هو من عمّد يسوع المسيح. ولد بحسب الإنجيل يوحنا المعمدان من والدين تقيين وهما زكريا الكاهن وأليصابات ويذكر التقليد المسيحي عين كارم على أنها موطن زكريا وأليصابات أبوي يوحنا المعمدان سابق المسيح.
وهو النبي يحيى بن زكريا لدى الديانة الإسلامية ونبي الديانة الصابئية المندائية لدى الصابئة حيث ينسب له كتاب دراشة أد يهيا (تعاليم يحيى) وهو أحد الكتب المقدسة في الديانة المندائية، كما أن يحيى أو يوحنا المعمدان أو يحيى بن زكريا يعتبر نبياً حسب الديانة البهائية.
ألقاب يُوحَنَّا الْمَعْمَدَان
مولد يُوحَنَّا الْمَعْمَدَان في العهد الجديد
عائلته
بشارة زكاريا بـيُوحَنَّا الْمَعْمَدَان
عندما حان موعد فرقة أبيا التي ينتسب إليها زكريا في خدمة الهيكل والتي تستمر وفق التقاليد المتوارثة من أيام سفر أخبار الأيام الأول لمدة أسبوعين، سافر زكريا نحو القدس؛ وهناك يجري الكهنة قرعة لمعرفة من يدخل إلى الهيكل ليقوم بحرق البخور فوقعت القرعة على زكريا، وهو الأمر الذي يمكن ألا يحدث ولا حتى مرة واحدة في حياة الكاهن،
أما حرق البخور فيتم في الغرفة الداخلية في الهيكل المعروفة باسم “القدس”، وبشكل عام فإن الهيكل مقسوم إلى ثلاث أقسام الأول للعامة والثاني هو “القدس” والذي يسمح للكاهن فقط دخوله، والثالث هو “قدس الأقداس” ولا يدخله إلى رئيس الكهنة ولمرة واحدة في العام يوم عيد الغفران، وكان البخور يحرق مرتين يوميًا كل صباح ومساء كما ذكر في مزامير داود، ويتزامن إحراق البخور مع رفع الناس لصلواتهم وطلباتهم إلى الله.وبينما كان زكريا يحرق البخور: “ظهر له ملاك من عند الرّب واقفًا عن يمين مذبح البخور”.[لوقا 1] ويكشف إنجيل لوقا على لسان الملاك أنه جبرائيل، ووفق المعتقدات المسيحية هو نفسه الملاك الذي نقل بشارة حمل مريم العذراء، اما ردة فعل زكريا فقد كانت الخوف الشديد، لذلك طمأنه الملاك: “لا تخف يا زكريا، فإن طلبتك قد سُمعت، وزوجتك أليصابات ستلد لك ابنًا”.[لوقا 1] ويذكر في العهد القديم عدة قصص مشابهة عن تبشير ملاكة بولادة شخص، فحصل ذلك مع شمشون الجباروالنبي إيليا؛ وكما حصل في بشارة يسوع اللاحقة فقد أخبر الملاك ما يجب أن يسمى به الطفل عندما يولد: “وأنت تسميه يوحنا”.[لوقا 113] وتابع الملاك بأن مولد يوحنا سيسبب الفرح والابتهاج ليس فقط لأسرته بل “سيفرح الكثيرون بولادته”[لوقا 114] وذلك كما يقول الملاك في إنجيل لوقا لأنه سيكون ممتلئًا من الروح القدس، “منذ أن يكون في بطن أمه”، ولأنه “سيرد الكثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم”، ولأنه “سيكون له روح إيليا وقدرته” فيردّ “العصاة إلى حكمة الأبرار” وبالتالي فهو “عظيم أمام الرب” إذ “يهيئ له شعبًا معدًا”. ولهذه المناسبة، وكما طلب سابقًا من شمشونوإيليا وغيرهما، فإن الطفل لن يشرب خمرًا ولا مسكرًا،[لوقا 118] ويعتبر ذلك جزءًا من عهد النذور التي يعلنها الشخص تجاه الله كما جاء في غير موضع من التوراة.
شكّ زكريا
بشارة مريم وزيارتها أليصابات
مولد الطفل زكاريا وختانه
ثم تنبأ لابنه:[لوقا 176-78]
أنت أيّها الطفل سوف تدعى نبي العليّ، لأنك ستتقدم أمام الرب لتعد طرقه. لتعطي شعبه المعرفة بأن الخلاص هو بمغفرة خطاياهم، بفضل عواطف الرحمة لدى إلهنا، تلك التي تفقدنا بها الفجر الشارق من العلى.
نشاط يوحنا ومواعظه
ويُسمى في النص الإنجيلي “يوحنا بن زكريا” ويقول أنه انتقل من البرية إلى النواحي المحيطة بنهر الأردن، ويشير دارسو الكتاب المقدس إلى رمزية خاصة في اختيار نهر الأردن، ففي هذا المكان تحديدًا وعلى ما يروي سفر يشوع جدد بنو إسرائيل ميثاقهم مع الله بعد أن تاهوا في الصحراء أربعين عامًا. ومن هناك “أخذ ينادي بمعمودية التوبة لمغرفة الخطايا”. ويضيف إنجيل متى تفصيلاً آخر: “كان يوحنا المعمدان يبشر قائلاً: “توبوا فقد اقترب ملكوت السموات””.[متى 32] وهو بذلك كما يرد في إنجيل متىومرقسولوقاويوحنا يحقق النبؤة التي وردت عنه في سفر أشعياء:
صوت منادٍ في البرية، أعدّوا طريق الرّب واجعلوا سبله مستقيمة. كل وادٍ سيردم وكل جبل وتل سينخفض وتصير الأماكن الملتوية مستقيمة، والأماكن الوعرة طرقًا مستوية، فيبصر كل البشر الخلاص الإلهي
خصوصًا أن صفات يوحنا كانت غريبة كما تجمع الأناجيل الإزائية على وصفه، يلبس ثوبًا من وبر الجمال ويشدّ وسطه بحزام من جلد ويأكل الجرادوالعسل،[متى 34] وهو ما يناسب عمومًا الحياة البرية التي كان يوحنا قد عاشها وإن كنا لا نعرف وافر التفاصيل عنها. أيضًا فإن من العناصر التي ساهمت بجذب الناس نحو يوحنا كما يقول النقاد هو هجمومه العنيف على الملك هيرودوس أنتيباس والقادة الدينيين من فريسيينوصدوقيين، وإظهاره أخطائهم على العلن وحاجتهم للتوبة كعامة الشعب، وذلك كان جسارة كلفته حياته لاحقًا.كان يوحنا يعظ الجموع ويوبخها حتى أنه وصفها “بأولاد الأفاعي”،[لوقا 37] ويخصّ إنجيل متى العبارة السابقة للفريسيينوالصدوقيين منهم فقط، وربما يعود سبب ذلك لكون إنجيل لوقا وجه إلى اليونانيين الذين لا يعرفون تقسيمات المجتمع اليهودي وأحزابه على العكس من إنجيل متى الذي وجه إلى يهود الشتات. وأيًا كان فإن سياق النصّ يظهر أن يوحنا إنما كان يقرع من يكتفي بالمعمودية لغفران الخطايا دون أن يدعمها بالأعمال: “فاثمروا ثمارًا تليق بالتوبة”.[لوقا 38] أي أنه دعاهم لعدم العماد خوفًا من العقاب بل حبًا بالله. كما يقرع يوحنا أيضًا اليهود منتقدًا عقيدة “شعب الله المختار”: “لا تقولوا لنا إبراهيم أبًا، فإني أقول لكم إن الله قادر أن يطلع من هذه الحجارة أولادًا لابراهيم”.[لوقا 38] ويقول “التفسير التطبيقي للعهد الجديد” أنه لا بدّ أن كثير من اليهود قد صدموا حينما سمعوا يوحنا يقول أن النسب والبنوة لا تنفع، وأن العلاقة مع الله لا تحددها سلاسل الأنساب. ويقدّم قولاً كان له دور بارز في النقاشات اللاهوتية اللاحقة في الحياة المسيحية حول علاقة الإيمان والعمل بالخلاص: “ها إن الفأس أيضًا قد وضعت على أصل الشجر: فكل شجرة لا تثمر ثمرًا جيدًا تقطع وتطرح في النار”.[لوقا 39] أي أن يوحنا من جديد أعاد الإعلان حول تلازم الأعمال الصالحة مع الإيمان الصادق. وعندما سألته الجموع عن الوصايا التي من الواجب اتباعها نصحهم يوحنا بعدم الطمع وإعالة الفقراء ومشاركة المحتاجين، وكذلك الابتعاد عن الأنانية واللامبالاة.
