يقول أيضاً أبونا القمص متى المسكين في كتابه: ”مع العذراء القديسة مريم ثيئوتوكس – «هوذا أنا أَمَة الرب»“ (الذي صدر قبل نياحته بقليل في سنة 2006م):
[نعم، فمنذ أن استعلن المسيح نفسه أنه المسيَّا ابن الله ملك الدهور ورب الأرباب، استُعلنت العذراء التي ولدته أنها مستحقة كل مديح وإطراء وتطويب مدى الأجيال السالفة. عشرون قرناً من الزمان، والمسيحيون في أرجاء الأرض كلها يمدحون ويُطوِّبون العذراء، بمعنى أنها بلغت قمة الطهارة، كعذراء وأُم بآنٍ واحد. كإنسانة مستضعفة بلا رجل، رفعها الله من مستوى البشرية جمعاء، التي كانت مطرودة من أمام وجه الله في آدم، إلى مستوى مجيء الله نفسه ليصنع منها مسكناً له. فأخذت منه ملئاً مقدَّساً عالي القيمة جداً، وكأنها صارت جنة عدن بحدِّ ذاتها. جمعت الخالق بالمخلوق في مُصالحة عُليا، تفوق حدَّ المصالحة لتبلغ حدَّ الملازمة، فلا يُفارقها الله ولا هي تُفارقه، بسرٍّ يفوق قُوَى العاقل والمعقول. وقد صارت وكأنها سماء ثانية وهي على الأرض، تحوي القدير الذي صنع السماء والأرض، لكي يلتقيا أخيراً معاً في هذه العذراء الأُم، التي جمعت العذراوية والأُمومة بسرٍّ إلهي بلا فارق، كما جمعت الله بالإنسان بذات السر!! فالتقى الله، بواسطة العذراء القديسة مريم، بالإنسان بعد خصومة مُستحكمة دامت كل حياة الإنسان السالفة. فصارت مريم أُم المصالحة العُليا، وأُم السلام على الأرض وفي السماء. فصارت مصدر تطويب يلهج بطوباويتها كل إنسان وكل ملاك…] (ص 21،20).