«إلهُنَا الذي نعبدُهُ يستطيع أن يُنجينا من أتون النار المتقدة،
وأن يُنقذنا من يدك أيها الملك»
( دانيال 3: 17 )
إن اليهود الثلاثة؛ شَدرخ وميشخ وعبدنغو، وقد أدركوا أن المعركة أصبحت معركة الرب، فقد بقوا في هدوء تام في حضرة الملك الحانق. والإيمان بالله يُمكِّنهم من أن يقولوا للملك: «يا نبوخـذنصَّـر لا يلزَمنا أن نُجيبَك عن هذا الأمر» (ع١٦). فبالنسبة لهم كانت الأمور واضحة لا تقبل المُساومـة. فالإنسان الطبيعي يقول: ”إنه أمر واحد بسيط يطلبه الملك؛ وما عليك فقط إلا أن تنحني مرة واحدة أمام هذا التمثال، وينتهي الأمر فورًا في لحظة، وعندئذ تُصبح حُـرًا؛ ولست في حاجة أن تنحني له في قلبك. إنها أوامر رسمية إلى حدٍ كبير، وببساطة، إنها مسألة طاعة للملك“. لكن الإيمان لا يعقل الأمر هكذا؛ فالإيمان يُطيع الله، ويرى بوضوح أنها مسألة اختيار: الله أم الملك؟ وهذا يحسم الأمر؛ وبدون أي جدال بينهم، فإنهم يُعطون جوابهم.
إن الكلمات الأولى في إجابتهم للملك: «هوذا يوجَد إلهُنَا الذي نعبدُهُ»، تكشف عن سر ثقتهم هذه. فلقد عرفوا الله، وبذا أمكنهم أن يقولوا: ”إلَهُنَا“. إن المعرفة الحقيقية لله هي السر وراء القوة أمام الناس. علاوة على ذلك، فمهما كان عُظم المركز الذي يتقلَّدونه أمام البشر، فإنهم لا زالوا ”يعبدون (يخدمون)“ الله. لقد تحدَّى الملك الله بقوله: «مَن هو الإله الذي يُنقذكم من يديَّ؟» (ع15)، وبهدوء عظيم قَبِل هؤلاء الرجال المؤمنون التحدِّي، وبثقة الإيمان أجابوا: «إِلَهُنَا … يستطيع أن يُنجِّينا من أتون النار المتَّقدة»، بل وأكثر من ذلك «وأن يُنقذنا من يدِكَ أيُّها الملك» (ع17).
ولو أن الله سمح لهم أن يتجرَّعوا موت الاستشهاد، فإنهم مُستعدون أن يقبَلوا هذه المِحنة النارية كأسلوب الله للخلاص من يد الملك، عن كونهم يعصوا الله. فبالنسبة لهم المسألة ببساطة هي: طاعة الله أم الإنسان؟ ولا يزال بعينه هو السؤال الحقيقي بين المسيحيين وحكام العالم. فإن طاعة السُلطات القائمة هي ما تقودنا إليه كلمة الله الواضحة (رو١٣: ١؛ تي٣: ١؛ ١بط٢: ١٣-١٧). ولكن عندما تتعارض إرادة الإنسان مع كلمة الله، وتسعى لفرض هذه الإرادة على ضمائرنا، فحينئذٍ ينبغي أن يُطاع الله أكثر من الإنسان (أع٤: ١٩).
سيدي ماذا تريدْ؟
اهدني حيث تُريدْ إنني لست أريد
غيرَ فعلِ ما تُريدْ .