«هُوَذَا قُلْتُ إِنَّهُ …
يُرَدِّدُ يَدَهُ فَوْقَ الْمَوْضِعِ فَيَشْفِي الأَبْرَصَ!»
( 2ملوك 5: 11 )
ثم كان على نُعْمَان أن يعرف لا مركزه فقط، بل نجاسته أيضًا. لقد افتكر أن أليشع يردد يده فوق الموضع فيُشفى الأبرص. فكان ينتظر عملاً لا مجرََّد كلمة، غير عالِم أنه نجس. كان الكاهن في العهد القديم ينظر إلى المريض ليحكم إن كان أبرص أم لا، ولكن لا يلمسه إلا عندما يطهر. أما برص نُعْمَان فلا شك فيه، فلمْسُهُ قبل أن يطهر لم يكن إلا ليدنس النبي. فضلاً عن ذلك لو أمكنه أن يلمسه ثم يشفيه بهذه الطريقة، أما كان يُرجع بعض الفضل للنبي؟ أما إرساله إلى الأردن ليغتسل، فيُظهر أن الشفاء من الله مباشرةً، وأن الإنسان ليس له فضل في ذاته، وإنما يستطيع فقط أن يكون موصلاً لنعمة الله إلى الآخرين. وهكذا لا بد أن يكون كل المجد لله، ولا بد أن يتعلم نُعْمَان مركزه الحقيقي ونجاسته. وإننا لا نقرأ عن شخص استطاع أن يلمس الأبرص ويُبرئه إلا ذاك الذي هو ينبوع التطهير. وبعمله هذا كان يُرجع المجد لله لأن الذي يكرمه يُكرم الآب. أما أليشع وهو العبد لا الابن، المجرى لا النبع، الآلة لا العامل، فاستطاع أن يرشد، ولكنه لم يستطع أن يلمس.