مكتبة الكتب المسيحية |
كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية



كتاب قصص قصيرة (مع مجموعة من القصص الطويلة) – القمص تادرس يعقوب ملطي

609-



قصة: الكرة المشعرة


لاحظت نيفين علي ابنتها الصغيرة جاكي إنها تعود من
المدرسة وقد ملأت العبوسة وجهها. سألتها الأم عن السبب، فأجابتها:


“أماه إني حزينة فإنني اصغر أبنائك, لازالت في
المدرسة الابتدائية ملتزمة أن اترك البيت لأتعلم، وأعود لأُتمم
الواجبات الدراسية.


أخي مارك انهي دراسته والآن متزوج يعيش في بيته مع
زوجته وطفله متهلل بأسرته.


وأيضا أختي إيزابيل متزوجة، أراها مع زوجها وطفلتها
مسرورة للغاية.


متى انتهي من الدراسة الابتدائية ثم الثانوية
فالجامعة؟ ابحث عن عمل وبعد ذلك تكون لي أسرة افرح بها.


أنه طريق طويل للغاية. متى تعبر كل هذه السنوات
المملوءة أتعابًا؟


قالت لها الأم:


“ابنتي العزيزة جاكي.


الطريق طويل حقًا، لكنه هو طريق الحياة الممتع،
خلاله تنالين خبرات متنوعة. ففي هذه المرحلة تتمتعين بحنان يوحنا
والدك، وينمو فكرك ومعرفتك، وفي مرحلة الثانوية تشعرين بالأكثر بالرغبة
في الاستقلال الداخلي، فتنمو شخصيتك, تحتاجين أن تنضجي
عقليًّا
وعاطفيًا واجتماعيًا. في هذه المرحلة مع ما للأصدقاء من تأثير لكنك
تحتاجين أن تجلسي دومًا مع نفسك ليكون لك خط واضح في حياتك. وفي
الجامعة تتهيئين فكريًا كيف تواجهين الحياة العملية باتزان وحكمة.



St-Takla.org Image:
A mother with her young daughter, motherhood.

صورة في موقع الأنبا تكلا:
أم مع ابنتها، والدة مع بنت صغيرة، الأمومة.


وهكذا تنطلقين لتختاري العمل اللائق بمواهبك
وقدراتك، وأخيرًا والإنسان الذي يشاركك حياتك وتشاركينه حياته.


لا تتعجلي يا ابنتي. لتتمتعي بخبرات كل مرحلة بسرور
وبهجة قلب”. عندئذ قالت چاكي:


“أماه، أنت لا تشعرين بما في داخلي.

هل تبحث عن  القديس البار ثيودوروس النفغورودي (+1392م)‏


أنت لا تفهمينني، ولا تشاركينني مشاعري.


أريد أن تعبر كل هذه السنوات فورًا ليكون لي بيت
مستقر!”


قدمت الأم لجاكي كرة مملوءة شعرا، وقالت لها:
“هذه
هي كرة حياتك.


كل شعرة تمثل فترة زمنية من حياتك.


إن شعرتي بضيق وأردتي أن يجري بك بالزمن إلي الفترة
التالية اسحبي شعرة من الكرة”.


فرحت جاكي جدًا بالكرة. وإذ ذهبت إلى المدرسة في
اليوم التالي شعرت بأنه يوم ممل فسحبت شعرة وراء شعرة حتى جاء صباح
الجمعة لتقضيه مع أصدقائها، وفي صباح السبت إذ بدأت الدراسة تذمرت في
داخلها فسحبت الشعر حتى بلغت صباح الجمعة.


مرت شهور قليلة فوجدت نفسها في المدرسة الثانوية. وإذ كان
الملل يلاحقها، تكرر الأمر فصارت في الجامعة. لم يفارقها شعور الملل
فكررت الأمر، حتى وجدت نفسها قد تخرجت في الجامعة.


اضغط هنا في


موقع الأنبا تكلاهيمانوت
للمزيد من القصص
والتأملات.


التحقت بالعمل وكانت بلا خبرات فشعرت بالفشل، فصارت
تسحب شعرًا حتى حان وقت زواجها. لم تعرف كيف تعامل زوجها بسبب فقدانها
لأية خبرة عملية جادة فحلت بها مشاكل كثيرة. كلما دخلت في مشكلة تسحب
شعرة حتى يعبر الوقت.


لم تمضِ سوي شهور حتى وجدت نفسها أمًا ثم جدة وقد
شاخت وحل بها الضعف الشديد والعجز عن العمل.


تطلعت إلي حياتها كلها فإذا بها شهور قليلة بلا ثمر
فانهارت جاكي تبكي. لقد فقدت حياتها ولم تعد قادرة علي العودة إلي
الماضي لتبدأ من جديد.


صرخت جاكي نادمة علي ما فعلته.


علي أثر الصرخة استيقظت والدتها وأيقظتها من نومها
فإذا بها تجد إن كل ما حدث هو حلم كئيب. روت جاكي لوالدتها هذا الحلم.
فركع الاثنان معًا يشكران الله.


صلت جاكي قائلة:

هل تبحث عن  فَنَحنُ الّذينَ نَنتظِرُ الْمَجدَ الأبديَّ الآتي


“أشكرك يا إلهي ومخلصي.


صرت طفلًا لكي اعتز بطفولتي، معك أطيع والدي.


صرت شابًا لكي تقدس شبابي.


سلكت الطريق الضيق بمسرة وفرح.


حولت حياتي من وادي


الدموع
إلى فردوس داخلي مبهج!


هب لي ألا أعجل الزمن.


هب لي أن انتفع بكل مرحلة من مراحل حياتي.


في الطفولة أشعر بدالتي لديك يا أيها الأب محب
الأطفال.


في صبوتي أراك الصديق الحميم الذي يهبني روح
القيادة فلا يسحبني الأصدقاء حسب هواهم.


في شبابي أراك مشبع عواطفي فلا اشحذ عاطفة من أحد.


في عملي أراك رفيقًا لي أينما وجدت.


وفي زواجي يلتهب قلبي لرؤية زواج نفسي بك يا عريسي
السماوي”.



مشاركة عبر التواصل الاجتماعي