تدبير العناية للخلاص

تدبير العناية للخلاص

فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ طَارَ نَوْمُ الْمَلِكِ فَأَمَرَ بِأَنْ يُؤْتَى بِسِفْرِ ..
أَخْبَارِ الأَيَّامِ..فَقَالَ الْمَلِكُ:أَيَّةُ كَرَامَةٍ وَعَظَمَةٍ عُمِلَتْ لِمُرْدَخَاي؟

( أس 6: 1 – 6)




«في تلك الليلة» .. ويا لها من ليلة حزن ويأس على مردخاي وأصدقائه! ففي الصباح سيصلبه هامان على الخشبة. وكم ظهرت تلك الليلة طويلة لهامان الذي لم يكن ليطيق الانتظار حتى يرى مردخاي مُعلَّقًا على الخشبة التي أعدَّها له على مرأى من الجميع! ولذلك قام باكرًا جدًا في الصباح لكي يُتمم مأربه بكل سرعة. ولكن الله يتقدَّمه؛ ففي تلك الليلة يطير نوم الملك. ويعمل الملك في أرَقه عملاً يبدو غريبًا، فيطلب ”سفر تذكار أخبار الأيام“، ويجد فيه وصفًا لمؤامرة دُبرت لاغتياله واكتشفها مردخاي، ثم يسأل عن الجزاء الذي ناله مردخاي، ويعرف بأنه لم يُكافأ بشيء. ولنتصوَّر شعور الملك عندما عرف أن عملاً جليلاً كهذا مرَّ بدون تقدير، ولكن في هذا الأمر الذي نعتبره نكرانًا للجميل نرى يد الله عاملة فوق الجميع، فهو الذي سمح للملك بأن ينسى هذا الأمر، كما فعل في حالة يوسف ورئيس سُقاة فرعون الذي نسيه حتى يستخدمه لتتميم مقاصده في الوقت المعيَّن.

حينئذٍ يدخل هامان للملك ومعه الطلب بأن يرسل الضباط للقبض على مردخاي وصلبه على الخشبة، ولكن الملك يسبقه بالسؤال: «ماذا يُعمل لرجل يُسَر الملك بأن يُكرمه؟». ولا يوجد في ذهن هامان سوى شخص واحد يُسَرُّ الملك بأن يُكرمَهُ، وهو هامان، وعلى ذلك يطلب كل شيء ما عدا عرش المملكة: «اللباس السُّلطاني الذي يَلبسُهُ الملك … الفرس الذي يركبه الملك … وتاج المُلك الذي يوضع على رأسه … فقال الملك لهامان: أسرع وخُذ اللباس والفرس كما تكلمت، وافعل هكذا لمردخاي اليهودي الجالس في باب الملك. لا يسقط شيءٌ من جميع ما قُلته» (ع8-10).

هل تبحث عن  التلاميذ الأولين

لا شك أن هامان شك في حواسه، وتصوَّر أن سمعه قد خانه، لأنه كيف أن الشخص الذي أعدَّ له ذلك الموت المُخزي يُجعَل ثانيًا في المملكة؟ إنها فكرة تذهل العقل ولا يمكن أن تُحتمل!! ولكن كلام الملك هو: «أسرع … لا يسقط شيءٌ من جميع ما قُلته».

مرارًا وتكرارًا يترك الرب العدو لينتصر على شعبه ـ حسب الظاهر ـ حتى يتصوَّر أنهم في قبضته ولا تستطيع قوة أن تخلّصهم من يده، وحينئذٍ يتقدم الله في الوقت المعيَّن، ويقلب خطط العدو رأسًا على عقب، ويُخلّص شعبه بطريقة تليق به. له كل المجد.
عندما تتحوَّل فرضًا دينيًا!
.

.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي