وقد ذكرنا فى العدد السابق كيف قضى سنى طفولته فى هيكل الرب مع عالى الكاهن. وكيف أن هذه الفترة تركت تأثيرات عميقة فى حياته – لكن وجوده فى الهيكل لم يكن دائماً خالياً من الصعاب .. تعالَ وتتبع معى ماحدث مع هذا الصبى ….
صموئيل ومخاطر محيطة (1صم 2 :11 -17 )
كان الذين يعملون جنباً إلى جنب مع صموئيل (فى الهيكل) أشراراً جداً. ففى هيكل الرب كان بنو عالى يفعلون الشر (2: 20) حتى أن أباهم عالى قال لهم فى ع 32 «لماذا تعملون مثل هذه الأمور؟ لأنى أسمع بأموركم الخبيثة من جميع هذا الشعب» .
لم يجد صموئيل أتقياء حوله ولا أمثلة حسنة أمامه، علماً بأنه كان أصغر الجميع سناً، وهذا سبّب، بلا شك ضغطاً شديداً على نفسه. لكنى أتصوَّر أن صموئيل لم يسترسل فى التفكير فى الشرور التى يرتكبونها ولم يحاول حتى اصلاحهم إذ لم يكن هذا دوره. لكنه ازداد التصاقاً بالرب وتعلقاً به. لاشك أنه كان يقضى أوقاتاً طويلة يقرأ فى سفر الشريعة ويتعلم عن عظمة الله وقدرته وقداسته. كان يركز ذهنه فى فهم مطاليب الرب وعكف على دراسة شريعته.
صموئيل ودعوة غريبة (1صم 3 )
فى إحدى الليالى وبينما صموئيل نائم فى مكانه فى هيكل الرب إذا بصوت يُناديه باسمه «فقال هأنذا وقام مُسرعاً إلى عالى ظاناً أنه هو الذى ناداه فقال له : لم أدعُ إرجع واضطجع. فعاد ونام. وتكررت الدعوة لصموئيل مرتين، وفى كل مرة كان يذهب إلى عالى معتقداً أنه هو الداعى. لم يكن صموئيل قد سمع صوت الرب قبلاً ولا تكلم معه الرب سابقاً. كان لازال ادراكه محدوداً. لكنه تميز بصفات جميلة.
كان شخصاً نشيطاً – رغم صِغر سنه – ومستعداً للتحرك بمجرد أن يُنادَى عليه ورغم أن النداء جاءه وهو نائم إلا أنه لم يفضل النوم والراحة على تأدية واجبه فقد قام من مكانه وركض إلى عالى. ورغم تكرار الصوت فهو لم يمل من القيام فى كل مرة والذهاب إلى عالى. كان أميناً فى القليل. فدوره أن يُجيب على نداء عالى. ولم يكن يدرك أن هذا صوت الرب. لكن بقدر ادراكه تصرف – كان أميناً فى خدمته الصغيرة لعالى، لذا أقامه الرب على خدمة عظيمة له ولشعبه الكبير.
من الجانب الآخر : ماأطيب الرب معنا ويالطول أناته. فهو يتعامل معنا حسب قلبه الصالح. لقد جاء الرب بنفسه ووقف ودعا كالمرات الأولى صموئيل (3: 10). ألم تمل يارب من تكرار دعوتك له؟ ألا يوجد من تُرسله ليتكلم إلى صموئيل بالنيابة عنك؟ كلا. فلقد أراد الرب أن يتكلم مع صموئيل شخصياً ويُعلن له أفكاره. أخى الشاب. أليس أمراً مشجعاً لك أن الرب يقدم نفسه لك شخصياً ويريد أن يتحدث معك؟ إن ماحدث مع صموئيل يحدث معى ومعك كل يوم، فالرب لازال يقول «هأنذا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتى وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معى». إنه يشتاق أن يتحدث معك. يتخذ منك صديقاً له، ويخبرك بما عنده. وفى كل مرة تفتح كتابك المقدس وتقرأه بروح الصلاة والطاعة قائلاً : «تكلم لأن عبدك سامع» فهو سيتحدث معك حديثاً شيقاً. سيُخبرك بما يريده منك وسيمنحك القوة لتنفيذه. فقط كُن كصموئيل عبداً سامعاً مطيعاً.
صموئيل وامانة فريدة
أخبر الرب صموئيل بما هو مُزمع أن يعمله مع عالى وبيته بسبب شر أولاده. وتعلم صموئيل من هذا أن الرب قدوس ولايتساهل مع الشر أبداً، وفهم أن القضاء سيأتى على عالى لأنه لم يردع أولاده الأشرار. وعلى الرغم من أن كلام الرب هذا كان صعباً على صموئيل وربما أكبر من طاقة ادراكه كصبى إلا أن الرب قصد أن يعلّمه دروساً هامة حُفرت فى ذهنه وكيانه العمر كله.
خاف صموئيل أن يُخبر عالى بالرؤيا، وهذا أمر طبيعى والرب لم يكلفه بذلك. وماأطيب الرب !! إنه يعرف تماماً امكانياتنا وحدودها وماهو صعب علينا، لذا لايضع علينا حملاً أكبر من طاقتنا لكن عالى الكاهن ألزم صموئيل أن يحكى له كل شئ. فأخبره صموئيل بشجاعة بجميع كلام الرب ولم يُخفِ عنه. ألا تلاحظ معى أمانة صموئيل. فمع أنه كان خائفاً إلا أنه كان أميناً فلم يُخفِ شيئاً؟
هل نتعلم هذه الفضيلة، أن نكون أمناء ولا نُخفى شيئاً متى طُلب منا أن نقول الحق، حتى ولو كان الموقف صعباً علينا؟
«وكبر صموئيل وكان الرب معه ولم يدع شيئاً من جميع كلامه يسقط إلى الأرض» (1صموئيل 3: 19). صار الصبى رجلاً وقيل عنه: «وعرف جميع الشعب أنه قد أؤتمن صموئيل نبياً للرب» . أصدقائى … الرب لازال يبحث عن فتيان مُخلصين، نشطين، طائعين ليستخدمهم ويجعل منهم رجالاً عظماء. هل أنت منهم؟!