نشاط يوحنا المعمدان كان قد تم خلال فترة عصيبة من تاريخ بني إسرائيل، إذ لم يرسل نبي لبني إسرائيل منذ أربعة قرون، وتحديدًا منذ عهد النبي ملاخي حسب الديانة اليهودية، وهذا ما خلق حالة من الانتظار لدى بني إسرائيل ليس فقط لنبي بل “للمسيح” الذي وعد به من أيام داود مخلصًا لبني إسائيل ومقيمًا للعدل والسلام على الأرض، ولذلك “كان الجميع يسائلون أنفسهم عن يوحنا: “هل هو المسيح؟”.[لوقا 315] أما جواب يوحنا فقد كان واضحًا بأنه ليس هو “المسيح”، بل قال إن المسيح حينما يأتي من بعده، لا يستحق يوحنا “أن يحل رباط حذائه”، وقال أيضًا أن المسيح حينما يأت سيعمد بالروح القدس.[لوقا 316] ووفق العقائد المسيحية فإن يوحنا إنما كان يشير في حديثه إلى يسوع نفسه، ووفق هذه العقائد أيضًا فإن نبؤة يوحنا المعمدان عن “معمودية الروح القدس” قد تحققت فعلاً حين نزل الروح القدس على التلاميذ الاثني عشر وجموع من المؤمنين معهم، بعد عشرة أيام من ارتفاع يسوع إلى السماء حسبما جاء في سفر أعمال الرسل. وقد كتب العديد من اللاهوتيين وآباء الكنيسة عن سبب استخدام يوحنا للمعمودية، ويمكن جمع أبرز الآراء بأن يوحنا قد استخدم عملاً رمزيًا يستطيع الناس أن يروه ليدركوا ما هو مطلوب منهم أن يفعلوه، فالاغتسال الخارجي إنما هو رمز “لاغتسال داخلي من الخطيئة” وبمعنى آخر فإن يوحنا كان يعمد الناس علامة على أنهم التسموا من الله أن يغفر خطاياهم، وغير أن العماد يظل علامة خارجية أما اللامة الحقيقية فهو بتغيير مواقفهم وارتدادهم عن الخطيئة. إلى جانب كون المعمودية عادة منتشرة في المجتمع اليهودي، وكثيرًا ما كان اليهود يعمدون غير اليهود الراغبين في اعتناق اليهودية، أما الكنيسة الأولى فقد ذهبت بالمعمودية لتفسير جديد وربطتها وبين موت يسوع وقيامته.
في إنجيل يوحنا يسأل الكهنة اليهود يوحنا عن ماهيته ودوره، فينفي أنه المسيح أو أنه إيليا الجديد أو أنه حتى نبي، وعندما سألوه عن لماذا يعمد أشار إلى “الآتي من بعده”.[يوحنا 1/13-27] ولعلّ خلاصة نظرة الإنجيل الرابع عن يوحنا المعمدان يمكن تأطيرها بما يلي:[يوحنا 1/6-9]
ظهر إنسان أرسله الله اسمه يوحنا، جاء ليشهد للنور من أجل أن يؤمن الجميع بواسطته. لم يكن هو النور بل شاهدًا للنور، فالنور الحق الذي ينير كل إنسان كان آتيًا إلى العالم.
استشهاد يُوحَنَّا الْمَعْمَدَان
رأس يُوحَنَّا الْمَعْمَدَان
وبذلك مات بعد ما يقرب السنتين على بداية تعليمه العلني وقبل سنة من موت من بشّر به. وعندما سمع تلاميذه بموته جاؤوا وأخذوا جثته ووضعوها في قبر. إن تاريخ موت يوحنا المعمدان في 29 آب والمعتمد في التقويم الكنسي ليس تاريخاً موثوقاً لأنه ليس مرتكزاً بقوة على مصادر موثوقة. ويقول العهد القديم بأنّ مكان دفنه هو السامرة وتوجد رفاته في كنيسة القديس سلفستر في روما، في حين يوجد رأسه في ضريح بقلب مسجد بني أمية في دمشق.
يُوحَنَّا الْمَعْمَدَان في كتب الأبوكريفا والتقاليد اللاحقة
نقلوا أن هيرودس الملك لما أطلق حملته لقتل أطفال بيت لحم كما هو وارد في إنجيل متى، هربت أليصابات بطفلها إلى الجبال والبراري وقضت هناك ست سنوات، وبعد ذلك توفيت وظل الصبي يوحنا مقيمًا في البرية، إلى حين بدء دعوته النبويّة. وجاء في هذه التقاليد أيضًا أن جند هيرودوس جاؤوا إلى النبي زكريا وسألوه عن مكان الولد، فأجابهم أنه لا يعلم، فما كان منهم إلى أن قتلوه. هناك رواية ثانية في الأبوكريفا لهذه الأحداث تقول أن النبي زكريا حمل الطفل إلى القدس ووضعه على المذبح في هيكل الرّب، فعندما أدركه الجند ليقتلوه صلّى إلى الله لكي ينفذ الطفل، فخطفه ملاك إلى بريّة تدعى “بريّة الزيفانا”، ولأن الجنود لم يجدوا الطفل قتلوا والده زكريا بين الهيكل والمذبح، وفي رواية ثالثة أن أليصابات عندما سمعت أن جند هيرودس يريدون قتل أطفال بيت لحم وما جاورها، هربت نحو براري تلك المنطقة للاختباء، ولكنها لم تجد مكانًا تختبئ فيه، فصلّت إلى الله لتجد مخبئًا فانشقّ جبل قريب، فاختبأت داخله مع طفلها، إلى جانب وجود ملاك أمّن حماية لهم.
نالت الرواية الأولى شعبية أكبر في أوساط آباء الكنيسة، وفي تقليد الكنيسة الكاثوليكية وكذلك الأرثوذكسية الشرقية والمشرقية فإن زكريا قد قُتل على يد جند الملك هيردوس، في حين صمتت الرواية الرسمية عن طريقة موته وعن وضع يوحنا وأمه خلال هذه الفترة الطويلة، من مولده وحتى بداية نشاطه العلني.
وفقًا لتقليد بيزنطي يعود للقرن الخامس فإنه بعد خمس أشهر من ولادة يوحنا، ظهر ملاك الرب لأليصابات وأخبرها أنها يجب أن تفطم الصبي وتبدأ في تعويده على تناول الجراد والعسل البري وهو الطعام الذي ذكرته الأناجيل الرسمية على أنه طعام يوحنا المعتاد. وهناك تقليد آخر ينصّ على أن يوحنا بدأ دعوته العلنيّة في سن الثلاثين وهو السن الرمزي لكمال البلوغ، كما أنه السن التقليدي لبداية دعوة يسوع ومن المعروف وجود التزامن في دعوتي يسوع ويوحنا، إلى جانب أن العهد القديم ينصّ أن أبناء اللاويين يجب عليهم بداية خدمتهم الكهنوتية في سن الثلاثين.
حسب رواية إنجيل العبرانيين، فإن يسوع لم يكن يريد أن يذهب للاعتماد على يد يوحنا، وقال لأمه مريم: “لم أرتكب أي خطأ يوجب أن أعتمد على يديه”، وفي رواية أخرى أن يوحنا عندما شهد حلول الروح القدس على يسوع خلال العماد وفق رواية الأناجيل الرسمية، سقط على ركبتيه وقال: “أنا ألتمس إليك، يا رّب، أن تعمدني”، لكن يسوع أجابه: “ما كُتب يجب أن يتم، ويجب الوفاء به”.
وفي رسالة منسوبة للقديس كليمنت الإسكندري فإن يوحنا المعمدان لم يتزوج البتّة وظلّ عازبًا طوال حياته. وأشارت تقاليد أخرى أن هيروديا لم تشف غليلها بقتل المعمدان، فعمدت إلى غرز إبر في لسانه، ثم قبلت دفنه خارج المدينة. أما في إنجيل نيقوديمس الذي يعود للقرن الخامس، فقد جاء أن يوحنا بعد وفاته ذهب إلى الجحيم وقام هناك بنشر الكرازة في “مثوى الأموات”، فبشّر بأن يسوع سيأت بدوره إلى مثوى الأموات منتصرًا بذلك على الموت، وليدخل الصالحين من الأموات إلى النعيم بعد أن كان مغلقًا منذ سقوط آدمو حتى قيامة يسوع، وكان من أول الداخلين إلى النعيم هو يوحنا نفسه؛ وعمومًا فإن هذه الروايات بمجموعها ” تعطي لمحات عن حالة الضمير المسيحي وأساليب التفكير في القرون الأولى من العصر المسيحي”.
نظرة المذاهب المسيحية ليوحنا المعمدان
الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية
يوحنا أيضا هو أحد قديسي الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية وكل يوم ثلاثاء على مدار السنة مكرس لذكراه.
تحتفل به الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية في ست أيام منفصلة:
- 23 سبتمبر ذكرى الحمل بالقديس يوحنا.
- 7 يناير يوم القديس يوحنا. (وهو ذكرى نقل بقايا يده اليمنى من أنطاكية إلى القسطنطينية في 956)
- 24 فبراير العثور للمره الأولى وللمرة الثانية على رأس القديس يوحنا.
- 25 مايو العثور الثالث على رأس القديس يوحنا.
- 24 يونيو ذكرى ميلاد القديس يوحنا.
- 29 أغسطس ذكرى قطع رأس القديس يوحنا.
- 24 يونيو ميلاد القديس يوحنا المعمدان.
- 29 أغسطس ذكرى قطع رأس القديس يوحنا المعمدان.