يوناثان وجليات





يوناثان وجليات




وقال الفلسطيني: أنا عيرَّت صفوف إسرائيل هذا اليوم.
أعطوني رجلاً فنتحارب معًا
( 1صم 17: 10 )






إن موقعة وادي البطم كانت غريبة جدًا إذ يطلب جليات حسم المعركة عن طريق المبارزة الفردية. وأي فرد من إسرائيل كان يمكنه أن يقف أمام ذلك العدو الأغلف المُخيف؟ إنه أمر واضح أن الله أراد أن يُظهر لإسرائيل مرة أخرى أنه شعب ضعيف وبلا قوة، وأن خلاصه الوحيد كان بذراع الله القوية كما في القديم، وأنه مستعد لأن يتقدم أمام شعبه بصفته العجيبة «كرجل الحرب» عندما يطلب منه الإيمان ذلك.

ظل ذلك الفلسطيني يتقدم ويقف أمام شاول التَعِس وجيشه المرتاع الخائف مدة أربعين يومًا وهو يعيِّرهم بمرارة قائلاً: «أما أنا الفلسطيني، وأنتم عبيدٌ لشاول؟» (ع8). أجلْ هكذا كانت الحقيقة المؤلمة، فقد سقط إسرائيل من مجده كعبيد الرب وصاروا مجرد عبيد لشاول، وهذا نفس ما حذرهم منه صموئيل ( 1صم 8: 11 – 18). وكل هذه التعييرات المُرّة حدثت لأنهم عوضًا عن أن ينظروا إلى الله كملك إسرائيل، نظروا إلى شاول.

«اختاروا لأنفسكم رجلاً ولينزل إليَّ» (ع8). هكذا قال جليات الجبار. وهنا نتساءل: أين كان يوناثان في كل هذا؟ أين ذاك الذي عمل بقوة الإيمان البسيط في أصحاح14؟ لماذا لم يكن الآن مستعدًا لمواجهة هذا الجبار الأغلف؟ لا شك أننا إذا دققنا النظر في أعماله لوجدنا إيمانه من النوع الذي لا يحمل صاحبه دائمًا فوق جميع المصاعب والعقبات، وهذا النقص ظاهر في قوله: «إن قالوا لنا هكذا….» ( 1صم 14: 9 ، 10). فالإيمان البسيط الجسور لا يقول البتة «إن» إذ هو لا يتعامل إلا مع الله ولا يعتمد بكليته إلا عليه. وحين قال يوناثان: «ليس للرب مانع …» ( 1صم 14: 6 )، نطق بمبدأ حقيقي وكان كافيًا ليعبِّر به دون كلمة «إن». ولو كانت نفس يوناثان معتمدة بكُليتها على قدرة الله لَمَا طلب علامة. وإن كان الله في نعمته قد تحنن وأعطاه تلك العلامة، كما سبق وأعطى جدعون قبله ( قض 6: 17 )، لأن الله في رحمته يقابل دائمًا عبيده في ضيقاتهم ويساعدهم ويسد كل احتياجهم. ومع ذلك لم يظهر يوناثان في وادي البطم إذ يظهر أنه كان قد أتم مهمته وعمل بما قدر عليه، أما في هذه الموقعة فإن الأمر يتطلب إيمانًا أعمق جدًا مما سبق ليوناثان معرفته أو إدراكه.

هل تبحث عن  "فمَضى به" Τότε παραλαμβάνει αὐτὸν في الكتاب المقدس

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي