تيطس والصداقة الوفية
تيطس والصداقة الوفية

يقول الرسول بولس فى رسالته إلى كورنثوس : « ولكن لما جئت إلى ترواس لأجل إنجيل المسيح وانفتح لى باب فى الرب ، لم تكن لى راحة فى روحى لأنى لم أجد تيطس أخى » ( 2 كو 2 : 12 ، 13 ) … « لكن اللّه الذى يعزى المتضعين عزانا بمجئ تيطس . وليس بمجيئه فقط بل أيضاً بالتعزية التى تعزى بها بسببكم وهو يخبرنا بشوقكم ونوحكم وغيرتكم لأجلى حتى إنى فرحت أكثر » ( 2 كو 7 : 6 ، 7 ) .. ومن هذين النصين نتبين مدى حاجة الرسول بولس إلى تيطس ، ومدى القلق الذى اكتنفه فى ترواس عندما غاب الشاب الصديق عنه ، ومدى التعزية التى وجدها عندما جاءه من كورنثوس يحمل الأخبار المعزية الطيبة … قيل إن أحد الملوك أهدى تابعاً له كأساً من ذهب ، وأعطى قبلة لآخر فحسد حامل الكأس صاحب القبلة ، لأن القبلة المعبرة عن صدق المحبة وعمقها ومجدها وجلالها ، لا يمكن أن تساويها كنوز العالم وثرواته وذهبه ، للنفس البشرية الخالدة العطشى للمعنويات والأدبيات والروحيات ، … وقد يكون من السهل تصور حاجة تيطس إلى بولس ، أو حاجة الأضعف إلى الأقوى ، والأصغر إلى الأكبر ، ولو أن تيطس هو القائل إنه فى أية مدينة من المدن ، كان يسعى إلى بولس ، ولم يجده ، ولهذا لم تكن له راحة فى روحه ، لبدا الكلام معقولا أو مقبولا ، أما أن يأتى الكلام من بولس ، ويبدو فيه بولس فى حاجة إلى تيطس ، فإن هذا هو الغريب ، … ولكن الأمر مع ذلك لا يدعو إلى العجب ، لأن النفوس الكبيرة العظيمة ، كلما كبرت واتسعت وعظمت ، كلما كانت فى حاجة أكثر إلى التجاوب النفسى مع الآخرين ، وليس أدل على ذلك من أن المسيح فى جثسيمانى كان فى حاجة إلى بطرس وابنى زبدى ليسهروا معه ولو إلى ساعة واحدة ، وكان الأمر نفسه بالنسبة لبولس الجياش العاطفة المترع الأحاسيس ، فقد كان فى حاجة – فى ضحك الحياة أو مأساتها – إلى من يقف معه متجاوباً مع ظروفه وأوضاعه ، على أساس قوله المعروف « فرحاً مع الفرحين وبكاء مع الباكين » ( رو 12 : 15 ) لقد تعزى بولس كثيراً وارتفعت روحه ، وكان أشبه بالغريق الذى طغت عليه أمواج الآلام والأحزان ، وإذا بيد رقيقة رفيقة تمسك به وتقوده إلى شاطئ الراحة والتعزية والفرح ، … كان فى وادى الاتضاع حيث واجه العداوات من داخل الكنيسة وخارجها ، وكثيراً ما كان يبدو واقفاً وظهره إلى الحائط ، وقد استبد به الضيق والحزن والتعب ، … ولكن اللّه الذى يشفق على المتضعين المجربين والمتعبين ، والذى سلموا أمورهم وأوضاعهم ليدى اللّه ، يرسل له التعزية فى رسالة طيبة وصديق محب .. وقد جاءه تيطس ببشارة طيبة عن الأحوال فى كورنثوس أثر الأزمة التى حكم فيها بولس بطرد الزانى من الكنيسة حتى يتوب ويرجع إلى اللّه ، وقد نفذت الكنيسة ما قاله بولس ، وعندما تاب الرجل قبلته الكنيسة أيضاً بتوجيه بولس ، وحمل تيطس أخباراً مشجعة عن مشاعر الكنيسة تجاه الرسول العظيم الذى كان رابضاً فى وادى الاتضاع ، واللّه دائماً يعزى المتضعين ، … بل إن مجرد مجئ تيطس إلى بولس كان رفعاً لنفسه المنحنية المتألمة المحزونة ، وكان هذا المجئ ، عند بولس ، أكثر من مجرد تلاق مع صديق محب أمين ، إذ هو مجئ اللّه نفسه إلى خادمه فى شخص تيطس للتقوية والتعزية ، … يوجد أناس لا يرون فى الصديق الوفى إلا مجرد إنسان ، . يرون تيطس ، ويسرون بتيطس ، ولا يرون على المسرح غير تيطس ، أما بولس فقد تغنى بالشكر للّه ، لأنه رأى اللّه يأتى إليه فى شخص تيطس ، .. كتب أحد الأصدقاء إلى صديق له كان يجتاز فى ظروف قاسية ، وامتلأت رسالته بالتقوية والتشجيع ، ورد عليه الصديق قائلا : « لقد كنت سعيداً بتسليم خطابك ، فقد كان لى بمثابة مجئ تيطس » … وأنا سعيد لأن العناية ترسل تيطس عن طريق البريد فى هذه الأيام !! .. أيها الأخ الصديق ، قد لا يكون من الضرورى أن تبذل جهداً خارقاً لمعونة الآخرين وتعزيتهم ، وقد لا يزيد الأمر عن كلمة طيبة أو تحية رقيقة ، أو ابتسامة حلوة ، أو تعزية مشجعة لإنسان يقف على الخط الفاصل بين النجاح والفشل،… والكلمة المشجعة تفعل ما هو أكثر من السحر ، إن جاز هذا التعبير ، فى نفس اليائس المنكوب!!.. إن كثيرين يحتاجون إلى روح تيطس فيك ، حتى تعمل على تعزية الآخرين !! ..

هل تبحث عن  الشهيد العظيم صاحب عيد الحب ابونا فلانتين تعالوا نعرف قصتة

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي