admin
نشر منذ سنتين
4
نَحَمْيَا النبي

نَحَمْيَا النبي ودروس من حياته

دروس من حياته
– إن الخطوة الأولى في أي عمل هي الصلاة: في كل العصور، يحتاج شعب الله إلى من يصلي لأجله. وكان نحميا رجل صلاة وذلك كان سرّ نجاحه، ليس لأنه عرف ما يصلي لأجله فحسب، وإنما لأنه حمل اهتماما شخصيا لشعبه الذي انحل روحيًا، وشعر بالدعوة لخدمته فكان يحمل بالحب أثقال الشعب في قلبه، ليلقي بها عند قدمي الله. وبالرغم من ان حياته كانت في القصر، لكن قلبه كان مع شعبه المتألم، فما كان يشغله بالأكثر ليس بناء سور حجري وإقامة أبواب ومتاريس، بل بناء شعب الله وإحياءهم من حالة الموت التي حطمتهم تمامًا! فهو لم يفصل بين خير الشعب وخير المدينة وحالها، فالاثنان هما جانبان لحقيقة واحدة. لذا حين سمع نحميا بحال أورشليم واكتشف خطورة الأمر، ووسط الشعور بالعجز التام، وضع على عاتقه أن يتعهده، لا بالجدال والحوار، ولا بالاعتزاز بقدرته وحكمته، وإنما بتقديمه لله الذي من اختصاصه حلّ المعضلات! كان موقف نحميا واضحًا أمام نفسه، فإنه لم يرد الدخول في معاركٍ، ولا أن يضع خططًا معينة، بل يقدم الأمر بقلبٍ منكسرٍ أمام الله، فهو يعلم أن الله قريب من منكسري القلوب. فجلس مع نفسه وناح وصام وصلى لله، مقدما لنا نموذجًا رائعًا لحياة الصلاة ومعلنا المفهوم الحقيقي لها في ظروف قاسية: فيفتتح صلاته بالاعتراف بخطايا الشعب كله، حاسبًا نفسه عضوًا في الشعب، مشتركًا معهم في خطاياهم. يذّكّر الله بوعوده الإلهية، ويختتمها بطلبة شخصية أن يعطيه الرب نعمة في عيني الملك، لا لأجل نفع خاص به، وإنما لمجد الله وبنيان الشعب (11,5:1). اضافة الى صلواته لمدة طويلة من أجل الضيقة التي حلت بشعب الله، كان يمارس صلوات قصيرة وآنية بثقة طوال اليوم في كل وقت وتحت كل ظرف يمر فيه، وردّاً على كل ما كان يواجهه من صعوبات ومقاومة (نح 31,29,22,14:13 ; 9:6 ; 19:5 ; 9,5:4 ; 4:2)… وما احوج كنيسة المسيح في كل وقت وكل مكان الى مؤمنين من أمثال نحميا، يشعرون بألم أعضائها ويتألمون لألمهم، ويعرفون كيف يسكبون قلوبهم أمام الله من اجلها، لتتمكن من مواجهة كل الظروف والاخطار التي تمرّ فيها، فمازالت الصلاة هي قوة الله العظيمة في حل المشاكل الآن، والصلاة والعمل فعلان لا ينفصلان، فعن طريق الصلاة يرشد الله استعداداتنا وفريق العمل فينا، والجهود المخلصة لاتمام مشيئته.

هل تبحث عن  مريم أو بحر المر (يو19: 25)

– يستطيع الشعب تحت إرشاد الله أن ينجزوا المهام المستحيلة: عبر كل العصور لا يكف عدو الخير عن تعيير الله على لسان أتباعه المتكبرين والجهال وعبدة الأصنام، حيث يوجهون التعيير للمؤمنين. ومع كل عمل صالح من قبل الله نجد مقاومة من قبل عدو الخير، محاولا تثبيط الهمم وبث روح اليأس، حتى لا يُقْدم المؤمن على العمل، وإن بدأ العمل ييأس ويتوقف، ذلك ما كان يحدث مع نحميا، ففي كل خطوة كان يتحركها للعمل، يتحرك عدو الخير أيضًا بوسيلة أو أخرى ليبطل العمل، وكان نحميا على علم بهذه التحركات المخّربة. ولكن لان مبدأه كان دائما التوجه بالقلب واللسان نحو الله، لطلب مشورته والعمل لحساب ملكوته، فلم يكن رد فعل نحميا بالهروب من المعركة، أو التوقف عن العمل، ولم يرد السخرية بالسخرية، ولا النقد بالنقد. لم يمل أذنيه إلى كلمات الأعداء، ولم يشغل فكر الشعب بمقاومتهم ليردّ الشر بالشر، إنما كان يسندهم للعمل بقوة وبروح لا تُقهر ملتجئاً الى صاحب الكرم نفسه، ورافعا قلبه إلى إله السماء الذي دعاه للعمل. إذ حسب نحميا أن هذه الجريمة التي يرتكبها الأعداء ليست ضد المدينة وسورها وحجارتها، بل ضد الشعب نفسه. فوقف يطلب باسمه وباسم كل العاملين أن يتدخل الله ليُبطل قوات الظلمة المقاومة للحق الإلهي… وفي جيلنا مثلما في كل جيل، يوجد من يكرهون شعب الله ويحاولون الوقوف ضد مقاصده، فعندما تحاول القيام بعمل الله، قد تتعرض للهجوم او المقاومة او السخرية، او قد تتولد هناك ضغوط تدعو الى الاحباط، حتى يبدوا العمل مستحيلا لايمكن انجازه، والعلاج الوحيد لذلك هو كما فعل نحميا، الاتكال على الله والنظر الى مواعيده من خلال العمل تحت ارشاده والتغاضي عن الاساءات التي لامبرر لها، فالثقة من ان الله هو من وراء عملك هو افضل حافز لتقدمك في وجه المقاومة، والتحدث الى الله بما تشعر به، لكفيل بان يفتح قلبك وفكرك للحصول على القوة لمواصلة العمل.

هل تبحث عن  مديح القديس الشهيد مار جرجس الروماني

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي