admin
نشر منذ سنتين
4
حزقيا والسياسة البشرية العقيمة

حزقيا والسياسة البشرية العقيمة
ويبدو أنها حكمة الله الدائمة ، أن يتركنا لنجرب جهدنا البشرى الخائب ، وسياسة الذكاء أو التحالف مع الأشرار أو مهادنتهم ، ومن الحق أن حزقيا لم يبدأ بالتحالف مع ملك آشور ، بل هذه كانت التركة التى خلفها له أبوه ، الذى كان يدفع الجزية لآشور ، وعندما اعتلى حزقيا العرش ضاق بهذا الوضع فاتفق مع الفلسطينيين والفينيقيين على أن يقوم جميعهم بالعصيان الشامل العام على آشور ، ووعدتهم مصر التى كانت فى ذلك الوقت دولة قوية بالمؤازرة والمعونة ، وقد تحمس الشعب اليهودى تحمساً بالغاً لهذا العصيان ، ولكن إشعياء لم يكن موافقاً على هذه الحركة إذا لم يكن مطمئناً إلى الاستناد إلى أية قوة غير قوة الله ، ولكن الحماس الوطنى غطى فى ذلك الوقت على صوت النبِى ، وقام الشعب بتحصين أورشليم حتى اضحت – كما قال أحدهم – أشبه بجبل طارق ، … فى هذا الوقت كان سنحاريب مشغولا بإخضاع الممالك الشرقية ، ولما تم إخضاعها تحول كالسيل الجارف ناحية الغرب ، فأخضع المدن الفلسطينية ، وعند عقرون التقى بجيش مصر فهزمه وأخذ يتحرك ناحية مدن يهوذا ، وأخذ يخضعها الواحدة تلو الأخرى ، ورأى حزقيا فشل سياسته ، فأرسل يعلن استعداده للتسليم بشروط الصلح ، ولندع سنحاريب نفسه يصف الموقف فيما جاء من كتاباته التى اكتشفها رجال الآثار فى أوائل هذا القرن : ” أما حزقيا ملك يهوذا الذى لم يركع أمام قدمى فقد حاصرت واستوليت على 46 مدينة من مدنه القوية وقصوره ومدنه الصغيرة كما سبيت 150 و 200 شخصاً من الأشخاص صغاراً وكباراً ذكوراً وإناثاً ، وحصلت على خيول وبغال وجمال وقطعان ماشية ، مما لا يحصى ولا يعد ، أما أورشليم عاصمته فقد بدت كالعصفور المحبوس فى قفص أمامى ، وقبل سنحاريب ما قدمه حزقيا ، وكان ثمناً فادحاً ، جعله يقشر الذهب الذى على أبواب الهيكل ليرد الغزو ، وتراجع سنحاريب ، ونحن لا نعلم لماذا سمح الله بتسليم مدن يهوذا ، ولكنه يبدو أنه أراد أن يلقن حزقيا الدرس الذى يحتاجه المؤمنون فى كل عصر وهو خطر التحالف مع الأشرار ، أو الاتكال على الجهـد البشرى الذى لا ينفع ، أو الدبلوماسية التى إن نجحت فإن نجاحها على الدوام ناقص مشوه مبتور ، ولا تستطيع أن تصل بالممسكين بها إلى بر الأمان والسلامة !! ..

هل تبحث عن  شخصيات كتابية نتعلم منها ( راحاب )

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي