الخلاص في لحظة
الخلاص في لحظة

على أن الأمر أبلغ وأعمق، متى أدركنا أن خلاص اللص تم في لحظة واحدة، والخلاص في الأساس لقاء النفس مع المسيح وتسليم الحياة له، ولم يعلق السيد نفس اللص لحظات من الزمن طالت أو قصرت، بل أكد له أن اليوم لن ينقضي حتى يلتقي كلاهما في الفردوس، ولا حاجة إلى القول بأن المسيح لم يورد هنا أدنى إشارة إلى المطهر أو مكان راحة تستقر فيه النفس إلى يوم القيامة، وهنا لابد أن نشجب بقوة مزاعم السبتيين أو شهود يهوه الذين يزعمون أن النفس تنام إلى يوم القيامة، ثم تنهض ليبقى المؤمنون ويتلاشيء الأشرار، إن كلمة اليوم تقف في مواجهة هذه الضلالة وتقتلها قتلاً!… ولا يمكن أن تذهب النفس إلى مكان للتطهير، وتحتاج إلى الصلوات أو الشفاعات الكنسية أو ما أشبه، لكي تطير بعد ذلك إلى الفردوس، فقصة اللص التائب تقف في وجه هذا التفسير بكل قوة ووضوح!
والخلاص في لحظة هو التبرير الكامل للمذنب الآثم الذي حل المسيح محله، وأخذ مكانه في الموت والعقوبة، ومن المعروف أن المسيح مات على الصليب قبل اللصين، ولأجل ذلك لم تكسر ساقاه كما كسرت سيقان اللصين، وانتظر المسيح في الفردوس، اللص التائب الآتي إليه.
وتم كل هذا في لحظة عجيبة مذهلة دون أدنىشبهة أو تردد، وإذا كان هناك من فارق بين اللص وغيره من المؤمنين الذين يعيشون في صراع الحياة على الأرض، فهو أن التبرير والتقديس والتمجيد تمت جميعها في لحظة واحدة، أما في سائر المؤمنين فإن التبرير يتم في الحال بقبول السيد، ويصبح المؤمن بلمسة الحياة من المسيح،ابنًا وارثًا للحياة الأبدية، ومتمتعًا بالخلاص، ومضمونًا في السيد، إلى أن ينتهي إلى المجد! يقول الرسول يوحنا في مطلع إنجيله : «وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه الذين ولدوا ليس من دم لا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله» (يو 1 : 12 و 13)… ولعله من الطريف أن نذكر هنا أن أحد القسوس تعود أن يلتقي بضابط في جيش الخلاص، في سفرهما في عربة السكة الحديدية، وقد تعود الضابط أن يقول للقسيس : «هل أنت مخلص!؟ وصار الرجل ماذا يقول.. وسأل الأسقف مول : ماذا يكون جوابه لو كان في محله، وأجاب الأسقف وكان عالمًا متضلعًا، وقديسًا عظيمًا، يمكن أن أسأله ماذا تقصد بكلمة مخلص؟ أهي الكلمة Sotheis «سوزيس» والتي تشير إلى الماضي وتعني التبرير الذي تم دفعة واحدة بالولادة الجديدة، أم تقصد Sozomenos «سوزومنيس» وتشير إلى الحاضر في مكافحةالخطية والشر، أم تقصد الكلمة Sesosmenos «سوزوسمينس» وتشير إلى المستقبل عندما يعبر المؤمن إلى الأبدية سالمًا مضمونًا لن تعود تحيط به التجارب والمتاعب والآثام مرة أخرى، لقد عبر اللص في يوم واحد، وفي لحظة واحدة إلى حياة التبرير والتقديس والتمجيد.
صلى أحد القديسين لله وهو يقول إن النعمة التي أعطيتها للرسول بطرس أعظم مني، والإحسان الذي قدمته للرسول بولس أعلى من أن أصل إليه، وكل ما أرجوه أن تمنحني الرحمة التي أعطيتها للص التائب، وقال آخر : عندما تذهبون إلى السماء وتبحثون عن مكاني، فإني أقرب الناس إلى ليس بطرسأو بولس أو واحد من تلاميذ المسيح!! إن المكان الذي ستجدونني فيه هناك بجوار اللص الذي اتسع له غفران المسيح، وهو يصيح : «اذكرني يارب متى جئت في ملكوتك» وجاءه الجواب العظيم «الحق اقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس».

هل تبحث عن  أليصابات وآلام خرس زكريا

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي