فَقَالَ لِي الْمَلِكُ:
لِمَاذَا وَجْهُكَ مُكَمَّدٌ وَأَنْتَ غَيْرُ مَرِيضٍ؟
مَا هَذَا إِلاَّ كآبَةَ قَلْبٍ!
فَخِفْتُ كَثِيرًا جِدًّا [2]
كان العاملون في القصر ملتزمين أن يظهروا أمام الملك بوجهٍ باشٍ، تحت كل الظروف. لكن لم يكن في استطاعته أن يخفي المرارة التي ملأت نفسه بسبب الحال الذي بلغت إليه أورشليم. وإذ كان أرتحشستا الملك يثق في نحميا سأله عن سبب كآبة قلبه. حزن نحميا لم يكن مصادفة، إن صح التعبير، إنما هو انعكاس لمرارة نفسه من أجل شعب الله.
سؤال الملك يكشف عن تعجبه من حزن نحميا، فقد اعتاد أن يراه دائمًا متهللًا. ولعل تهليل قلب نحميا كان ينعكس على وجهه، فيعطي بهجة للملك. سلام قلب نحميا حتمًا كان يختلف تمامًا عما يظهره السقاة الآخرين، لأن الأول يتقبل بهجته من الرب، أما الآخرون فكانوا يفتعلون البهجة لإرضاء الملك.
لم يكن ممكنًا لنحميا الذي انكسر قلبه من أجل شعبه أن يخفي حزنه، وكما يقول سليمان الحكيم: “للبكاء وقت، وللضحك وقت؛ للفرح وقت، وللرقص وقت” (جا 3: 4). فالمؤمن الحقيقي يعرف متى يفرح ومتى يحزن. ليس كل فرحٍ مستحقًا للمديح، ولا كل حزن مستحقًا للذم.