معاناة أيّوب: البارّ المتألّم
قد يكون الألم ألمًا في الجسد أو النّفس أو المشاعر أو الرّوح أو في العلاقات على مستوى شخصيّ أو عائليّ أو إجتماعيّ أو وطنيّ أو كونيّ. إنّه ملازم لحياتنا اليوميّة. يكون الألم على مستويات، فالبعض منه عابرٌ، والبعض الآخر باقٍ مدى الحياة. ألم الجسد لا يوازي قلبًا منكسرًا، وإنكسارُ القلب قليل إزاء إنهزام الإنسان أمام الألم. تحدث أمور مريعة وأشياء لا نستحقّها وأمور تخالف المنطق. لذلك قد يبدو الله غير عادل بالنسبة إلينا إذ لا يقدّم لنا “أجوبة” تشرح لنا الحقيقة المرّة.
يخصّص الكتاب المقدّس سفرًا كاملاً لمشكلة الألم. يتحدّث عن رجل إسمه أيّوب. يبدأ بمشهد يقدّم للقارئ خلفيّة آلام أيّوب ومعاناته. يستعمل الشيطان أيّوب من أجل إثبات فرضيّته القائلة: “إذا جُرّد الإنسان من كلّ شيء سيفقد إيمانه وتقواه”. كان أيّوب رجلاً مستقيمًا وبلا عيب. ثمّ نزلت عليه كلّ أنواع المصائب والنكبات. قام اللّصوص باقتحام حقوله، وسُلِبَت مواشيه وقُتِلت، وقُتل غلمانه، وانهار المنزل على أبنائه وبناته وقُتلوا جميعًا. ضربه المرض، وغطّت البثور المؤلمة جسده كلّه. وفي كلّ هذا خضع لله صابرًا، حتّى إنّ زوجته سخرت منه، وقالت له “إلعن الله ومت”. ثمّ وصل الأصدقاء وجلسوا معه لأيّام يعزّونه في معاناته ويلومونه في الوقت نفسه، مبرّرين آلامه على أنّها عقابٌ على خطيئة ما، يتستّر عليها ويتظاهر بأنّه بارّ. وكلّما كانت الخطيئة كبيرة، كان العقاب أشدّ. واتّهموه بأنّه مراءٍ. كان يجب أن يعترف بخطيئته ويقبل عقابه، ليغفر الله له ويرفع عنه العقاب.