصعة على مشابهته إياها سيما بهذه الفضيلة الملاكية .وهل كان يمكن قرين أنقى بتول ، إلاٌ ان يكون أنقى رجل ! واذا كان بعد نقاوة يسوع الغير المتناهية بالكمال ما من نقاوة تُحاكي نقاوة العذراء . أما يليق القول بأنه بعد العذراء مامن احد أمتلك هذه الفضيلة كالقديس يوسف .إن القديس يوسف ليس هو خطيب مريم فقط لكنه هو ايضا أبو أبن الله الصائر إنساناً . وقد قال الكتاب المقدس : ان من يُحب النقاوة يحظى بصداقة ملك السماء فبأي درجة أمتلك يوسف هذه الفضيلة حتى ان الرب ليس فقط أحَبهُ بل صار إبنه ؟ قال الانجيل المقدس : طوبى للنقية قلوبهم فأنهم يعاينون الله في السماء .فحدث عن نقاوة يوسف ولا حرج . فقد كان أطهر قلوب الرجال ،حيث استحق ليس فقط ان يعاين الله ،منذ هذه الحياة ، بل أن يسمعه بأذنيه ويلمسه بيديه ،ويحمله على ذراعيه ،ويساعده بأتعابه ، ينقذ طفولته ،ويسهر على صباه وشبوبيته ، ويقضي معه 30 سنة ما كان أحلاها وأقدسها !انذهلي ايتها السماوات واندهشي ايتها الارض ! ان ابن الله المبدأ الأبدي لكل قداسة ، يسوع المسيح مخلص العالم يخضع لأنسان ضعيف ويسمعه يناديه :يابُني وهو يجيبه نعم أنا أبنك فسأحترمك ، وأكرمك كأحسن الآباء و أحنهم .فان كان حمل الله لا يرعى إلاٌ بين السوسن العطر والزنبق الفياح ،من يشك في ان نقاوة يوسف فاقت الملائكة خُدام الحمل الذين لا يجرأون على التفرس فيه ،على حين ان يوسف قد حمله على ذراعيه وقبٌله ولاطفه أحلى الملاطفات وأسماها؟ ؟ فيا أيها القديس العظيم يامثالا كاملا للنقاوة ومحاميا قديرا للقلوب البيضاء و النفوس الطاهرة وللبتولين صلِ لاجلنا .