البيانات التفاصيل
الإسم الأسقف جرمانوس
التصنيفات الآباء الأساقفة, الإكليروس
شخصية بحرف ج

سيرة الأسقف جرمانوس

السيرة كما وردت في كتاب قاموس القديسين

جرمانوس الأسقف

يُعتبر القديس جرمانوس (375 – 437 تقريبًا) أب كنيسة إنجلترا وايرلندا، إذ أعاد لها قوتها بعد انتهاء الاضطهاد الروماني.

ولد القديس جرمانوس في أوسير Auxerre بفرنسا حوالي سنة 378م، ودرس في روما القانون ومارس هناك المحاماة. وتزوج بامرأة اسمها إستوكيا، ثم عاد إلى بلاده حيث اختاره الملك أونوريوس ابن الملك ثيؤدوسيوس الكبير وأقامه مدبرًا وقاضيًا في مدينة أوسير فأحسن التصرف وأحبه الجميع.

سيامته أسقفًا

كان الحاكم جرمانيوس محبًا للصيد، وكان كلما اصطاد وحشًا يعلق رأسه على شجرة قديمة في وسط المدينة بقصد الاعتزاز والافتخار بقدرته على الصيد. لكن بعض الوثنيين كانوا يفعلون ذلك بقصد ممارسة العبادة الوثنية.

التقى به الأسقف أماتور وتحدث معه عن خطورة ما يفعله، لكن عشقه للصيد واعتزازه بهذه الهواية سدّ أذنيه عن الاستماع إلى الأسقف.

إذ تطور الأمر جدًا رأى الأسقف أن يكون حازمًا، ففي أحد الأيام إذ كان الحاكم جرمانيوس خرج للصيد أمر الأسقف بقطع الشجرة. عاد الحاكم ووجد الشجرة مقطوعة، فغضب جدًا وهدد بقتل الأسقف. أما أماتور فإذ يعلم طيبة قلب الحاكم وحسن تصرفه فيما عدا ما يمس هوايته في الصيد وما يتبع ذلك من تعليق رؤوس الوحوش على الشجرة هرب إلى مدينة أوتون والتجأ إلى أسقفها، وهنك اختلى مع الله، فكان يصلي ليلاً ونهارًا طالبًا ليس خلاصه من يد الحاكم، بل خلاص نفس الحاكم.

شاهد الأسقف أماتور رؤيا غريبة جاء فيها أن جرمانيوس يخلفه على كرسي الأسقفية، وإذ تأكد من الرؤيا فرح جدًا وعاد إلى بلده متهللاً من أجل غنى نعمة الله.

هل تبحث عن  الأنبا بولا أسقف طنطا و توابعها

التقى به رجال الإكليروس بإكرام جزيل وسرور وكان معهم الحاكم الذي كان قد هدأ غضبه، وربما حزن على ترك أماتور الأسقفية. وقف الأسقف أماتور يتحدث فقال للإكليروس، إني أقدم لكم نبأ سماويًا يفرح قلوبكم. لقد شاهدت رؤيا وعلمت أن قلب جرمانيوس كقلب الله، إنه سيكون خليفتي على كرسي الأسقفية.

دهش الجميع لما قاله الأسقف…

صلى الأسقف على رأس الحاكم وسامه كاهنًا، وكان الكل متحيرًا لما يحدث. أما جرمانيوس فكانت الدموع تتسلل من عينيه وقد صمت لسانه تمامًا.

عاد الحاكم إلى بيته يروي لزوجته ما حدث، فشكرت الله وسبحته، وانفصلت عنه ليعيشا في حياة البتولية.

بعد قليل تنيح الأسقف أماتور، وأختير الكاهن جرمانيوس أسقفًا، وكان ذلك في عام 418م. وأدى اختياره لهذه الكرامة إلى إحساسه العميق بالمسئولية، فترك كل تعلق بالماديات، وصار مضيفًا للغرباء وغاسلاً أرجل الفقراء ومطعمًا إياهم بينما يظل هو صائمًا. وبنى بالقرب من المدينة ديرًا على اسم القديسين قزمان ودميان، ورمم كنائس المدينة.

نسكه

بعد سيامته امتنع عن أكل خبز القمح، بل كان يطحن الشعير ويعجنه بنفسه، كما امتنع عن استخدام الزيت. اختار ثيابٍا رخيصة للغاية، وكان يقول: “ينبغي على الأسقف أن يحصل على اعتبار الناس لا بحسن ثيابه بل بسمو فضائله”. كثيرًا ما كان يلبس المسوح، ويوزع ثيابه على الفقراء العُراة.

في ذلك الوقت عانت الكنيسة في إنجلترا من بدعة ظهرت هناك، وهى بدعة بيلاجيوس Pelagius الذي أنكر الخطية الجدية وأهمية عمل النعمة لخلاص الإنسان. اختير القديس جرمانيوس مع القديس لوباس Lupus للذهاب إلى هناك سنة 429م لمقاومة هذه البدعة. وبعد معاناة في السفر وصلا إلى هناك، وذاع صيتهما ومعجزاتهما، وثبتا الإيمان، وأعادا الكثير من الهراطقة إلى الإيمان السليم، بعد أن عقدا مناظره معهم وأفحماهم بقوة رداهم إلى الإيمان الإنجيلي. وبعد انتهاء مهمتهما عادا كل واحد إلى مقر خدمته.

هل تبحث عن  الشهداء الأسقف سابينوس ورفقاؤه

ومن إشفاقه على شعبه انه طلب إلى الحاكم – الذي كان قد شفى زوجته – أن يعفيهم من الضرائب التي كانت تثقل كاهلهم، فأجابه إلى طلبه.

في سنة 440م عادت البيلاجية للظهور مرة أخرى في بريطانيا، فطلبوا من القديس أن يرجع مرة أخرى إلى هناك، فقضى على الهرطقة بالتعليم السليم وعمل المعجزات حتى رد كل الهراطقة إلى الإيمان. وإذ علم أنه لا يمكن تثبيت الإيمان والقضاء على الجهل ما لم يتم تعليم رجال الدين أولاً، أسس معاهد دينية لتعليمهم الإيمان السليم.

معجزاته

من أجل محبته لله ولشعبه وهبه الله صنع الآيات والعجائب أينما حلّ.

مما يُحكى عنه أنه في زيارته الأولى لبريطانيا تعرضت البلاد لغزو الأعداء، فدعاه أهل البلاد للحضور إلى معسكرهم للتبرك بوجوده وبصلواته. فأجابهم إلى طلبهم، وعمل في أثناء ذلك على دعوة غير المؤمنين إلى المسيحية حتى تعمد الكثير منهم، وبنوا كنيسة احتفل فيها الجيش كله بعيد القيامة. وبعد العيد إذ أراد تجنيبهم سفك الدماء، قاد الجيش إلى وادٍ بين جبلين عاليين وطلب إليهم عند إشارته أن يصرخوا بصوت عالِ “هلليلويا”، فظن الغزاة حين سمعوا صدى الصوت يرن بين الجبلين انهم محاطون بجيشٍ عظيم، فرموا أسلحتهم وفروا هاربين.

يروي عنه أيضًا أن رسولاً جاء إليه من بريطانيا يطلب منه باسم الشعب أن يشفع فيهم لدى الإمبراطور، لأنهم ثاروا ضده فأرسل وكيله أيسيوس أحد قواده العنفاء مع جنده للانتقام. أسرع الأسقف بالسفر، والتقى بالقائد، وطلب منه أن يترفق بالشعب فرفض. أمسك الأسقف بعنان جواده وضبطه، فتعجب القائد من شجاعته، وتعهد ألا ينتقم من الشعب حتى يذهب الأسقف إلى الإمبراطور ويطلب العفو عن الشعب. بالفعل ذهب الأسقف إلى إيطاليا. نزل في بيت كاهنٍ صديق له، فقدم له ابنة خرساء دهنها بالزيت بعد أن صلى عليها فانفتح لسانها. وفي طريقه أيضًا التقى بشيخ يحمل حملاً ثقيلاً يريد عبور النهر. فحمل عنه ما لديه وعبر به ثم عاد وحمل الشيخ نفسه وعبر به، مع أن الأسقف كان قد طعن في السن وضعف جسده جدًا بسبب تقشفه. أخيرًا إذ وصل إلى رافينا التقى به أسقفها بطرس خريزلوغوس، كما استقبله الملك فالنتينيان الثالث والملكة أمه غالا بلاسيديا بإكرام جزيل. وُهب له أن يقيم ابن كاتب أسرار الملك الذي سقط في النار ومات. قبل الملك شفاعة الأسقف وعفا عن أهل بريطانيا. قيل أيضًا أنه مرّ بجوار السجن فصرخ الذين فيه يطلبون افتقادهم. خشي الحراس أن يطلب منهم أن يفتح أبواب السجن، فأغلقوا الأبواب وهربوا، أما هو فرفع الباب بيده فانفتح. جلس مع المسجونين وتحدث معهم ثم أخذهم معه إلى الملك، وشفع فيهم فعفا الملك عنه.

هل تبحث عن  ستخضع له كافة الأمم، لأنه للمسيح تنحني كل ركب

حينئذ قال للأساقفة الذين معه أن وقت انحلاله قد حضر، وطلب من الملكة التي كانت تهتم بصحته أن تنقل جسده إلى مدينته. وبالفعل تنيح هذا القديس في 31 يوليو سنة 448م، وكان عمره سبعين سنة.

Butler, August 3.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي