يليق بل يجب ان يكون لمريم كلية القداسة ، والدة الله مخلص العالم ملكة السماء والارض المقام الاول في قلوب المسيحيين بعد يسوع ابنها الالهي .لعمري ان مار يوسف لمديون نحو هذه البتول بعلو منصبه . لانه ما كثرت نعمه وجلت فضائله عند الله ، وما عظمت مفاخره وتسامت محاسنه عند الناس الا لان العناية الالهية قد صيرته شريك
العذراء السامية بمهمتها الفريدة وبما لاقته من محن واحزان .فيليق اذن في اوائل شهر آذار المخصص لاكرام مار يوسف ان نؤدي فروضنا البنوية لتلك التي قد احبها كخطيبة واحترمها كوالدة حقيقية للابن الالهي الذي اقيم هو عليه وصيا ومربياً .فبعد ان راينا شعاعاً من امجاد نالها مار يوسف لعلائقه السرية بالاقانيم الالهية الثلاثة ، واجب علينا ان نتأمل بصلاته العجيبة بمريم العذراء .من هي مريم العذراء في نظر الايمان ونظر الكنيسة ؟ هي خليقة ذات درجة فريدة ليس فوقها خليقة قد رفعها الله فوق جميع خلائقه وزينها بنعم لا تقاس وحباها امتيازات لا توصف لم يمنحها لسواها ، فأضحت اعجوبة الارض والسماء . مريم العذراء هي بحر صبت فيه انهار كل الفضائل والكمالات ، هي عرش الحكمة الالهية وهيكل اللاهوت هي ام ابن الله الصائر انساناً . فهذه الخليقة المتسامية في الكمال والمصطفاة لتبوء اعلى المناصب لابد لها من يسهر عليها . ولا بد لهذه النفس التي فاقت جنة عدن بورود فضائلها العطرة واشجار اعمالها المثمرة من كروب يحرسها . ولهذه الام والبتول معا من خطيب لائق بها يحاكيها قدر الامكان بفضائله واستحقاقاته ويضاهيها بقداسته ورفعته فمن اين يصطفى هذا الخطيب وذاك الكروب ؟ هل يصطفى من طبقة الامراء والملوك ؟ كلا ان هذا الرجل السعيد الذي يكون حسب قلب الرب واهلاً لهذه المرتبة العليا لن يكون نازلا من صفوف الارواح السماوية ولا جالسا من الجالسين على العروش الارضية . بل فاعلا من الفعول المشتغلين في حانوت قرية صغيرة . هو يوسف النجار نزيل الناصرة الفقيرة . يوسف رجل مريم الذي منها ولد يسوع ! رجل مريم ! تلك هي كلمة الانجيل كلمة هي مختصر كل ما ناله وما يناله يوسف من المجد حتى نهاية العالم ! مريم ويوسف يا للخطيب ويا للخطيبة كوكبان ازدوجت انوارهما فازداد لمعانا ! قلبان اجتمعت عطور فضائلهما فسطع عرفهما واتحدت خفقات حبهما في حب الله وحده ! من ذا يصف صفاء ايام بل سنين قضياها سوية باتحاد نقي دونه نقاء الزنبق ؟ يا للبساطة الملاكية ! يا للعروة الوثيقة التي ربطتهما ! يا للحنان والعطف المتبادلين في قلبيهما ! أيها المؤمنون هنؤا يوسف على تلك المنة السنية التي نالها من لدن مراحمه تعالى ! هنؤا خطيباً قديساً ولأقدس خطيبة ! ان احد المتعبدين لمار يوسف لدى تأمله صنيع الله به ما تمالك ان صرخ قائلا: اني لما اهذي بعظائم خطيب مريم ، لما اتأمل مجده الوسيم يتلعثم لساني وتنقصني الكلمات للتعبير عنه ولا ارى مناصا الا بالسكوت ازاء مقامه الفريد بين الأنام وضع الرب بين يديه اثمن كنوز السماء والارض : فلا عجب اذا ما نسبت اليه الكنيسة ما قيل : عن يوسف بن يعقوب الذي كان رمزا عنه :
(( اقامه الرب سيداً على بيته ورئيساً على كل مقتناه )) .
ما اعظم ما يجب ان تكون ثقتنا بهذا الشفيع القدير ! لانه كخطيب مريم لم
يأل جهداً من تقديمه لها افضل الخدم وبذل مهجته في سبيل ارضائها . لقد احتمل حباً بها وبابنها الالهي من الالام ما تتقاصر عنه الالسن . لذلك فكم من ديون وكم من حقوق وجبت له على ملكة السماء والارض ؟ فهل من يشك بعد هذا كله بمبادرة مريم الى استجابة كل من يندبها بواسطة هذا الرجل الصديق والقرين البار والشفيع القدير ؟ وهي نفسها قد اوحت بذلك لامها القديسة بريجيتة قائلة لها ان خطيبي البار كان يخدمني بحنو ابوي وبلطف ما شابه كلل فقد كان الحارس الامين لنقاوتي والشاهد الصادق لعظائم الرب في ليتك يا ابنتي تعلمين عظمة مجد يوسف في السماء .